تُحضّر الأمم المتحدة لإنشاء منظمة دولية جديدة خاصة بالمساعدة في البحث عن المفقودين في سوريا، وجمع شملهم بعائلاتهم، حيث تشير التقديرات إلى نحو 150 ألف سوري ما يزالون في عداد المغيبين قسرياً منذ عام 2011.
ويوجد معظم هؤلاء المفقودين في سجون اﻷسد، وربما يكون بعضهم قد لقي حتفه تحت التعذيب ودُفن في مقابر جماعية، باﻹضافة للمغيبين قسرياً في سجون “قسد”، وبعضٍ ممن اختفوا في فترة تنظيم “الدولة”، فضلاً عن مختفين قسرياً في مناطق الشمال السوري، بحسب تقارير سابقة لـ”الشبكة السورية لحقوق اﻹنسان”.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الدلائل تشير إلى أن النظام “يتمسك ببيروقراطية تفصيلية فيما يتعلق بالمحتجزين، فيما تواصل قواته إخفاء مصير وأماكن وجود المختفين قسراً عن عمد”.
وتوضّح المنظمة الأممية أن هؤلاء المفقودين ربما لا يزالون محتجزين داخل سجون النظام، أو تعرضوا للتعذيب أو القتل، أو ربما جرى اختطافهم من قبل ميليشيات تابعة للنظام، وربما لا يزال الكثير منهم على قيد الحياة، حيث كانت حكومة اﻷسد قد أعلنت في عام 2018 أنها أصدرت شهادات وفاة لمئات المعتقلين، لكن “فيما بعد تبين أن بعضهم على قيد الحياة”.
إقرأ أيضاً: فتح المعابر مع النظام.. شرٌّ محضٌ أم خيرٌ مُطلق؟
وقال “محمود” الذي يعمل في منظمة “عائلات من أجل الحرية” لموقع DW اﻷلماني، إن منظمته التي تعمل على تعقب المفقودين والعمل على إطلاق سراحهم؛ تساعد اﻵن عائلاتهم “لحشد الدعم الدولي للحصول على إجابات”.
وأضاف أن هذا الأمر يشمل إنشاء “مؤسسة يكون دورها النظر في هذه القضية بشكل محدد”.
وكان المكتب التنفيذي للأمين العام للأمم المتحدة قد أصدر في نهاية آب/ أغسطس الفائت، تقريراً يوصي بإنشاء “آلية مستقلة” جديدة يمكن أن تساعد في البحث عن الأشخاص المفقودين، فيما قدمت الأمم المتحدة في السابق توصيات مماثلة.
وأشار تقرير التلفزيون اﻷلماني إلى دراسة صدرت عام 2021 عن منظمة “أمبيونتي واتش” ومقرها “هولندا”، أكدت أن هناك “حاجةً لتدشين عملية متعددة يمكن الاستعانة بها من أجل تبسيط عملية البحث عن المفقودين وجعلها مركزية”.
تجاوز عقبة تضليل النظام
قال “جيريمي ساركين”، معد التقرير والأستاذ بجامعة “نوفا” في “لشبونة” اﻷلمانية: إن هناك العديد من الأشخاص “قد اختفوا وباتوا في سجون النظام، هناك وثائق وشهادات لم يتم جمعها مطلقاً ولم يتم استخدامها لأغراض إنسانية”.
وأضاف “ساركين” الذي ألف كتاباً عن القضية السورية عام 2021 تحت عنوان “الصراع في سوريا وفشل القانون الدولي في حماية الناس على مستوى العالم”، إن هذا الكم الهائل من المعلومات “يجعل التعاون الكامل مع النظام ليس ضرورياً لنجاح المنظمة الجديدة”.
وتوجد العديد من المنظمات التي تعمل على تسجيل المفقودين السوريين بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي نجحت في زيارة سجناء في المعتقلات السورية و”إن بشكل محدود”.
وتحتفظ الآلية الدولية المحايدة والمستقلة المعنية بسوريا التي تُعرف اختصارا بـ “IIIM” بقاعدة بيانات للجرائم المرتكبة في الصراع السوري، فيما تنخرط اللجنة الدولية لشؤون المفقودين في ملف المفقودين السوريين.
وأوضحت “آن ماساجي” المسؤولة عن الملف السوري في مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أنه “يتعين على أفراد أسر المفقودين البحث في شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم العثور على ذويهم المفقودين”.
وأضافت أن “السؤال الملح هو كيف يمكننا مساعدتهم، خاصة وأن عملية البحث تتطلب طرق أبواب 12 مؤسسة مختلفة أو يتعين عليهم مشاهدة مقاطع فيديو بشعة سوف يكون واقعها صعباً عليهم؟”.
ويشمل عمل المنظمة الجديدة تقديم المزيد من الدعم لأسر المفقودين ومساعدتهم على تجنب الوقوع في فخ الابتزاز في إطار محاولتهم معرفة أي معلومات عن ذويهم المفقودين، وأيضاً مساعدتهم في حل المشاكل الأسرية التي قد تنجم عن اختفاء الأب أو الزوج، وفقاً للتقرير.
وشددت “ماساجي” على أن المنظمة الجديدة سوف تتعامل “بشفافية مع جميع الجهات الفاعلة في الصراع السوري بما في ذلك النظام، نظراً لوجود مفقودين من كافة الأطراف”.
من جانبها؛ اعتبرت “سارة حشاش”، مديرة الاتصالات في حملة “من أجل سوريا”، أن إنشاء مثل هذه الآلية “سيكون إنجازاً مهماً بعد سنوات من الصمت والتقاعس” عن الانخراط في ملف المفقودين، حيث أن هذه الآلية ستقدم “لعائلات المفقودين بصيصاً من الأمل، لكن الأمر يتعلق بالتطبيق”.
يشار إلى وجود ملفات كبيرة لدى المنظمات المعنية لحالات مختلفة من كافة المحافظات والمناطق السورية.