أثار موت الشاب السوري “فارس العلي” بعد معاناته في المشفى لثلاثة أيام استياءً واسعاً في أوساط السوريين، حيث قام 6 أتراك بطعنه، في حادثة ولّدت حالة من الاستياء لدى شريحة واسعة من اﻷتراك.
وكان الشاب يكمل دراسته للطب هذا العام، بينما يعمل ليعيل نفسه وعائلته، التي كانت تنتظر تخرّجه بفارغ الصبر، لتُفجع بموته طعناً، حيث أدى الأمر لصدمة عنيفة تلقّتها اﻷم التي أُسعفت هي أيضاً للمستشفى عند سماعها خبر طعن ولدها.
ولم يخفِ كثيرٌ من اﻷتراك إعجابهم بالشاب المُكافح الذي اعتمد على نفسه وواجه صعوبات الحياة ليدرس أحد أهم العلوم، مع عمله الشاق، كحالة نموذجية في أوساط السوريين لفتت انتباه المجتمع التركي وغيره من المجتمعات المضيفة للجوء السوري.
أبرز ردود اﻷفعال
أبلغ الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” عائلة الشاب بتعازيه الشخصية، عن طريق وزير الداخلية في حكومته “سليمان صويلو”، والذي اتصل هاتفيّاً بهم، وأخبرهم أيضاً بالقبض على أحد المجرمين ممن قتلوا ابنهم، إضافةً إلى اعتقال شابين آخرين شاركا في العملية، كما وعد العائلة بإنزال أقصى العقوبات بحق المجرمين.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن والي ولاية “هاتاي” (أنطاكيا) التي وقعت فيها الجريمة، يتابع الموضوع بنفسه وعن كثب.
وقال اﻷستاذ الجامعي “صادق تانريكولو” موجّهاً خطابه لـ”العنصريين”: إن فارس العلي “شاب يتيم فقد أبوه خلال الحرب، ولجأ إلى تركيا مع عائلته وحصل على شهادة الطب هذا العام واستشهد اليوم نتيجة اعتداء حقير.. لتنعدم الراحة لدى العنصريين الملعونين، ﻷن آهات المظلومين يهتزّ لها عرش السماء”.
من جانبه؛ قال الصحفي التركي “يشار يافووز”: أيها العنصريون هل أنتم سعداء نتيجة لتحريضكم على اللاجئين السوريين القادمين لبلادنا؟! .. لقد قتل طالب الطب السوري “فارس العلي” طعناً في هاتاي”.
أما هيئة الإغاثة والتنمية التركية İHH فقد نعت “الطالب السوري الذي قُتل طعناً بالسكين إثر هجوم جماعي” وعبرت عن أسفها للحادثة، ووصفت الهجوم بالشنيع.
ماذا عن موقف المعارضة التركية؟
لم ترصد “حلب اليوم” حتى ساعة إعداد التقرير أيّ تعليق ﻷي من شخصيات المعارضة التركية البارزة، رغم تحميلهم مسؤولية الحوادث العنصرية في البلاد، من قبل العديد من اﻷتراك.
وقد توجّه الصحفي التركي “إيمري إيرجيش” بخطابه مباشرةً إلى “أوميت أوزداغ” زعيم حزب “النصر” التركي المعارض، والذي اشتُهر بتصريحاته المعادية للأجانب والسوريين، معتبراً أنه ضالعٌ في الحادثة.
وقال “إيرجيش”: “أوميت أوزداغ، أنت شريك في مقتل الشاب السوري وطالب كلية الطب فارس العلي، ستحاسب على ذلك في الآخرة”.
هل يكفي التعاطف؟
تعيد ردود فعل العديد من اﻷتراك، إلى اﻷذهان، موجات التعاطف الواسعة مع ما وصل إليه حال السوريين، لكنّ الحوادث العنصرية ما تزال تتكرّر بلا توقّف.
ففي تموز الماضي؛ تضامن مغردون أتراك وسوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع الفتى السوري “أحمد كنجو”، الذي تعرض لهجوم عنصري جرّاء تعبيره عن رأيه خلال استطلاع رأي في مدينة “إسطنبول”.
وأطلق مغردون حينها وسماً عبروا من خلاله عن إعجابهم بالشاب “أحمد كنجو” البالغ من العمر 17 عاماً، حيث فنّد بعض المفاهيم الخاطئة عن اللاجئين السوريين في تركيا، وأظهر براعةً في نقاشٍ خاضه وحيداً مع مجموعة من المتنمّرين.
وفي نهاية أيار الماضي، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي التركية، التعليقات والتصريحات المُندّدة باعتداء شاب من ولاية “غازي عنتاب” جنوبي البلاد، على مسنة سورية بالركل على وجهها، فيما زار والي غازي عنتاب “داوود غُل” المرأة في بيتها، وأعلن اعتقال الشاب صاحب السجل الجنائي بتعاطي وترويج المخدرات والسرقة، متوعّداً بأشد العقوبات.
من جانبه؛ قال نائب رئيس حزب “العدالة والتنمية” الحاكم “عمر جيليك” حينها إن “العنف ضد والدتنا ليلى محمد البالغة من العمر 70 عامًا أحزننا جميعاً (…) تقوم الوحدات القضائية والإدارية بتنفيذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأن الجاني”.
وصدرت العديد من المواقف المتعاطفة من قبل جمعيات حقوقية وإنسانية، وإعلاميين وناشطين، وتبنّت إحداها ملاحقة المعتدي قضائياَ “حتى النهاية”.
وفي منتصف حزيران الماضي؛ لقي الشاب السوري “سلطان جبنة” البالغ من العمر 21 عاماً حتفه، خلال شجار بين مجموعتين من الأتراك في منطقة “تعليم خانة” القريبة من ميدان تقسيم في مدينة “إسطنبول”، سبقه بشهر مقتل الشاب “شريف الأحمد” في منطقة “باغجولار” بالمدينة نفسها.
ويبلغ عدد السوريين المقيمين في تركيا ثلاثة ملايين و763 ألفًا و652 شخصاً، وفقاً لآخر إحصائيات رسمية.