سلطت صحيفة “الغارديان” البريطانية الضوء على معاناة اﻷمهات وأطفالهن في مخيمات الاحتجاز التعسفي بشمال شرق سوريا، بسبب سياسات قوات سوريا الديمقراطية “قسد” والدول الغربية، حيث ذكرت قصصاً عن حياة عائلات أسترالية تمثل واقع معظم المحتجزين.
وتؤكد الأمهات الأستراليات المحاصرات مع عائلاتهن داخل “معسكرات الاعتقال الوحشية” في سوريا أنهن يائسات من إخراج أطفالهن، وخائفات من أن يتم انتزاعهم منهن أو يموتون.
وقالت إحدى الأمهات في مخيم للاحتجاز: “يرتجف الأطفال في كل مرة يرون فيها جندياً يحمل مسدساً.. وفي كل ليلة، عندما يسمع الأولاد صوت سيارة، لا يستطيعون النوم، خائفين من أن يُؤخذوا بعيداً عن والدتهم”.
ويوجد حوالي 40 أسترالياً؛ هم 10 نساء و 30 طفلاً، محتجزين داخل مخيم “روج” في شمال شرق سوريا، بالقرب من الحدود العراقية، وسط مخاوف من احتمال إبعاد الأولاد الأستراليين المحتجزين في سوريا قسراً عن عائلاتهم قريباً.
ويوضح “الصليب اﻷحمر” أن زوجات وأرامل وأطفال مقاتلي تنظيم الدولة القتلى أو المسجونين محتجزون في معسكر الاعتقال المزري منذ أكثر من ثلاث سنوات، في “ظروف رهيبة ووضع أمني متقلب للغاية”.
وتقيد قوات “قسد” الاتصالات داخل المخيم بشدة، لكن صحيفة The Guardian تحدثت مع أمهات داخله، وكذلك مع عائلات في أستراليا، وقال أحد المصادر: “منذ الزلزال الذي وقع في أوائل فبراير / شباط ، أثر على استقرار المخيم الذي كان بالفعل غير مستقر”.
وأضاف المصدر: “عندما يحدث أي حدث في العراق أو سوريا أو تركيا، فإنه يؤثر علينا بشكل كبير، إذا تم إغلاق أحد الطرق، فلن يكون لدينا المزيد من الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، وإذا تم إغلاق طريق آخر، فلن يكون لدينا ثمار، المرض منتشر والماء شحيح”.
وقد دأبت “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة والتي تدير مخيم “روج” على إخراج الأولاد منه بانتظام بمجرد بلوغهم 12 عاماً، ونقلهم إلى سجون البالغين، بحجة أنهم يشكلون خطراً أمنياً، لكن خبراء الأمم المتحدة حذروا من أن الأولاد الذين أُبعدوا من المخيم “قد يتعرضون للاختفاء القسري، ويخضعون للبيع والاستغلال والتعذيب”.
توفي أحد المراهقين الأستراليين، وهو “يوسف زهاب”، العام الماضي بعد انفصاله عن عائلته، حيث كان عمره 11 عاماً عندما تم تهريبه إلى سوريا، وتم إخبار فتيان أستراليين آخرين في وقت سابق من هذا العام أنهم يواجهون احتمال عزلهم.
تدهورت صحة الأطفال الأستراليين بشكل خطير خلال فصل الشتاء، ويوجد ضمن المجموعة الأسترالية فتاة تبلغ من العمر ثلاث سنوات تعاني من حالة شديدة في الصدر، ولكن لم يتم تشخيصها.
الشعور بعدم اليقين والترك في الظلام أمر قاتل
خلال فصل الشتاء، في الخيام في درجات حرارة دون الصفر، يتحول وجه إحداهن ويداها إلى اللون الأزرق بسبب نقص الأكسجين، وقد رُفض طلب عائلتها للحصول على علاج تكميلي بالأكسجين الطبي لمساعدتها على التنفس.
وهناك طفل آخر يبلغ من العمر 11 عاماً يعاني بشدة من الربو، وبسبب حقل النفط القريب ودرجات الحرارة دون الصفر، كاد أن يفقد حياته، كما يُظهر الأطفال الآخرون مظاهر نفسية تزداد سوءاً، بما في ذلك القلق الشديد والتبول في الفراش والأرق ونوبات الهلع، وفقاً للصحيفة.
وتقول إحدى اﻷمهات: “لدينا أطفال يعانون من إصابات بشظايا، وأطفال يعانون من التهابات شديدة غير معالجة لأن الأطباء لا يستطيعون العثور على السبب، طفل مصاب بكسر في الأنف غير معالج ويعاني الآن من صعوبة في التنفس”.
ووسط “بيئة سامة بالنسبة للأطفال عقلياً وجسدياً”، تشن قوات “قسد” مداهمات في منتصف الليل، بحثًا عن الفتيان لإبعادهم، أو عن نشطاء لاعتقالهم.
يشار إلى أن الدول الغربية ترفض استعادة مواطنيها المحتجزين بشمال شرق سوريا، فيما تحري عمليات إجلاء بسيطة للعائلات ويتم فصل اﻷطفال عن أمهاتهم اللواتي يتعرّضن غالباً للمحاكمة.