قدّمت شركة “غلف ساندز” البريطانية للطاقة مقترحاً لإطلاق مشروع يسمح للشركات الدولية باستخراج النفط من منطقة شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات “قسد”، من أجل وقف عمليات النهب المستمرة له، وتحويل ريعه لصالح “المساعدات الإنسانية” للشعب السوري.
ويأتي ذلك بينما تسعى دول أوروبية وفي مقدمتها بريطانيا ﻹيجاد بديل للآلية اﻷممية المخصصة ﻹدخال المساعدات اﻹنسانية عبر الحدود، في ظل التهديد المستمر بإيقافها بسبب “الفيتو” الروسي.
وقالت الشركة في بيان نشرته مؤخراً على موقعها الرسمي، إن “الإنتاج غير المشروع كان ولا يزال يخضع لكيانات تابعة للإدارة الذاتية المزعومة لشمال وشرق سوريا، والمرتبطة بوحدات حماية الشعب YPG، وقوات سوريا الديمقراطية SDF، ومجلس سوريا الديمقراطية SDC”، مؤكدةً أن تقديراتها تشير إلى “سرقة أكثر من 41 مليون برميل نفط بقيمة تقارب 2.9 مليار دولار أمريكي” منذ ستة أعوام حتى اليوم، وذلك في واحدة فقط من مجموعات الحقول بالمنطقة.
ونوّهت بأنها ما تزال مستمرة في “مراقبة وقياس هذه الخسائر والسرقات”، حيث يتم الانتاج في أصول “منطقة الخليج 26” بشرق الفرات، “بشكل غير قانوني”، وبمعدل يبلغ حوالي 20 ألف برميل من النفط يومياً.
وأكدت الشركة أن ما ذكرته “ليس سوى جزء صغير من إجمالي السرقة في المنطقة”، مشيرةً إلى أن الإنتاج في شمال شرق سوريا يقدر حالياً بأربعة أضعاف هذا المبلغ، أي حوالي 80 ألف برميل من النفط يومياً؛ تبلغ قيمتها حوالي 7 ملايين دولار أمريكي يومياً “بأسعار اليوم”.
وتحدّث البيان عما وصفه بـ”المهزلة” لأن “القليل فقط من هذه القيمة يجد طريقه لإفادة الشعب السوري”، مستشهداً بإفادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية حول أن 14.6 مليون سوري بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، وأن 90٪ يعيشون تحت خط الفقر و 80٪ يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وقالت “غلف ساندز” إن هذه التجارة غير المشروعة بالنفط في السوق السوداء، تجري بعيداً عن التنظيم والرقابة، مما يعني “انخفاض الأسعار وارتفاع احتمالية الفساد”، وبالتالي، فإن “غالبية هذا النفط تفيد الجهات الفاعلة غير المشروعة، وليس الشعب السوري”.
كما أشارت إلى خطر استخراج النفط بطرق غير آمنة وغير منظمة ومدمرة للبيئة بشكل كبير، بما يسبب التأثير الكارثي على صحة المجتمعات المحلية.
وأكدت الشركة أن العديد من الدول المؤثرة تتغاضى عن هذا الإنتاج غير المشروع الذي يتعارض مع القانون الدولي والسيادة والعقوبات الدولية ومبادئ قرار مجلس الأمن 2254، وأنها “ليست مجرد مشكلة في سوريا، ولكن تجارة النفط غير المشروعة هي قضية عالمية”.
وكانت “غلف ساندز” قد طرحت في تموز الماضي مبادرةً مشابهة تحت عنوان “النفط مقابل الغذاء”؛ تقوم على استخدام عائدات النفط السوري لتمويل مشاريع المساعدات الإنسانية وأخرى اقتصادية وأمنية في جميع أرجاء البلاد.
مشروع الأمل
تصف شركة Gulfsands نفسها بأنها “رائدة في مبادرة التحفيز الإنساني والاقتصادي”، والتي من شأنها أن “تمهد الطريق لشركات الطاقة الدولية للعودة إلى العمليات في شمال شرق سوريا، مع الإيرادات المخصصة من مبيعات النفط المودعة في الأموال المدارة دولياً وصرفها لتمويل مشاريع التعافي المبكر.
وأشارت إلى وجود “قوة قاهرة نتيجة للعقوبات الدولية”، داعية ﻹيجاد حل لتفاديها، من أجل “التحفيز الإنساني والاقتصادي في جميع أنحاء البلاد”، و”بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي ولصالح جميع السوريين”.
وسمّت الشركة البريطانية هذه المبادرة بـ”مشروع الأمل”، موضحةً أنها تستطيع رفع الإنتاج في شمال شرق سوريا من 80.000 برميل نفط يومياً إلى حوالي 500.000 برميل نفط يومياً، وتوليد حوالي 20 مليار دولار أمريكي سنوياً.
واعتبرت أن هذه اﻷموال يُمكن أن تغطي نفقات مئات من المرافق الطبية والتعليمية والمبادرات الاقتصادية، وكذلك تخلق الآلاف من فرص العمل.
ويقدر المعهد العالمي لأبحاث اقتصاديات التنمية التابع لجامعة الأمم المتحدة (WIDER) أن سرقة النفط غير المشروعة تمثل 5-7٪ من السوق العالمية للنفط الخام والبترول، وتبلغ نحو 133 مليار دولار أمريكي كل عام، في بعض البلدان، بما في ذلك سوريا.
يُشار إلى أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” طالب في تصريحات له، الشهر الماضي، بمنع قوات “قسد” من مواصلة نهب النفط السوري، داعياً إلى وضع آلية مناسبة للاستفادة منه.