سلّط تقرير الضوء على الأوضاع الإنسانية والطبية في شمال غربي سوريا، وذلك بعد الزلزال المدّمر الذي ضرب سوريا وتركيا في السادس من شباط الماضي.
وفي مقال بعنوان “سوريا بعد الزلزال”، الذي نشرته مجلة “لانسيت” الطبية العامة البريطانية، أمس السبت، قال الكاتب “دانييل سكاييل”، إن الأوضاع في شمال غربي سوريا مأساوية، خاصةً مع هجرة العديد من الأطباء، والنقص الحاد في الأدوية والمعدات الطبية، إضافة إلى الارتفاع الكبير في حالات الانتحار، بسبب أزمة في الصحة العقلية.
وأضاف “سكاييل”، أن العاملون في مجال الرعاية الصحية يُحاولون الحفاظ على نظام رعاية صحية فعال لـ 4.2 مليون شخص في شمال غربي سوريا، مشيراً إلى أن هذه المنطقة تعتمد على المساعدات الخارجية، وما زالت للتعرض للقصف من قبل سلطة الأسد وورسيا.
ونقل “سكاييل” عن جراح العظام الذي عمل في المستشفيات التي تعرّضت للهجوم 21 مرة من قبل سلطة الأسد وروسيا، الدكتور “منذر الخليل”، قوله: “بسبب استهداف سلطة الأسد للعاملين في مجال الرعاية الصحية، خلال ذروة الحرب، كان أخطر مكان في سوريا هو داخل المستشفى”.
وتابع “خليل”: “بالإضافة إلى ذلك التفجيرات والحرب، قبل الزلزال، كان هناك العديد من الفاشيات. وكان آخرها الكوليرا. ونادراً ما تتوفر الكهرباء أو المياه النظيفة. هناك عدد قليل من المتخصصين في الرعاية الصحية في هذه المناطق الآن. غادر العديد من الأطباء، وقُتل العديد منهم أثناء الحرب واعتقلت سلطة الأسد العديد منهم وعذبّتهم”.
وأشار إلى وفاة العديد من المدنيين في شمال غربي سوريا خلال الزلزال، لافتاً إلى أن 90% من الأهالي يعيشون تحت خط الفقر.
من جانبها، قامت المديرة التنفيذية لمنظمة “أطباء بلا حدود”، “ناتالي روبرتس”، بأربع جولات في سوريا، حيث قالت: “هناك قصة عن انتهاء الحرب وهو ليس كذلك”. أعتقد أن عامة الناس لا يعرفون أن هذه الحرب لا تزال نشطة وأن هناك نظام حكم فعالًا في شمال غرب سوريا، إن لم يكن مثالياً”.
بدوره، رشكّل رئيس مديرية “صحة إدلب”، “زهير قراط”، فريق أزمة بعد الزلزال، وذلك بالتنسيق مع “الدفاع المدني السوري”، والمنظمات غير الحكومية، ومديريات الصحة الأخرى، والذي أوضح أن إحدى الإيجابيات القليلة التي يراها بعد الزلزال هي أن المنظمة غير الحكومية تُنسق بشكل أفضل.
وأضاف: “لكن في المجمل، انتقلت الصورة من قاتمة إلى أسوأ، حيث وصلت العديد من فرق الدعم الدولية وتمكنت من الوصول إلى تركيا، لكن الأمر استغرق ثمانية أيام قبل السماح بدخول المساعدات الدولية إلى الشمال الغربي”.
واستطرد بالقول: “لدينا القليل من الرواتب والقليل جداً من الأدوية. في الغالب، يتعين على المرضى شراء الأدوية الخاصة بهم، وقد تكون الأدوية الموجودة في السوق السوداء تحمل علامة خاطئة أو قديمة. لدينا القليل جداً أيضاً من التخدير للعمليات الجراحية، وغالباً ما نضطر إلى الاعتماد على تلك التي عفا عليها الزمن”.
كما أخبر “قراط”، الكاتب “سكاييل” عن الحاجة إلى مركز لعلاج الأورام بالعلاج الإشعاعي، حيث قال: “إذا حصلنا على هذا، فلن نحتاج إلى تركيا أو أي دولة أخرى لإحالة المرضى إليها. لدينا أكثر من 3000 مريض بالسرطان ليس لديهم إمكانيات العلاج إلا إذا دفعوا تكاليف العلاج في تركيا. نحن نفقدهم كل يوم”.
وفي السادس من شباط الماضي، ضرب زلزال جنوبي تركيا وشمالي سوريا وعدة محافظات خاضعة لسيطرة سلطة الأسد، بلغت قوته 7.7 درجات على مقياس “ريختر”، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات ومئات الهزات الارتدادية.
وأسفر الزلزالان عن وفاة أكثر من 50 ألف شخصاً في تركيا، و2274 في شمال غربي سوريا، و1414 في مناطق سيطرة سلطة الأسد.