تستمر أزمة الخبز في لبنان بالتصاعد، وسط استياء شعبي كبير، واتهامات للسوريين بالتسبب في نقص كميات الطحين، فيما توقف عدد كبير من الأفران عن العمل، وارتفعت أسعار الخبز في “السوق السوداء”.
ولقي هاشتاغ “طوابير الذل” رواجاً كبيراً بين اللبنانيين، على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقفون يومياً في صفوف طويلة أمام اﻷفران للحصول على الخبز المدعوم من الحكومة، ويضطرون للانتظار كثيراً، مما يتسبب بوقوع إشكالات اضطرت معها الحكومة لتشكيل لجان أمنية.
وتعرّض السوريون لاضطهادات عديدة منها الضرب وكيل الشتائم في طوابير الخبز، وفقاً لما أكدته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث يحمّلهم لبنانيون مسؤولية اﻷزمة نظراً لعددهم الكبير في لبنان، ويتّهمهم البعض بشراء الخبز المدعوم من اﻷفران لبيعه في “السوق السوداء”.
وقال وزير الاقتصاد اللبناني “أمين سلام” في تصريحات لوكالة “رويترز”، نشرتها أمس السبت، إن السوريين لعبوا دورا سلبياً في الأزمة، واتهمهم بشراء “أرغفة تفوق حاجتهم لإرسالها إلى سوريا”.
ونفى “سلام” ما ذكرته المفوضية اﻷممية، حول وجود توجيهات بعدم بيع الخبز للسوريين في لبنان، قائلاً: “رغم الضغوط الكبيرة على الإمدادات إلا أن اللاجئين لم يواجهوا تمييزاً” في شراء الخبز.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو قالوا إنه يظهر مجموعة من الشبان اللبنانيين، يضربون شاباً سورياً اتهموه ببيع الخبز في السوق السوداء، وسط كمية كبيرة من التعليقات السلبية، رغم اعتراض شريحة واسعة من اللبنانيين على تلك الاتهامات.
كما تعرّض أصحاب الأفران لاتهامات بالمسؤولية عن الأزمة من قبل الحكومة والشعب، فيما تعاني البلاد من شحّ كبير في اﻹمدادات.
من جانبه؛ أجرى موقع “العربي الجديد” لقاءات مع لاجئين سوريين في لبنان، ونقل عنهم استياءهم من هذه اﻷوضاع، وشعور بعضهم بـ”الإذلال والإهانة”، حيث يقول “سامر إبراهيم”، وهو متزوّج من لبنانيّة: “على الرغم من أنّني أملك إقامة لبنانيّة، إلا أنّني أواجه العديد من المشاكل أينما كان في لبنان، وأخيراً في الأفران، حتّى أصبح ذهابي إلى الفرن كالعقاب، وتنهال عليّ المشاكل وخطابات الكراهية، ولا أسمع سوى أنتم السوريّون أخذتم خبزنا وشغلنا وتسبّبتم بالأزمة”.
ويضيف سامر: “من أجل ربطة خبز بالكاد تسدّ جوع أطفالي، أضطرّ للسكوت وتحمّل الكفّ تلو الآخر، وقفتُ بالأمس ستّ ساعات أمام باب الفرن قبل أن يعمد بعض الأشخاص إلى تكسيره وضربنا وطردنا، مردّدين ممنوعٌ عليكم الخبز، فكيف لي أن أُطعم أولادي؟ هل نحن كفّار حتّى نُحرم من لقمة العيش؟”، ويلفت إلى أنّه “تعرّض للملاحقة في أحد الأيام، وهو في طريقه إلى البيت في منطقة سعد نايل (قضاء زحلة في محافظة البقاع)، وقد أوقفه عددٌ من الشبان وتهجّموا عليه وانتزعوا منه ربطة الخبز”.
وقالت لاجئة ثلاثينيّة “فضّلت عدم الكشف عن هويّتها”: “وضعنا صعب ولا نجرؤ على الكلام بتاتاً، وإلا نصبح عرضة للقتل والشتيمة والإهانة، وباتت عبارة فلّوا (ارحلوا) إلى بلدكم ترافق يوميّاتنا وتطرق مسامع أولادنا”، كما تحدّثت عن الإذلال اليومي الذي تختبره أمام باب الفرن، إذ تقف منذ الصباح الباكر ولساعاتٍ تحت أشعة الشمس كي تحصل على خبزٍ لأولادها.
وتضيف اللاجئة التي تعيش وتقتات على جمع البلاستيك وبيعه: “نقاسي صعوبات عديدة، ونتعرّض للطرد خارج الفرن فقط لأنّنا سوريّون، علماً أنّني بحاجة يوميّاً لخمس ربطات من الخبز، لكنّني لا أحصل سوى على واحدة أو اثنتين، ناهيك عن الحليب المفقود الذي تحتاجه طفلتي”.
بدورها؛ قالت “أم حسن” في تعليق على قساوة الحياة في لبنان: “قتلت الأزمة أرواحنا، فمنذ أسبوعٍ ونحن من دون أيّ فتات خبزٍ علماً أنّ زوجة ابني حامل. لكنّنا لا نجرؤ على الذهاب للأفران خشية التعرض للضرب أو المضايقات، وخصوصاً أنّ شابّاً سوريّاً تعرّض للضرب منذ أيّام، كما طُعن بالسكين وكاد أن يفارق الحياة. كما تعرّض أحد أفراد عائلتي لقنابل صوتية رُميت عليه وعلى اللاجئين الموجودين إلى جانبه، وذلك في بلدة عرسال (شرقيّ لبنان)، لدى ذهابه لشراء الخبز من الفرن، فأُصيب البعض ونُقل إلى المستشفى”.