يبحث العلماء في إمكانية إعادة تدوير الأنقاض من أجل بناء المباني المدمرة في سوريا بشكل أسرع بالاعتماد على المخلفات التي تشكلت جراء قصف قوات سلطة اﻷسد، والزلزال الذي ضرب المنطقة في شباط الماضي.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “ذا غارديان” البريطانية فإن الاختبارات تظهر أن الخرسانة المعاد تدويرها يمكن استخدامها بأمان في المباني الجديدة في البلاد التي ضربتها الحروب والزلزال، لكنها ما تزال بحاجة لمزيد من التجارب.
وقاد الدراسة البروفيسور “عبد القادر رشواني”، خبير الخرسانة من جامعة “الشام” الخاصة في ريف حلب الشمالي، حيث تم تدمير أكثر من 40% من المباني، وذلك بالتعاون مع فريق من الباحثين اﻷجانب.
نزح “رشواني” بسبب الحرب إلى “غازي عنتاب” جنوبي تركيا، واضطر إلى القيام برحلات يومية طويلة وصعبة إلى سوريا لإكمال العمل الميداني للمشروع.
وقال: “كان من واجبنا مساعدة الناس هناك، لقد احتاج الكثير من الناس إلى مساعدتنا، لذلك ذهبنا إلى هناك ونسينا كل العواقب السيئة، لقد بدأنا الآن بالذهاب إلى بعض المجالس المحلية ومساعدتها على وضع بعض الخطط للمستقبل”.
وأضاف بالقول: “يمكننا على الأقل محاولة جعل هذه المنطقة أكثر أماناً، ومنح الناس بعض الأمل”.
من جانبه قال الدكتور “ثيودور حنين”، من جامعة “شيفيلد” في إنجلترا، والذي كان أيضاً جزءاً من فريق البحث: “للأسف، خلفت الحرب العديد من المباني المدمرة، والآن بعد الزلزال، تضررت أو دمرت المزيد من المباني في الأجزاء الشمالية من البلاد”.
وأوضح أن إعادة التدوير ستوفر الكثير من تكاليف النقل لإحضار المواد الخام، حيث سيرغب الناس في إعادة بناء الأماكن التي دمرت، وعادةً ما يكون هذا المكان فيه أعلى تكلفة بسبب الركام، لكن إعادة التدوير ستمنحهم فرصة الاستفادة من ذلك الفتات.
واستخدم البحث المنشور في مجلة مختصة بمواد الهندسة المدنية، أنقاض المباني المدمرة في 10 مواقع في مدينة “الباب” شرقي حلب ومحيطها شمال سوريا، حيث تُصنع الخرسانة من الركام والرمل والأسمنت والماء.
بدأت عملية الاختبار بسحق الركام وإزالة أي فولاذ أو منسوجات ثم غسل الركام الناتج، حيث تحتوي المادة الدقيقة التي يتم غسلها على الرمل والأسمنت ويتم الآن دراسة هذا أيضاً لمعرفة ما إذا كان يمكن إعادة استخدامه.
تم استخدام ركام الخرسانة المعاد تدويره لاستبدال 50٪ من الركام العادي في صناعة الخرسانة الجديدة، ثم اختبار قوة الانضغاط والشد لهذا الخليط، وكذلك كمية الماء وثاني أكسيد الكربون والكلور التي يمتصها، حيث يمكن أن يشكل الغازان حمضاً يجلب الصدأ للفولاذ المستخدم في تقوية الخرسانة.
اجتازت الخرسانة التي تحتوي على الركام المعاد تدويره جميع الاختبارات وقال الباحثون إن البروتوكول الذي وضعوه يمكن استخدامه في بلدان أخرى لإعادة البناء من الحرب والكوارث الأخرى.
ويمكن أيضاً – بحسب الباحثين – استخدام الركام المعاد تدويره لملء حفر القنابل في الطرق وكأساس لها، حيث أظهر العلماء أن الركام الخرساني من المباني المدمرة في سوريا يمكن إعادة تدويره بأمان إلى خرسانة جديدة، مما سيجعل إعادة بناء البلد الذي ضربته الحرب أسرع وأرخص.
ويوجد في سوريا كمية هائلة من الأنقاض الخرسانية تقدر بنحو 40 مليون طن، والحاجز الرئيسي لإعادة تدوير هذه النفايات هو ضمان أن الخرسانة الجديدة قوية وآمنة مثل الخرسانة التقليدية.
لقد أثبت العلماء في سوريا والمملكة المتحدة وتركيا الآن، أن استخدام الخرسانة المعاد تدويرها لاستبدال نصف الركام في الخرسانة الجديدة لا يؤثر بشكل كبير على أداء المبنى.
وهذه هي المرة الأولى التي تثبت فيها سلامة الخرسانة التي يتم إنتاجها باستخدام أنقاض المباني، حيث تم إنتاج الخرسانة المعاد تدويرها من قبل في أماكن أخرى، ولكن الاختبار مطلوب في كل المناطق بسبب الاختلافات المحلية في كيفية صنع الخرسانة.