يعاني عناصر قوات اﻷسد من نُدرة المخصصات، والجوع، بينما يستحوذ الضباط على المخصصات لبيعها في “السوق السوداء”، وسط تفاقُم لحالة الفساد والفقر، وفقاً لمصادر متقاطعة.
ونشر موقع “السويداء 24“، تحقيقاً خاصاً عن وضع عناصر قوات الأسد، في بادية المحافظة، سلط فيها الضوء على “معاناة عناصر الجيش المجبرين على تأدية الخدمة، والذين ربما لن تترك الظروف لهم خياراً إلا الفرار من الخدمة”.
وتنتشر “الفرقة 15” من القوات الخاصة، في بادية السويداء، ضمن ثلاثة قطاعات، من الزلف جنوباً، إلى قطّاع الساقية شمالاً، حيث يقضي مئات الجنود خدمتهم في هذه المناطق شبه الصحراوية، بظروف قاسية جداً.
وقال عدد من المجندين في قطّاع الساقية شمال شرقي السويداء، إن أوضاعهم باتت كارثية على جميع المستويات، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية، فقد انخفضت مخصصات الإطعام إلى الحدود الدنيا، وباتت الحصص الشهرية تشمل كميات قليلة من البرغل والرز والزيت، وحصصاً إسبوعية باتت تقتصر على البطاطا وبعض أنواع المعلبات.
ونقل الموقع عن أحد المجندين قوله: “الفروج بات من الماضي، منذ أربعة أشهر تقريباً لم نتذوق طعمه، يبدو أنه يطير بقدرة قادرة إلى منزل الضابط، والحصص الغذائية التي تصلنا ناشفة، وتحتاج لطهي، لكننا لا نحصل على مخصصاتنا من المازوت ولا حتى زيت الكاز، فنضطر للطبخ على الحطب، نشعر الآن أننا نعيش في العصر الحجري”.
من جانبها نشرت صفحة “فساد دواعش الداخل” الموالية للنظام رسالةً من عناصر “الفوج 48 مهام خاصة”، اشتكوا فيها من اضطرارهم للمشي مسافة 15 كيلومتراً من نقاط انتشارهم بالجبال حتى الوصول إلى أول مكان للانطلاق منه نحو “اللاذقية البلد”، وسط فقدان تام للمحروقات.
وقال عناصر “الفوج 108 – الكتيبة 1418” التابع للحرس الجمهوري قرب العاصمة في رسالة أخرى للصفحة نفسها، إن الطعام لا يصل حتى الظهر، حيث يتم تقديم الفطور والغداء والعشاء في وقت واحد، بحجة فقدان المازوت، فيما يستخدم الضباط سياراتهم بأريحية، ويسرقون مخصصات العناصر.
وبحسب الرسالة فإن كل عشرة أو سبعة عناصر يشتركون في 3 حبات بطاطا، فضلاً عن المعاملة السيئة، والزج بهم في السجون ﻷبسط اﻷسباب، بينما يسرق الضباط مخصصات المحروقات ويقبضون الرشى لقاء “التفييش”.
وفي تحقيق “السويداء 24″ يشير الموقع إلى النقص الحاد في المياه لدى عناصر قوات اﻷسد بالبادية، حيث أن الآبار معطلة في المنطقة، و”صهاريج المياه لا تصلهم إلا في الشهر مرّة وأحياناً في الشهرين”.
وفي قطّاع الزلف “ليس الحال أفضل من ناحية الإطعام، وما يزيد الطين بلّة، الخيم المهترئة التي لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف، ويؤكد أحد الجنود أنه لم يحصل على لباس شتوي منذ خمسة سنوات، ويستخدم مع زملائه أحذية مدنية بسبب اهتراء العسكرية وعدم تقديم بديلٍ عنها”.
ويحتاج العنصر من أبناء السويداء، لمبلغ 90 ألف ليرة سورية للوصول إلى قريته في الإجازة، ومبلغاً مماثلاً أثناء العودة، أي ما يقارب 180 ألف ليرة سورية، فقط للتنقل، إذ لا يتوفر أي نوع من المواصلات في البادية، بقطّاعاتها الثلاثة.
ويدفع ذلك بعض العناصر إلى الاستغناء عن إجازاتهم، “في سابقة من نوعها تشير إلى الوضع الكارثي الذي يعاني منه الجنود في البادية”، بينما يدفع المقتدرون مادياً، رشاوى للضباط، مقابل “التفييش”.
ويجني الضباط المسؤولون عن قطاع الساقية ما يزيد عن 20 مليون ليرة سورية شهرياً فقط من خلال “التفييش” – وفقاً للتحقيق – فضلاً عن المبالغ التي يمكن أن يجنوها من خلال بيع جزء من مخصصات الإطعام والمحروقات والوقود.
ولا يتجاوز راتب الضابط برتبة مقدم أو عقيد، في أحسن الأحوال 25-30 دولاراً شهرياً، لكنهم يعتمدون على سرقة مخصصات العناصر وبيعها في “السوق السوداء”، من الطعام إلى باقي الاحتياجات.
وأكد عناصر للموقع أن “الأوضاع باتت لا تطاق، وكثير منهم يفكرون بالفرار من الخدمة، في حال استمرت الأوضاع على حالها”.
يُشار إلى أن العديد من المؤسسات التابعة لحكومة النظام باتت تحت خطر التوقف التام، في ظل الأزمات الحالية، بينما لا يلوح أي حلّ في اﻷفق.