في مثل هذا اليوم من عام 2016 شهد اﻷتراك – ومعهم ملايين من السوريين – ست ساعاتٍ مفصليةً وداميةً، كانت عصيبةً على الكثيرين.
يقول اللاجئ السوري “محمد . ع” لحلب اليوم إنه عاش لحظاتٍ استثنائية شعر خلالها بمشاعر مختلطة عقب عودة أردوغان للإمساك بمقاليد الحكم، حيث تنفّس الصعداء حالُه حال الملايين.
يوضح اللاجئ محمد بأنه شعر باﻹعجاب تجاه النموذج التركي مع عودة رئيس البلاد للحكم بمساعدة شعبه، ووقوف اﻷتراك في وجه الدبابات ﻹحباط محاولة إدخال وطنهم في نفق الاستبداد والحكم العسكري.
لكنه شعر في المقابل باﻷسى على ما حلّ بالشعب السوري عندما وقف في وجه الدبابات، مقارناً بين الحالتين، ومتسائلاً؛ لماذا لم نحظَ بما حظي به اﻷتراك، حيث لم نستطع حتى مجرّد الوقوف بأرضنا والدفاع عن بلدنا أمام كل هذه الوحشية غير المسبوقة في التاريخ؟.
وكان عناصر من قوات الجيش في العاصمة التركية أنقرة ومدينة إسطنبول، قاموا بمحاولة فاشلة منتصف تموز/يوليو 2016، ليتبيّن أنهم يتبعون لتنظيم غولن”.
ورغم أن رئيس الاستخبارات السابق “هاكان فيدان” لعب دوراً أساسياً في إحباط العملية، عبر كشفه لها في وقت مبكر، فقد كان الدور الشعبي داعماً لتحركاته، وهو من وجّه الرئيس أردوغان لأن يطلب من الجماهير النزول للشوارع وإحباط العملية.
واندلعت احتجاجات شعبية عارمة في معظم الولايات التركية حينها، حيث توجهت حشود غفيرة نحو مقرّي البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، ومطار “أتاتورك” الدولي بإسطنبول، ومديريات الأمن بعدد من الولايات، مما اضطرّ آليات عسكرية تتبع للانقلابيين للانسحاب من محيط تلك المواقع.
ووقع في تلك الليلة نحو 251 قتيلاً من المواطنين، فيما أصيب ألفان و 196 آخرون، معظمهم من الشبان الذي واجهوا الآلات العسكرية بصدور عارية.
يؤكد الشاب السوري “عبد الرحيم. ح” أن تلك المشاهد الملحمية، جعلته يتمنّى لو أن ذلك حصل في بلده، عندما قامت ثلة من العسكر باستلام مقاليد الحكم بزعامة حافظ اﻷسد، وأدخلوا البلاد في نفق طويل من الظلم والفقر والطغيان.
وﻷن السوريين يعرفون جيداً ما معنى حكم العسكر، فقد شاركوا مع الشبان اﻷتراك في إحباط الانقلاب، وقاد أحدهم دبابةً للانقلابيين في إحدى الساحات.
ليست مشاعر التضامن وحدها من حرّكت السوريين في ذلك الوقت – يضيف عبد الرحيم – بل الخوف على مصيرهم، ومن أن تتكرّر ملاحقتهم على أيدي العسكر في بلد اللجوء.
وكان من المتوقع أن يقوم الانقلابيون حال فوزهم، بإعادة العلاقات والتنسيق مع سلطة اﻷسد ضدّ السوريين، حيث يقول “محمد” إن الله تعالى وحده من يعلم كيف كانت لتجري اﻷمور؛ سواءً بالنسبة للسوريين اللاجئين أو ما تبقى من المحرّر في الشمال السوري، وهذا ما جعل الملايين يتسمّرون أمام الشاشات حتى الصباح.
ويقارن الشاب السوري بين الوضع السيء للسوريين اليوم، مع وجود حكومة “تدعمهم” وبين ما كان يمكن أن يصل إليه سوء اﻷمور مع وجود الانقلابيين في سدة الحكم.
يعاني السوريون اليوم شروطاً صعبة، وإجراءات وتكاليف قانونيةً مرهقةً، مع التهديد المستمر بالترحيل، والذي يجري على قدم وساق وبشكل متصاعد، خصوصاً في الآونة الأخيرة.
أما بالنسبة للأتراك فإن الاقتصاد يواصل الصعود رغم تراجع سعر الصرف، وذلك مع الحفاظ على الديمقراطية التركية، وإبعاد الجيش عن إدارة شؤون البلاد، فعلى سبيل المثال أكد استطلاع Fortune 500 Turkey-2022، الذي يسبر أكبر 500 شركة في تركيا، الشهر الماضي، ارتفاع صافي مبيعات الشركات في عام 2022 بنسبة قياسية بلغت 148.7 في المائة مقارنة بالعام السابق، حيث وصل الرقم إلى ما يقرب من 8 تريليونات ليرة تركيّة.
إلى ذلك فقد حقّقت تركيا قفزات مهمة في مجال الصناعات العسكرية والطائرات المسيرة والسفن الحربية والسيارات الكهربائية، واستخراج النفط والغاز، ومختلف القطاعات الصناعية.