أكدت منظمة اليونيسيف أن 2.5 مليون طفل في تركيا و 3.7 ملايين طفل في سوريا ما زالوا يحتاجون لمساعدة إنسانية مستمرة، عقب الزلزالين اللذين وقعا في 6 شباط/ فبراير الماضي، وآلاف الهزات الارتدادية التي تبعتهما.
وأوضح بيان المنظمة أن الهزات دفعت أُسراً عديدة إلى ظروف شديدة الصعوبة وتركت العديد من الأطفال دون مأوى ودون إمكانية الحصول على الخدمات، بما في ذلك المياه المأمونة، والتعليم، والرعاية الطبية، كما زادت الأخطار التي يواجهها الأطفال المستضعفون في مجال الحماية.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل، والتي زارت البَلدين بعد بضعة أسابيع من وقوع الزلازل الأولى: “في أعقاب الزلازل، عانى الأطفال في كلي البلدين من مستوى لا يمكن تصوره من الخسائر والكمد”.
وأضافت أن الزلازل ضربت مناطق كانت تعيش فيها أسر عديدة مستضعفة أصلاً، وخسر الأطفال أسرهم وأحباءهم، وشهدوا بيوتهم ومدارسهم ومجتمعاتهم المحلية وهي تتدمر، و”حياتهم بأكملها تنقلب رأساً على عقب”.
ولفت بيان المنظمة إلى أن أسراً عديدة في المناطق المتأثرة كانت حتى قبل الزلازل الأخيرة تكافح للبقاء، ففي المناطق المتأثرة في الأراضي التركية، كانت معدلات الفقر بين الأطفال مرتفعة أصلاً، إذ يعيش هناك زهاء 40 بالمئة من الأسر دون خطر الفقر، بالمقارنة مع حوالي 32 بالمئة على المستوى الوطني.
وتُظهِر التقديرات أنه من دون توفير دعم محلي ودولي مستمر، بما في ذلك تحويلات نقدية لضمان إمكانية الحصول على التعليم، قد ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 50 بالمئة.
وفي الوقت الحالي، “يواجه الأطفال المستضعفون الذين يعيشون في المناطق الأشد تأثراً تهديدات، بما فيها العنف والزواج القسري والعمل القسري والتسرب من المدارس”.
وأكدت المنظمة تعطل تعليم زهاء أربعة ملايين من الأطفال الملتحقين بالمدارس، بما في ذلك أكثر من 350,000 طفل لاجئ ومهاجر، و”بينما حققت تركيا تقدماً في الحد من هذه الأخطار في السنوات الأخيرة، فقد تؤدي تأثيرات الزلازل إلى تراجع هذا العمل”.
وفي سوريا؛ “كان الأطفال يكافحون أصلاً بعد 12 سنة من الحرب، والتي أثّرت على كافة الهياكل الأساسية والخدمات العامة، وقد أدت الزلازل التي وقعت في شباط/ فبراير إلى مفاقمة هذا الوضع”.
وتسببت الهزات بأضرار إضافية للمدارس وخدمات الرعاية الصحية وغيرها من الهياكل الأساسية، وأدت الأضرار التي لحقت بالهياكل الأساسية للمياه والصرف الصحي إلى تعريض 6.5 ملايين شخص لمستوى مرتفع من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، بما فيها الكوليرا.
ومن المرجح أن يعاني ما يُقدر بـ 51,000 طفل دون سن الخامسة من مستويات متوسطة وشديدة من سوء التغذية الحاد الوخيم، وأن تحتاج 76,000 امرأة من النساء الحوامل والمرضعات علاجاً من سوء التغذية الحاد.
ويُقدّر أن تعليم 1.9 مليون طفل قد تعطل، إذ ما تزال مدارس عديدة تُستخدم لإيواء الناس الذين شرّدتهم الزلازل، وقد ظل العديد منهم يعيشون في ظروف شديدة الصعوبة على امتداد الأيام الـ 100 الماضية.
ويترافق ذلك مع “زيادة الإجهاد النفسي الناجم عن عدم معرفة هؤلاء الناس متى يتعين عليهم الانتقال من مأوى إلى آخر”، وتقول “راسل”: “إن الطريق نحو التعافي هو طريق طويل، وستحتاج الأسر إلى دعم مستمر”.
وبين أن التأثيرات الطويلة الأجل الناجمة عن الكارثة، بما فيها التصاعد الشديد في أسعار الأغذية والطاقة والذي يترافق مع خسارة سبل العيش وإمكانية الحصول على الخدمات؛ سيؤدي إلى دفع مئات آلاف الأطفال نحو فقر أعمق.
وبحسب المديرة التنفيذية لليونيسيف فإن هؤلاء الأطفال “سيظلون معرضين لمستوى عالٍ من خطر الاستغلال والإساءات، إلا إذا أولوينا الأولوية لتقديم المساعدات المالية والخدمات الأساسية لهم ولأسرهم في إطار خطة للتعافي المباشر والطويل الأجل”.
ودعا بيان اليونيسف المجتمع الدولي إلى إيلاء الأولوية لتحقيق تعافٍ مبكر محوره الأطفال، وضمان تلبية احتياجاتهم ضمن مخصصات التمويل، وتخصيص استثمارات لجهود التعافي مع التأكيد على “إعادة البناء على نحو أفضل مما كان قائماً أصلاً، وإقامة أنظمة أكثر قدرة على التحمل وأكثر شمولاً للجميع من أجل الفئات الأشد عرضة للتهميش”.
كما حثت المنظمة على تخصيص استثمار مستمر في مجالات رئيسية، بما في ذلك المساعدة المالية للأسر، وتوفير إمكانية الحصول على التعليم الجيد، وإمكانية الحصول على الدعم النفسي-الاجتماعي، لانتشال الأسر من الفقر ومنع حدوث نتائج سلبية من قبيل زواج الأطفال وعمالة الأطفال.