أكد وزير الخارجية الأردني “أيمن الصفدي” عقب لقائه بنظيره الروسي “سيرغي لافروف”، أن بلاده تسعى مع موسكو إلى “بلورة دور عربي جماعي لحل الأزمة السورية”.
وأشارت إلى ذلك تصريحاتُ كلّ من وزير الخارجية الجزائري “رمطان لعمامرة” الذي استضافت بلاده منذ يومين القمة العربية الـ31، إضافةً إلى اﻷمين العام “أحمد أبو الغيط”، حيث تحدّثا عن ضرورة “حلّ اﻷزمة” في سوريا وإعادة نظام اﻷسد إلى صفوفها.
وكانت روسيا قد أبدت اهتماماً خاصاً بالدورة اﻷخيرة للجامعة العربية، من خلال إرسال رئيسها “فلاديمير بوتين”، رسالةً إلى القادة والزعماء العرب المشاركين في القمة، تحدّث فيها عن التحديات الراهنة.
معالم المبادرة
لم يكشف أيّ من اﻷطراف حتى اليوم عن تفاصيل أو معالم واضحة للمبادرة، لكنّ “الصفدي” لفت خلال مؤتمر صحفي مشترك مع “لافروف”، إلى أن بلاده تتحرك مدفوعةً بتهديد أمنها” القادم من “الجنوب السوري”.
وكان الوزير الروسي قد زار عمّان لبحث عدّة ملفات “على رأسها الملف السوري”، وفقاً للخارجية الروسية.
وتسعى عمان إلى “تحييد التهديد” الناتج عن “غياب الاستقرار” في سوريا، وفقاً لتصريحات وزير الخارجية، الذي أشار إلى ضرورة وجود “جهد جماعي قيادي في لحل الأزمة السورية”.
وكانت وسائل إعلام أردنية قد كشفت في أيلول الماضي عن تحريك عمّان للملف السوري بهدف الوصول إلى حل، فيما قال وزير الخارجية الأردني، مطلع شهر تشرين اﻷول الماضي، إنّ بلاده تحشد “لدعم إقليمي ودولي لعملية سياسية يقودها العرب”.
وأوضح حينها أن المبادرة “ستستند إلى قراري مجلس الأمن الدولي 2254 و2642، اللذين يضعان خريطة طريق لتسوية تفاوضية في سوريا، وتسليم المساعدات الإنسانية إلى السوريين”، لافتاً إلى ضرورة اتباع مسار “تدريجي” في الحل، و”اﻹقرار باﻷمر الواقع”.
ولا يبدو أن الحشد العربي الذي تسعى إليه عمان وصل إلى نتيجة حتى اليوم، فيما لم تتضح أبعاد دخول الروس على الخط، حيث قال “الصفدي” إنه “أطلع لافروف على المبادرة”.
وتشير دراسة سابقة تشرها مركز “جسور” للدراسات إلى وجود مصالح عدّة للأردن في حلّ القضية السورية؛ تتلخص في الانتهاء من أي عقبات أو عراقيل في ملف غاز شرق المتوسط، إضافةً إلى قضية المخدرات والأسلحة التي تدخل إلى الأردن عن طريق سوريا.
ما يزال اﻷردن يعوّل على “الدور الروسي”
أكد وزير الخارجية الأردني أن “الأزمة في الجنوب السوري تهدد الأمن” وأن بلاده تعتبر “الوجود الروسي هناك عامل استقرار”، وأنه “ثمة ضرورة للتنسيق الأردني الروسي في التصدي لهذه التحديات في الجنوب السوري وهذا محل بحث موسع”.
وجدّد الحديث حول خطر عمليات تهريب المخدرات، حيث استعرض مع نظيره الروسي “جهود البلدين للتوصل إلى حل سياسي للحرب في سوريا، متوافق مع قرار مجلس الأمن 2245، بما يحفظ وحدة سوريا ويحمي سيادتها”.
وتنظر اﻷردن إلى روسيا كضامن وكطرف ثالث يمكن اللجوء إليه في أية مبادرة أول حلّ، لتكون بديلاً عن ميليشيات إيران التي تنشر المخدرات بالمنطقة وتحاول تهريبها.
وذكرت تسريبات سابقة، وجود مقترحات حول إمكانية تسيير دوريات عسكرية روسية في درعا، واستبعاد “حزب الله” وميليشيات إيران عن الحدود، وهو ما نفته الحكومة اﻷردنية.
وقال “الصفدي”، اليوم، إن موقف بلاده “الثابت”، والذي “أكده الملك عبد الله الثاني، أكثر من مرة، هو أنه لا بد أن نعمل جميعًا لحل هذه الأزمة، التي تتطلب أيضًا حوارًا أمريكيًا-روسيًا”.
الرؤية العربية
لخّص “أبو الغيط” في حديثه عن الموضوع رؤية الجامعة العربية للحل في سوريا بـ”نسيان الماضي”، دون ذكر أي ضرورة لتحقيق الانتقال السياسي أو الانتخابات الحرة، أو حتى القرارات اﻷممية.
وأضاف: “لا زالت التطورات في سوريا تحتاج إلى جهد عربي رائد ومبادر يضع البصمة العربية على خارطة التسوية”، لافتاً إلى “ضرورة إبداء المرونة من جميع الأطراف المعنية”.
وتسعى الجزائر بدعم روسي إلى إعادة النظام إلى مقعد سوريا بالجامعة، وقال وزير الخارجية الجزائري “رمطان لعمامرة” منذ أيام إنه ما يزال يؤيد هذا الطرح، متحدّثاً عن استمراره في موقفه المؤيّد لنظام اﻷسد.
من جانبها ذكرت المملكة العربية السعودية أنها تدعم وتؤيد مسار الحل في سوريا، و”إنهاء اﻷزمة” دون إيضاح معالم الحل المنشود، أو تحديد مسؤولية نظام اﻷسد فيه.
وما يزال الموقف القطري بالدرجة الأولى هو العائق اﻷساسي أمام عودة النظام إلى مقعد سوريا في الجامعة.
وفي النهاية فإن الحلول المبنية على “طي صفحة الماضي”، أو اعتبار “الضامن الروسي” هو “عامل استقرار”، مع تجاهل الانتقال السياسي، فإنها بالتأكيد لن تضع حدّاً لأزمة اللاجئين، ولن تنهي الحرب.