يعاني الأهالي في مناطق سيطرة النظام من أزمات معيشية عديدة، أبرزها أزمة الخبز، التي ضربت غذائهم الرئيسي منذ أشهر، وجعلتهم يصطفون ساعاتٍ طويلة على طوابير الانتظار، أملاً بالحصول على ما يسد رمقهم وينهي جوعهم.
وبسبب عجز حكومة النظام عن حل هذه الأزمة، التي صرّح مسؤولوها أنّها لن تكون موجودة في وقتٍ سابق، فقد اضطر كثيرون للاعتماد على مصادر جديدة للحصول على الخبز، فميسوري الحال يشترون الخبز السياحي، والنسبة الأكبر من الأهالي باتت تلجأ للخبز المنزلي وشراء خبز الصاج من المطاعم.
جودة منخفضة ومعايير صحية معدومة
أجرى مراسل “حلب اليوم” جولة على عدد من الأفران في ريف دمشق، وعاين عدم التزام من العاملين فيها بمعايير النظافة العامة والمعايير الصحية، حيث يتم إلقاء العجين على الأرض دون تنظيفها، مع السماح للعمّال بالتدخين أثناء العمل، وعدم استخدام الصابون أو المعقمات في النظافة الشخصية.
وأضاف مراسلنا نقلاً عن أحد العمّال في أحد الأفران في مدينة عرطوز، أنّ مالكي الفرن يطلبون منهم إنجاز العمل بشكلٍ سريع فقط، دون التأكد من جودة الخبز أو فحص الدقيق ومخازنه، مضيفاً أنّ بعض القوارض تسكن في هذه المخازن بمعرفة من المالكين.
وأشار المراسل إلى أنّ هذا التسيب في تطبيق المعايير الأساسية لإنتاج الخبز يتسبب بانخفاض جودته بشكلٍ كبير، بالإضافة لتكديسه دون تبريد قبل توزيعه على المعتمدين ومراكز البيع، حيث يصل للأهالي بحالة سيئة.
بدائل مكلفة وحلول قليلة
لجأ الأهالي إلى حلول بديلة للحصول على الخبز بعد الأزمة الأخيرة، حيث بدأت مجموعات من النساء في ريف دمشق بإنتاج كميات من الخبز المنزلي، بتكلفة مضاعفة عن الخبز المدعوم، وبجودة أفضل منه، في حين يضطر كثيرون لشراء الخبز السياحي، والذي أصبح الحصول عليه يحتاج للوقوف في طوابير، على الرغم من وصول سعر الربطة إلى 1500 ليرة سورية.
وبحسب مراسلنا، فإنّ المطاعم بدأت بإنتاج خبز “الصاج” الشعبي، وسط إقبال كبير من الأهالي على شرائه، لكونه حلاً وسطاً لمن يعجز عن شراء الخبز السياحي أو إنتاج الخبز المنزلي.
فساد المالكين بغطاء من التموين
لم تكن أزمة الخبز الحالية مفاجئة للقاطنين في مناطق سيطرة النظام، حيث أنّهم يرون نتائج الفساد في مؤسسات حكومة النظام، كما رصدوا حالات الغش وتهريب المخصصات من قبل أصحاب الأفران، وقدموا مئات الشكاوى لوزارة التموين، دون أن يحصلوا على نتائج تحسّن من واقع الخبز مع تغاضي دوريات التموين عن فساد مالكي الأفران بسبب تقاضيهم رشاوى ومبالغ مالية كبيرة.
وبحسب مراسلنا في دمشق، فإنّ مالكي الأفران يبيعون قسماً من الدقيق التمويني، بالإضافة لكميات كبيرة من مخصصات المحروقات بهدف تحقيق أرباح مضاعفة، ويتوقفون عن العمل بعلم وزارة التموين بحجّة الإصلاحات والصيانة، دون تدوين أيام العطل هذه في جداول الوزارة، وبالتالي يتم احتسابها على الأهالي دون أن يحصلوا على الخبز.
فوق الأزمة “عصّة عسكر”
استغل عناصر النظام طيلة السنوات الماضية كافة الأزمات في بناء إمبراطوريات مالية، وجعلوا من الأهالي الذين يخشون من التصادم معهم ضحيةً لهم في كل أزمة، وشهدت مناطق عديدة انتهاكات عناصر النظام بحق السوريين على طوابير الخبز، كان من أبرزها وليس آخرها اعتداء أحد عناصر النظام على رجلٍ مسن أثناء انتظاره للحصول على ربطة خبز، أمام الفرن القريب من محطة “بغداد” في حلب.
كما أكدّ مراسل “حلب اليوم” في دمشق أنّ أفران ابن العميد في العاصمة، والتي اشتهرت بوضع أقفاص حديدية لتنظيم طوابير الانتظار، تشهد يومياً استحواذ عناصر النظام على أكثر من 400 ربطة خبز، يحصلون عليها من خلال معارفهم داخل الفرن، أو عبر تجاوز طوابير الانتظار مع تهديد الأهالي بمحاسبتهم في حال منعه، بحجّة تأخرهم على دوامهم في “حماية الوطن”، على حد تعبيرهم.
الجدير بالذكر أنّ حكومة النظام قررت رفع سعر الخبز إلى الضعف، حيث حددت سعر الربطة بـ 100 ليرة، كما خفّضت عمليات الإنتاج إلى أقل من النصف، وعلى الرغم من ذلك فإنّ الموزعين المعتمدين من حكومة النظام ومراكز البيع أضافت أرباحاً مضاعفة ليصل بذلك سعر الربطة إلى 200 ليرة، وفقاً لمراسلي “حلب اليوم”.