أكدت “الشبكة السورية لحقوق اﻹنسان”، وفاة أطفال ونساء في سجون نظام اﻷسد، من بين مئات الحالات التي تم تسجيلها على أنها تُوفيت من دون ذكر اﻷسباب، وبدون علم ذويهم.
وقالت الشبكة لوكالة “رويترز” إن لديها 547 شهادة وفاة لمعتقلين أصدرها النظام منذ 2017، وحصلت عليها من مصادر في داخل الإدارات التابعة لحكومته، منوهةً بأن الوثائق أجابت عن تساؤلات حول مصائر المئات من المفقودين.
ويأمل نشطاء في استخدام تلك الوثائق يوماً لاتخاذ إجراءات قضائية دولية ضد النظام، حيث تشير لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة لارتكابه جرائم ضد الإنسانية في معتقلاته.
وأوضحت “رويترز” أنها راجعت 80 شهادة وفاة؛ منها شهادات خاصة بطفلة عمرها ثلاث سنوات وأختها البالغة ست سنوات، وليست هذه الحالات استثنائية.
ومن ضمن الوفيات أيضاً شخص يُدعى “يحيى حجازي”، وقد توفي مع ابنيه في عام 2012 في سجون النظام، لكنّ أقرباءه كانوا ما يزالون يأملون في سلامتهم حتى تمّ الكشف عن الشهادات، و”تبددت آمالهم حينما تواصلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان معهم لإخبارهم بأنها حصلت على شهادات الوفاة للثلاثة”.
وقال “محمد حجازي” أخو “يحيى” في مكالمة هاتفية للوكالة من شمال غرب سوريا: “تأمل في كل لحظة أن تقع عيناك مجدداً على ذلك الشخص الذي تحبه كثيراً أو أن تسمع أي خبر عنه”، مشيراً إلى أن عائلته لم تطلب شهادات وفاة من السلطات لأنهم يعيشون في مناطق تسيطر عليها المعارضة، وأن معارفهم الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام رفضوا سؤال السجلات المدنية عن الوفيات خشية أن يتم اعتبارهم معارضين للنظام في دمشق.
وراجع محام حقوقي سوري “طلب عدم نشر اسمه لحساسية الأمر” عينةً من الوثائق، وقال إن شكلها واللغة المستخدمة والمعلومات المتضمنة بها مطابقة للمعتاد في شهادات الوفاة السورية.
تفاصيل ناقصة
أوضحت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن شهادات الوفاة التي حصلت عليها تتضمن حالات تخص 15 طفلاً و19 امرأة، وبعضها تذكر أن مكان الوفاة هو مستشفيات عسكرية أو محاكم عسكرية بينما لم يتضمن بعضها مكاناً محدداً، حيث يذكر فقط “دمشق” أو قرية على أطرافها، في حين تُركت خانة مكان الوفاة فارغة في شهادات أخرى.
كما تضمنت الشهادات التي راجعتها “رويترز” فجوات زمنية كبيرة بين تاريخ الوفاة وتاريخ تسجيلها وصلت إلى عدة سنوات في أغلب الشهادات وبلغ الفارق عشر سنوات في إحداها، ولم تذكر سبباً للوفاة، وهو ما ينطبق على جميع الشهادات الأخرى البالغ عددها 547، وقد تطابقت الأسماء المذكورة في شهادات الوفاة مع قوائم المعتقلين لدى النظام.
وأكدت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق المعنية بسوريا في 2022 أن التعذيب وسوء المعاملة في السجون ما زال ممنهجاً لدى النظام، كما أشار التقرير لوجود انتهاكات في مراكز الاعتقال التابعة لـ”المجموعات غير الحكومية” أيضاً، في إشارة إلى الميليشيات المرتبطة به.
وقالت اللجنة إن النظام تعمد حجب المعلومات الخاصة بالمعتقلين عن ذويهم ووصفت سياسات الاعتقال بأنها ترقى لكونها جرائم ضد الإنسانية، موضحةً أنه بدأ في 2018 تحديث السجلات المدنية بعدد كبير من شهادات الوفاة الخاصة بأشخاص ماتوا في الحجز لكنه لم تخبر ذويهم مباشرة.
وبحسب اللجنة فإن الأقارب الذين يعيشون في مناطق يسيطر عليها النظام تمكنوا من معرفة ما إذا كان أحباؤهم قد ماتوا عن طريق طلب سجلاتهم العائلية من مكاتب السجل المدني، لكن لم يسمح لهم باستلام الجثث لدفنها أو لم يتم إخبارهم بمكان الرفات، فيما علم آخرون بالوفيات من خلال التعرف على ذويهم في صور مسربة التقطها مصورون عسكريون يعملون في السجون وأبرزهم يحمل الاسم المستعار (قيصر).