كشف تقرير حقوقي وإنساني عن تفاقم خطير في عمليات تجارة البشر والتهريب، وتصاعد المخاطر المحيطة باللاجئين السوريين، عقب تشديد السلطات اللبنانية قيودها عليهم، والعودة للحديث عن عملية ترحيل جماعي لنحو مليون ونصف المليون شخص نحو مناطق سيطرة سلطة اﻷسد.
وذكر “مركز وصول لحقوق الإنسان” (ACHR) في تقرير نشره على موقعه اﻹلكتروني تحت عنوان “جرائم الاختطاف وتجارة البشر بعد ترحيل اللاجئين قسراً من لبنان”، أن اللاجئين السوريين هناك، يعانون من ظاهرة انتشار جرائم الاختطاف مقابل الفدية، في واقع بالغ التعقيد.
وقال إن فريقه الميداني رصد عدة حالات تعرّض فيها الضحايا، ومن ضمنهم النساء والأطفال، لأعمال تعذيب وإساءة معاملة خلال احتجازهم وحرمانهم من حريتهم على يد الجهات الخاطفة التي تستهدف مدنيين من اللاجئين السوريين، تطالب فيها أهالي الضحايا بدفع اﻷموال مقابل إطلاق سراح ذويهم.
وكانت حكومة تصريف اﻷعمال اللبنانية قد أرسلت وفداً من مسؤوليها إلى دمشق، منذ نحو عشرة أيام، لبحث إعادة إحياء خطة الترحيل التي تمّ الاتفاق عليها سابقاً، دون أن تتّضح معالم المرحلة القادمة، فيما فشل الرفض اﻷممي والدولي للمسعى اللبناني في طمأنة مخاوف اللاجئين السوريين، حيث بدأ العديد منهم بمحاولات الهجرة.
وبالعودة لتقرير ACHR فإن عصابات الاختطاف تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لاستدراج ضحاياها، عبر إيهامهم بتأمين مساعدة مرتبطة باللجوء إلى دول أوروبية في بعض الحالات، من أجل تنفيذ عملية الاختطاف وطلب فدية من ذوي الضحية لقاء الإفراج عنها.
ووثّق المركز بعض الحالات التي خضعت لعمليات الترحيل القسري خلال الحملة الأمنية التعسفية الأخيرة، والتي بدأت في نيسان/ أبريل 2023 من قبل السلطات اللبنانية بحق اللاجئين السوريين، وتعرض أصحابها إلى خطر الاختطاف من قبل تجار البشر من المهربين، حيث تركت السلطات اللبنانية بعض اللاجئين الذين تم ترحيلهم قسراً بطريقة عشوائية عبر معبر “المصنع” الحدودي في نقطة ما بعد الحدود اللبنانية وبالقرب من الحدود السورية، ما زاد من تعرّض حياتهم للخطر والابتزاز المالي من قبل تلك العصابات.
ويتعرّض معظم الضحايا للابتزاز في المناطق الحدودية، و”وفقاً لشهادات ومعلومات تلقاها ACHR يتعرض اللاجؤون الذين يتم احتجازهم وحرمانهم من حريتهم لأعمال عنف بشعة ووحشية، تشمل هذه الأعمال العنف الجسدي القاسي والاعتداءات الجنسية، بما في ذلك اغتصاب النساء، كما تعرض بعض الضحايا للقتل أو الاختفاء في حالة عدم قدرتهم على دفع الفدية المطلوبة”.
وأوضح التقرير أن المعاملة التي يتعرض لها الضحايا تتسم بالقسوة واللاإنسانية، حيث يتم تعذيبهم لتشديد المحنة وإرغام أقربائهم على سرعة دفع الفدية، وهو ما ساهمت الحملة الأمنية الأخيرة بمفاقمته، حيث تصاعدت حالات الابتزاز المالي عبر الحدود، وغالبية الضحايا هم اللاجؤون الذين يتم ترحيلهم إلى مصير غامض.
وكان ما لا يقل عن 82 شخصاً من اللاجئين المُرحّلين قد سلمتهم “الفرقة الرابعة” إلى مهربي البشر عبر الحدود، وذلك عبر نقطة معبر “وادي خالد” الحدودي شمالي لبنان، حيث تم تسليم الضحايا للمهربين بهدف استجرار مبالغ مادية منهم، وتُرك بعضهم الآخر ضمن الحدود السورية، وذلك خلال الحملة الأمنية في نيسان/أبريل الماضي، بحسب المصدر نفسه.
وذكر المركز أن العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، والسياسية في لبنان تعزز جرائم الاختطاف التي تحدث بحق اللاجئين السوريين، منوهاً بأن القضية معقدة بشكل كبير، لدرجة أنه لا تمكن تغطيتها في تقرير، مطالباً الحكومة اللبنانية بتعزيز التحقيق والملاحقة الجنائية في حالات الاختطاف والاحتجاز غير القانوني للاجئين.
يشار إلى أن الحكومة اللبنانية شدّدت خلال اﻷشهر الماضية إجراءاتها ضدّ اللاجئين السوريين، وفرضت بعض البلديات شروطاً صعبة للإقامة، فيما سيتم قريباً فرض دفع فواتير الكهرباء على المخيمات، فضلاً عن منع الأمم المتحدة من صرف مساعداتها بالدولار.