أكد “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” أن القمع العنيف الذي مارسه نظام اﻷسد ضدّ تظاهرات شارك فيها المئات بمدينة السويداء، احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، اﻷسبوع الماضي، هو “سياسة أمنية متجذرة وليس رد فعل على تجاوزات المحتجين”.
واقتحم محتجون اﻷسبوع الماضي مبنى المحافظة بالسويداء، وقاموا بإضرام النار في جزء منه وإتلاف محتوياته، وإحراق سيارة تابعة للأمن في محيط المبنى، بينما أطلقت اﻷخيرة النار بشكل عشوائي ومباشر على المحتجين، وفرّقتهم بالقوة.
وقال المرصد في بيان إنّه وثّق إطلاق الأمن التابع للنظام الرصاص الحي على محتجين في محيط مبنى محافظة السويداء جنوبي البلاد، يوم الأحد 4 ديسمبر/ كانون أول، ما أسفر عن مقتل الشاب “مراد المتني” وإصابة عدد من المتظاهرين الذين كانوا يطالبون بوقف تدهور الأوضاع المعيشية، ومعالجة التجاوزات الأمنية، وهتف بعضهم بإسقاط النظام.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد تداولت مؤخرًا مقطعًا مصورًا تمّ تسريبه من اجتماع لوجهاء وممثلين عن الحراك الشعبي في السويداء، مع محافظ نظام اﻷسد، في مبنى محافظة السويداء حيث أصر اﻷخير على رفض الاستماع للمطالب، وتحدّى التهديد بالتصعيد من قبل “رجال الكرامة”.
ويعاني السكان في محافظة السويداء من أزمات كبيرة ومتفاقمة منذ عدة أشهر، بما فيها قطع الدعم الحكومي عن مئات الآلاف منهم، إذ بات 90٪ من السكّان تحت خط الفقر، وفقاً للمرصد.
وقال اﻷخير إنه وثّق حمل بعض المحتجين أسلحة آلية، فيما أعلنت وزارة داخلية النظام في بيان رسمي مقتل الشرطي “محمود السلماوي” برصاص “خارجين عن القانون” أثناء محاولتهم اقتحام مبنى قيادة الشرطة، فيماىبيّن “المرصد الأورومتوسطي” أنّ استخدام الأمن للقوة المفرطة في قمع الاحتجاجات، ولا سيما الرصاص الحي، لا يمكن تبريره باستخدام بعض المتظاهرين للعنف.
وأكد أن “الأمن والجيش والميليشيات المتحالفة معهما يمتهنون أساليب وحشية لقمع الاحتجاجات الشعبية”، منذ انطلاقها في مارس/ آذار 2011، وسقط إثر ذلك آلاف القتلى والجرحى من المتظاهرين السلميين العزّل، بينما يتبع النظام سياسة تشويه وتخوين جميع أشكال الاحتجاج والتعبير عن الرأي لشرعنة وتسهيل عمليات القمع العنيفة.
ووصف النظام عبر الإعلام الرسمي والنشطاء الموالين له المتظاهرين بـ”الخارجين عن القانون” و”الخونة”، مبرزاً “أعمال التخريب التي قام بها بعض المحتجين للتحريض على التعامل العنيف معهم، وتجاهل المطالب الأساسية للاحتجاجات”، وفقًا للبيان.
ولفت المرصد إلى أن السكان في محافظة السويداء يعانون من أزمات كبيرة ومتفاقمة منذ عدة أشهر، بما فيها قطع الدعم الحكومي عن مئات الآلاف منهم، إذ بات 90٪ من السكّان تحت خط الفقر، وأصبحوا يعانون بشكل دائم من انقطاع شبه كلي للمحروقات والكهرباء، وخاصة مع الأجواء الباردة في فصل الشتاء.
وأشار إلى أنّ المحافظة تعاني من نزاعات مسلحة متكررة بين مجموعات مسلحة غير رسمية مرتبطة بقوى الأمن، فضلاً عن ممارسة هذه المجموعات مضايقات مختلفة للسكان، وتنفيذ مهام تعسفية وغير قانونية لمصلحة أجهزة الأمن ومتنفذين فيها، ما أسهم في مضاعفة معاناة السكان وفرض أجواء من الخوف والترهيب في المحافظة.
وأكد “المرصد الأورومتوسطي” أنّ التجمع السلمي حق مشروع ومكفول بموجب المواثيق الدولية ذات العلاقة، إذ يجب على النظام احترام هذا الحق وضمان ممارسة الأفراد له بحرية ودون مضايقة أو استهداف، مطالبًا في الوقت نفسه المتظاهرين بالالتزام التام بأدوات الاحتجاج السلمي، وتجنب استخدام أي أساليب عنيفة.
وطالب البيان بفتح تحقيق جاد ومستقل في حوادث العنف التي رافقت التظاهرات، وتحديد جميع المسؤولين عن عمليات إطلاق النار ومحاسبتهم على نحو عادل، والعمل على ضمان عدم تكرار تلك الأحداث، كما دعا النظام إلى العمل فورًا على إيجاد معالجات للأزمات المتفاقمة التي يعاني منها السوريون، ووقف تجاوزات قوى الأمن والمجموعة المسلحة المرتبطة بها بحق السكان، والإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية ممارستهم لحقوقهم المشروعة في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي.
يُذكر أن كافة مناطق سيطرة النظام تعاني من أزمات في كافة المجالات، في ظل سياسات نظام اﻷسد القمعية ضد احتجاجات السكان.