أكدت منظمة العفو الدولية في تقرير لها أن سلطة اﻷسد تمارس عمليات هدم عشوائية للمباني المتضررة من الزلزال في حلب، ودون الالتفات إلى أدنى المعايير الخاصة بمراعاة حقوق السكان، مما يعرض الكثير منهم للتشريد، بعد أعوام من حملة القصف والحصار إبان احتلال شرقي المدينة.
وقال التقرير إن على سلطة اﻷسد ضمان الحق في السكن لقاطني المباني السكنية المتضررة من الزلزال في حلب، وسط مخاوف بشأن عمليات الهدم غير القانونية للمباني التي اعتبرت غير آمنة نتيجة لزلازل 6 فبراير/شباط، وتقارير عن وجود “عقبات بيروقراطية أمام أولئك الذين يسعون إلى إصلاح منازلهم المتضررة”.
وأضافت ديانا سمعان، الباحثة في الشؤون السورية في منظمة العفو: “مرت عدة أشهر منذ أن خسر آلاف الأشخاص في حلب منازلهم أو تضرّرت المباني التي يعيشون فيها خلال الزلازل، تقلقنا طريقة التعامل مع تدابير سلامة المباني لأنها قد تفاقم المصاعب التي يواجهها آلاف الناجين”.
وطالبت سلطة اﻷسد بـ”احترام حق الناس بالسكن اللائق، والتوقف عن هدم المباني السكنية من دون تقديم شرح وافٍ أو توفير إجراءات تقاضٍ سليمة”، مؤكدةً أن ذلك “انتهاك للقانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”، حيث أن “السلطات ملزمة بالتشاور مع السكان ومنحهم مهلة كافية ومعقولة وتعويضًا ماليًا وسكنًا بديلًا لضمان عدم تشريد أي شخص، قبل تنفيذ عمليات الهدم”.
وأجرت منظمة العفو الدولية بين أبريل/نيسان ويوليو/تموز 2023، مقابلات مع ثلاثة من العاملين في المجال الإنساني زاروا حلب بعد الزلازل، فضلًا عن ستة من السكان الذين يعيشون في مدينة حلب، وراجعت تقارير إعلامية وتقارير للأمم المتحدة، كما “تحقق مختبر أدلة الأزمات التابع للمنظمة من مقاطع فيديو لعمليات الهدم في حلب”.
وعانت حلب من أضرار واسعة النطاق قبل الزلزال بسبب حملة القصف التي شنتها قوات اﻷسد والقوات الروسية خلال الفترة بين 2012 و2016، حيث سيطرت في 2016 على شرق حلب، وهي منطقة كانت تسيطر عليها المعارضة سابقًا في المدينة، بعد إخضاع عشرات الآلاف من المدنيين للحصار والقصف، مما أدى إلى تهجيرهم قسرًا إلى شمال سوريا.
مخاوف بشأن عمليات هدم غير قانونية
في 20 فبراير/شباط 2023، صرَّح محافظ حلب أنَّ 13000 عائلة قد تضررت من جرّاء الزلازل، وأضاف أنه تمت معاينة 11,551 مبنى، وقد هُدم بعدها 220، متذرعًا بأسباب تتعلق بالسلامة العامة، وثمة 303 مبنى آخر قيد الهدم.
وتقول حكومة اﻷسد إنها ستهدم أي مبنى فورًا بعد تصنيفه من قبل لجنة هندسية شكلتها لتقييم السلامة الهيكلية لمبانٍ أخرى بالدرجة “الحمراء”، مما يعني أنه يشكل خطرًا على السلامة العامة، وبناءً عليه، يُطلب من السكان إخلاءه.
وتلقت منظمة العفو الدولية “معلومات من السكان والعاملين في المجال الإنساني تفيد أن هذه التقييمات قد لا تنفذ بدقة، وأن عمليات الهدم تنفذ في ظل غياب الإجراءات القانونية الواجبة والضمانات المطلوبة ضد عمليات الإخلاء القسري وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان”.
كما أكد عاملون في المجال الإنساني، فضلًا عن ثلاثة من السكان في إفادة إلى منظمة العفو الدولية أن العديد من هذه اللجان لم تجرِ سوى تقييمات بصرية تفتقر إلى التفاصيل الدقيقة المطلوبة لتحديد سلامة المبنى- وقد تؤدي إلى عمليات هدم غير مبررة، وأضافوا أيضًا أن السكان غير قادرين على الطعن في قرارات اللجان وغالبًا ما لا يمنحون الوقت الكافي لنقل حاجياتهم.
وأبلغ السكان منظمة العفو الدولية أنه في الكثير من الحالات، لا يحصل الأشخاص الذين هدمت منازلهم بسبب اعتبارها غير آمنة للسكن على سكن بديل أو تعويض، وهذا أيضًا مصدر قلق خاص لأن الأمم المتحدة ذكرت في أبريل/نيسان أن الحكومة أغلقت غالبية الملاجئ المؤقتة التي كانت تستخدم لتوفير أماكن إقامة طارئة للأشخاص الذين خسروا منازلهم في الزلازل.
عقبات تواجه أعمال التصليح
يؤكد السكان الذين تضررت منازلهم من جراء الزلازل أن سلطة اﻷسد تقاعست عن إخبارهم عن كيفية الاتصال باللجان المسؤولة للاستفسار عن سلامة منازلهم، وبالإضافة إلى عدم تلقي أي دعم مالي من لإصلاح المنازل المتضررة، طلبت منهم أيضًا تصاريح، كان من الصعب الحصول عليها، لإعادة تأهيل المباني السكنية.
ويصعب بشكل خاص الحصول على هذه التصاريح لإصلاح المباني المشيدة بطريقة غير نظامية، والتي تشكل غالبية المباني التي تضررت من الزلازل، ووفقًا لتقرير نشرته مجموعة الأزمات الدولية في 2022، فإنه “فقط أولئك الذين لديهم حظوة لدى السلطة- قوات الأمن وعناصر الميليشيات- يمكنهم الحصول على إذن غير رسمي لإجراء إصلاحات”.