بعث رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب اﻷمريكي “مايكل ماكول” برسالة إلى وزير الخارجية “أنطوني بلينكين”، دعاه فيها إلى تعديل سياسة الحكومة تجاه سوريا، محذراً من استمرارها على النهج الحالي عبر تقديم دعم مالي لإعادة تأهيل مناطق سيطرة نظام اﻷسد.
وأعرب “ماكول” في رسالته، عن “قلقه الشديد” من سياسة إدارة “جو بايدن” تجاه سوريا، مؤكداً على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لضمان تسليم المساعدات اﻹنسانية بطريقة “تتفق مع سياسة الولايات المتحدة طويلة الأمد”، و”معارضة تمويل التنمية وإعادة الإعمار في مناطق سيطرة النظام”.
ولفت إلى أن وكالات الأمم المتحدة التي تتلقى تمويلًا من الولايات المتحدة، تتحدث عن “التعافي المبكر” كشكل من أشكال “مساعدات التنمية لبناء القدرة على الصمود في أوضاع ما بعد الأزمات”، لكن هذا غير صحيح بالنسبة لمناطق سيطرة نظام اﻷسد.
وأكد “ماكول” في رسالته، أمس اﻷول الثلاثاء، أن حديث اﻷمم المتحدة عن “التعافي المبكر” يتناقض مع التعريف الذي تستخدمه الولايات المتحدة، والذي يصنفه كمساعدات مصممة لتلبية “احتياجات التعافي التي تنشأ خلال المرحلة الإنسانية لحالة الطوارئ، عندما يكون إنقاذ الأرواح لا يزال حاجة ملحة ومهيمنة”، ولكن من خلال “تعزيز مساعدات التعافي المبكر في المناطق التي يسيطر عليها النظام والتي لا توجد فيها حواجز حماية محددة بوضوح حول ما يشكل بالضبط مساعدة إنسانية منقذة للحياة مقارنة بالمساعدات التنموية، تخاطر هذه الإدارة بتشويه الفروق الحاسمة بين المساعدة وإعادة الإعمار”.
وحذر رئيس اللجنة من أن استمرار سياسة اﻹدارة الحالية سوف يؤدي إلى “تآكل أقوى نفوذ لدى الولايات المتحدة ضد الأسد وداعميه”.
وحثّت الرسالة “بلينكين” على اتخاذ إجراءات فورية لضمان تقديم المساعدة “بطريقة تتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة”، وعدم السماح بمزيد من الاستثمار في سوريا بأي شكل من الأشكال.
وأكد “ماكول” أن التراخي بتمويل المشاريع في مناطق سيطرة النظام هو “شكل من أشكال التطبيع مع بشار الأسد يقلل من وضعه كمنبوذ”، لافتاً إلى أن “دعم التنمية طويلة المدى في سوريا، لتشمل أي شكل من أشكال إعادة الإعمار في المناطق التي يسيطر عليها الأسد، غير مقبول في ظل غياب قرار سياسي دائم يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 بعيداً عن العمل من أجل تحقيق تسوية سياسية مستدامة”.
ولفت إلى أن الأسد وأنصاره يواصلون ارتكاب جرائم حرب في جميع أنحاء سوريا “لأنهم يستفيدون من المساعدات الدولية”.
وقالت الرسالة إن التقديرات الحالية تشير إلى أن تكلفة إعادة بناء سوريا قد تصل إلى 1.2 تريليون دولار، و”هو رقم أكبر بعدة مرات من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لسوريا”، مضيفاً أن إعادة البناء تتطلب دعم المجتمع الدولي، كما أنها “لا تزال أهم مصدر ضغط للمجتمع الدولي لضمان محاسبة الأسد وداعميه الروس والإيرانيين على جرائم الحرب التي ارتكبوها ضد الشعب السوري”.
سوريا مرتبطة بأوكرانيا
اعتبر رئيس اللجنة في رسالته أن “ما يحدث في سوريا ليس مهماً فقط للشرق الأوسط، ولكن أيضاً لأوكرانيا ومحيطها”، معرباً عن قلقه من التوسع الهائل في المساعدات الأمريكية إلى المناطق التي يسيطر عليها الأسد “لأغراض تتجاوز بكثير المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة”.
وأوضح أن الأموال الأمريكية – بما في ذلك تلك المقدمة من خلال الأمم المتحدة (UN) والمنظمات الدولية الأخرى – تدعم الآن العديد من مشاريع التنمية طويلة الأجل مثل التدريب على تطوير الأعمال، وإعادة تأهيل المخابز، وبرامج تغير المناخ في مناطق سيطرة النظام، و”هذا تحول واضح بعيداً عن السياسة الأمريكية القديمة ويهدد بخلق سابقة خطيرة للدول التي تسعى إلى تطبيع العلاقات مع نظام الأسد الوحشي”.
كما أعرب عن القلق إزاء جهود هذه الإدارة في التماس الدعم لأنواع معينة من المساعدة مثل “التعافي المبكر” على الرغم من عدم وجود إجماع حول كيفية تعريف هذا المصطلح.
وكانت اﻷمم المتحدة قد أعلنت العام الماضي، عن تمويل برامج ﻹعادة تأهيل البنية التحتية في مناطق سيطرة النظام، عبر إصلاح محطات المياه واﻷفران ومعمل الخميرة، وغيره، فضلاً عن المساعدات اﻷممية التي يقوم النظام بالسطو على جزء كبير منها.