كشفت مصادر محلية عن تزايد في عمليات شراء العقارات لصالح إيران قرب العاصمة السورية دمشق، والتي تشهد اهتماماً خاصاً من قبل الميليشيات المرتبطة مع الحرس الثوري.
وبلغ عدد المنازل التي اشترتها ميليشيا “حركة النجباء” العراقية أو ما تعرف باسم “حزب الله العراقي” نحو 100 منزل سكني داخل مدينة “قدسيا” في ريف دمشق، حتى اليوم، وفقاً لموقع “صوت العاصمة“، الذي أكد أنّ الميليشيا تُجري عمليات الشراء لصالح أفرادها على أنهم مواطنون سوريون من أبناء محافظة دير الزور أو مناطق الشرق السوري.
وتحدث هذه العمليات عبر وسطاء وتجار سوريين، وتتركز في حي “الخياطين” على أطراف مدينة “قدسيا”، حيث استملكت الميليشيا نحو 50 عقاراً في الحي حتى نهاية العام 2022 الفائت، في حين توزعت باقي عمليات الشراء في المنطقة الواقعة بين ساحتي “الأمل” و”العمري” وأحياء متفرقة من المدينة.
سمسار سوري
قال مالك مكتب عقاري إنّ الوسيط لميليشيا “النجباء” المرتبطة مع الحرس الثوري هو المدعو “فيصل” الذي يُعرف نفسه بأنه “تاجر عقارات من مدينة دير الزور ويقوم بتأمين المنازل لزبائنه أو أقاربه”، مشيراً إلى أنّه في الحقيقة أحد عناصر الميليشيا، ويقوم بدفع “عمولات كبيرة” للمكاتب وسماسرة العقارات في المدينة، لكسبهم إلى جانبه في سوق العقارات في المنطقة وحتى لا يعرضوا أي منزل للبيع قبل عرضه عليه.
وذكر العديد من أصحاب العقارات المجاورة أنّ “فيصل” يقوم بإشغال العقار الذي يشتريه مباشرة بواسطة المالكين الجدد، على غير العرف الذي يمهل البائع مدة معينة تتراوح بين 15 يوماً وشهرين لمغادرة العقار، أو حتى الانتهاء من معاملة نقل الملكية، فيما بلغ السعر الوسطي لمنزل بمساحة 100 متر بين 200 و350 مليون ليرة سورية؛ بحسب موقعه وإطلالته ونوع الإكساء، وهو “ثمنها الحقيقي”.
ويقوم “فيصل” بدفع عمولة (كمسيون) مغرية لأصحاب المكاتب العقارية بأكثر من العمولة المتعارف عليها في السوق، والتي تبلغ عادة نسبة 1 أو 2 في المئة من قيمة العقار، كما أنّه والسماسرة المتعاونين معه بدأوا بتقديم عروض مغرية لشراء الأراضي الزراعية في منطقة بساتين “العراد” القريبة من حي “الخياطين” والتي تُطّل على طريق دمشق – بيروت القديم.
استغلال حاجة السكان
يُضطر أصحاب المنازل إلى البيع بسبب حاجتهم للمال، حيث يلجأ العديد منهم لتوفير قسم من ثمن المنزل وشراء منزل آخر في الأحياء المتطرفة أو منازل صغيرة نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وقلة من أصحاب المنازل اختاروا بيع منازلهم لمغادرة البلاد، بحسب المصدر نفسه.
ويؤكد تجار العقارات في المنطقة أن معظم البائعين ليسوا من سكان “قدسيا” الأصليين، وأنهم بالأصل اشتروا المنازل بغرض الاستثمار، وأتيحت لهم الفرصة حالياً لبيعها في ظل الركود الحاصل في سوق العقارات في دمشق وريفها.
ويعمل السكان الجدد التابعون إلى الحرس الثوري بشكل شبه دائم على تجهيز سلل غذائية وتوزيعها على العوائل الفقيرة في المدينة بهدف التقرب منهم، كما يساهمون في التبرع لصالح مشاريع خدمية في الأحياء التي يسكنوها وينظمون حملات شعبية لمساعدة المجلس المحلي.
مخاوف من النوايا
عبّر الأهالي عن مخاوفهم من العلاقات الودية التي يبنيها عناصر “حركة النجباء” وعوائلهم مع الجيران، والتي “ستغير من ديموغرافية المنطقة والتركيبة السكانية للمدينة”، حيث يعمل الجيران الجدد على تقديم عروض لشراء منازل جيرانهم وترغيبهم في بيعها، إضافة لمخاوفهم من علاقات عناصر الميليشيا العراقية بالأجهزة الأمنية للنظام.
وأكد المصدر دخول وفد من المعممين الشيعة المحسوبين على “حركة النجباء” العراقية إلى مدينة “قدسيا” في التاسع من تشرين الأول الماضي في زيارة استمرت لثلاثة أيام، حيث قالوا خلال اجتماعهم مع الوجهاء إن قدومهم إلى المدينة، يأتي بهدف إعطاء دروس دينية لإتباع الطائفة، بالرغم من عدم وجودهم في المدينة.
وكشفت مصادر خاصة أنّ المعممين عقدوا خلال زيارتهم حلقات دينية في منازل، ضمّت كل حلقة عشرة أشخاص تقريباً، تركزت في حي “الخياطين”، وذلك بأوامر مباشرة من قيادة الميليشيا، ضمن مشروع لنشر التشييع “على غرار ما يجري في محافظات سورية أخرى”.
يشار إلى أن الحرس الثوري يولي أهمية لنشر التشيع في المنطقة الشرقية من سوريا، على التوازي مع العاصمة دمشق، فضلاً عن منطقة حلب.