يُوافق اليوم الثلاثاء الذكرى السنوية الثالثة واﻷربعين لمجزرة سجن تدمر التي ارتكبها حافظ ورفعت اﻷسد بحق مئات المسجونين، ولا تزال في ذاكرة السوريين؛ كواحدة من بين 7 مجازر شهدها السجن، وواحدة من بين أبرز الفظائع والانتهاكات التي ارتكبها آل اﻷسد.
ووقعت الحادثة كانتقام من محاولة مزعومة لتصفية حافظ في الخامس والعشرين من حزيران في ذلك العام، ليقوم رفعت الأسد بواحدة من أبشع المجازر في العصر الحديث، حيث صبّ جام غضبه على أكثر من ألف معتقل لا ذنب لهم، ولا حول لهم ولاقوة، في السجن الذي شيّده الفرنسيون وسط الصحراء في ثلاثينيات القرن الماضي.
لا أحد حتى اليوم يعرف هوية الضحايا أو عددهم الدقيق أو مكان دفنهم، حيث قامت سرايا الدفاع برمي السجناء بالرصاص والقنابل اليدوية، ويروي الناجون مشاهد مروّعة لطريقة القتل الوحشية، حيث كانت الدماء تسيل من تحت أبواب الزنازين، وتتفاوت التقديرات حول عددهم بين الـ 600 شخص، والـ 1000 والـ 1200.
وبحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش” فإن “وحدات كوماندوز من سرايا الدفاع تحت قيادة رفعت الأسد، قتلت ما يقدر بنحو 1000 سجين أعزل، غالبيتهم من الإسلاميين، انتقاماً من محاولة اغتيال فاشلة ضدّ حافظ الأسد”، فيما ذكر ميشال سورا، الخبير السوري الذي اختطف وقُتل في لبنان عام 1985، في كتابه “الدولة المتوحشة”، أن تحليلاً أجرته الأجهزة الأمنية كشف أن عدد الضحايا بلغ 1181 ضحية.
وأبلغ أحد الناجين بأن عشر مروحيات من مطار المزة العسكري على متنها عشرات الجنود، وصلت لساحة السجن بعد أن جُمّع المعتقلون في الباحات وبدأ إطلاق الرصاص وقاذفات اللهب والقنابل اليدوية عليهم، باﻹضافة لاقتحام الزنازين، علماً أن معظم المسجونين متهمون بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وبقيت اﻷنباء حول تلك المجزرة طيّ الكتمان حتى اعتقل الأمن الأردني العنصر عيسى فياض وهو أحد المشاركين فيها عام 1981، في أعقاب محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأردني آنذاك، والتي كان حافظ اﻷسد يقف وراءها على اﻷرجح.
وكانت منظمات حقوقية قد وثقت سبع مجازر جماعية وقعت في السجن خلال أعوام 1980 و1981 و1982، وكان على السجناء أن ينظروا في اﻷرض عندما يتكلمون مع أحد عناصر الشرطة، كما تمّ فرض عصابة العين عليهم حتى في أثناء النوم بعد عام 1988، مع منع الحركة خلال النوم أيضاً، حيث تتم مراقبتهم بشكل دائم.
رفعت الأسد رمز للدموية واﻹجرام
يقترن اسم رفعت بمجارز مدينة حماة في عام 1982 التي أودت بحياة أكثر من 40 ألف شخص، فضلاً عن تدمير نحو ثلث المدينة، لكنه ضالع في عدة مجازر أخرى غيرها.
وتولّى رفعت قيادة قوات “سرايا الدفاع” التي تحوّلت لاحقاً إلى الفرقة الرابعة، وتواصل تعاظم نفوذه حتى حاول في عام 1984 الانقلاب على شقيقه حافظ.
وعندما باءت تلك المحاولة بالفشل سمح له اﻷخير بأن يغادر إلى أوروبا، بعد فتح خزينة الدولة له، ليُفرغها ويأخذ ما بحوزة الحكومة من مال ويتّجه إلى أوروبا ويؤسس هناك شركات ضخمة تعمل في العقارات في فرنسا وإسبانيا وبريطانيا.
وبعد إصدار محكمة فرنسية قراراً بمصادرة جميع ممتلكات رفعت الأسد في فرنسا، التي تبلغ قيمتها الإجمالية 90 مليون يورو، عاد إلى سوريا بعد الاتفاق مع بشار، وبالرغم من صدور مذكرة توقيف فرنسية بحقه، حيث أشارت صحيفة “لوموند” إلى أن علاقاته المباشرة بالاستخبارات الفرنسية مكنته من المغادرة بسلام.