أبلغت المملكة العربية السعودية لجنة الحج العليا التابعة للائتلاف بإلغاء الاعتراف بالوثائق التي كانت تمنحها إياها سابقاً لصالح الحجاج السوريين، مما أثار المخاوف من إمكانية تسليم ملف الحج لسلطة اﻷسد.
وواجهت الكثير من السوريين الراغبين بأداء فريضة الحج خلال العام الحالي تعقيدات أثارت المخاوف من طبيعة توجه ونوايا السعودية في ظل السعي للتطبيع، وذلك بعد توقف الائتلاف عن إصدار جوازات سفر خاصة بالحجاج.
ويأتي ذلك مع انفتاح الرياض على اﻷسد حيث وصل وزير خارجيته “فيصل المقداد” إلى مدينة “جدّة” أمس اﻷربعاء في زيارة خاطفة، وأصدر الجانبان بياناً مشتركاً تضمن جملة من التعهدات بما في ذلك استعادة العلاقات الدبلوماسية.
وحُرم كثير من السوريين الراغبين بأداء الفريضة من سكان مناطق شمال غرب سوريا، من وثائق السفر الخاصة بالحجاج لهذا العام، وكانت الذريعة هي نفاد الأوراق ومستلزمات طابعة جواز السفر.
ونقل موقع “المدن” عن “مصادر خاصة” أن “المملكة العربية السعودية أبلغت لجنة الحج العليا التابعة للمعارضة السورية إيقاف اعترافها بالجوازات ووثائق السفر الصادرة عن الائتلاف للموسم الجديد”.
كما أكد المصدر “حصر الدخول إلى المملكة بالجوازات الصادرة عن الممثل القانوني للدولة السورية”، في إشارة إلى سلطة اﻷسد.
وكانت المملكة قد سحبت ملف الحج من سلطة اﻷسد، وجعلته تحت إشراف لجنة الحج العليا التابعة للائتلاف الوطني المعارض، منذ عام 2013، وذلك عقب قطع العلاقات الدبلوماسية.
إلغاء الاعتراف بوثائق المعارضة
أكدت المصادر أن المعارضة تلقت البلاغ مطلع عام 2023 الحالي، أي قبل بداية التسجيل لموسم الحج الجديد، إلا أنها “ظلت متكتمة على الخبر”، ما أدى إلى تفاقم مشكلة الجوازات بالنسبة للحجاج.
واضطر العديد منهم إلى دفع مبالغ مضاعفة مقابل الحصول على الجوازات من السفارات والقنصليات التابعة لسلطة اﻷسد، فيما اشترطت لجنة الحج العليا وجود جوازات سفر رسمية صادرة من دمشق، على خلاف ما كان متبعاً.
وسيؤدي ذلك إلى حرمان غالبية قاطني مناطق الشمال الغربي من الحج لعدم قدرتهم على تحصيل جوازات سفر من سلطة اﻷسد، وهو ما اعتُبر تمهيداً لإعادة ملف الحج إلى وزارة الأوقاف في دمشق، بعد عشر سنوات على سحبه منها.
وتمتّع الحجاج السوريون بتسهيلات خلال السنوات الماضية قدمتها الرياض من خلال السماح لحاملي الجوازات الصادرة عن الائتلاف الوطني بدخول المملكة وأداء فريضة الحج، بدون عراقيل.
واعتبر الباحث السياسي “درويش خليفة”، أن قرار إلغاء الاعتراف بوثائق الائتلاف صدر قبل التقارب السعودي مع الأسد والحديث عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين.
ورآى أن القرار يحمل أبعاداً أمنية خاصة بتسهيل حركة السوريين المتواجدين في المملكة وشرعية وجودهم، إضافة إلى حوادث تزوير الجوازات والغش التي يقع ضحيتها الحجاج السوريين سنوياً.
وأضاف: “يقارب عدد السوريين في المملكة المليون ونصف المليون سوري بحسب الإحصائيات الرسمية، شريحة كبيرة منهم لا يملكون أوراقاً صادرة عن مؤسسات الدولة المعترف بها قانونياً، الأمر الذي يصعّب تشريع وجودهم في السعودية وتسهيل عملهم وتنقلاتهم.
لكن “خليفة” أشار أيضاً إلى أن “ملف الحج مقدمة لتطور العلاقات السياسية بين الرياض وسلطة الأسد، وبوابة لافتتاح القنصلية في المملكة قبل الانتقال إلى مرحلة تبادل السفراء”.
وأكد أن هذه الخطوة و”رغم الغطاء والبعد القانوني الذي تحمله، إلا أنها تنذر ببداية حقبة جديدة بالعلاقة السعودية مع الائتلاف، قد تنتهي بسحب ملف الحج الذي يعتبر آخر الأوراق التي تربط المعارضة الرسمية مع الرياض، بدءاً من العام القادم.