في خطوة تاريخية تهدف إلى إنهاء عزلتها المالية، أعلن مصرف سوريا المركزي، الخميس 27 تشرين الثاني 2025، عن إطار تنظيمي ورقابي جديد لإعادة تفعيل وتطوير علاقات المراسلة المصرفية بين المصارف السورية ونظيراتها الأجنبية.
جاء هذا الإعلان من قبل حاكم المصرف، عبد القادر الحصرية، عبر قناة المصرف على “تلغرام”، في ضوء ما وصفه بـ “التطورات الإيجابية” المتعلقة برفع العقوبات الدولية عن البلاد وعودة الاتصال عبر نظام المدفوعات العالمي “سويفت”.
الأهداف الاستراتيجية للإطار الجديد
أوضح الحصرية أن هذا الإطار ليس مجرد إجراء تقني، بل هو جزء من استراتيجية أوسع لإعادة دمج القطاع المصرفي السوري في المنظومة المالية العالمية، وتعتمد على عدة ركائز أساسية:
· تعزيز الامتثال للمعايير الدولية: يرتكز الإطار على تعزيز الامتثال لمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT)، وهي خطوة deemed بالغة الأهمية لكسب ثقة الشركاء الدوليين.
· دعم الشفافية وبناء الثقة: يسعى الإطار إلى بناء جسور من الثقة مع المؤسسات المالية العالمية من خلال تعزيز الشفافية في العمليات.
· تطوير البنية التحتية: يشمل العمل على تطوير أنظمة الدفع والبنية التشغيلية للمصارف السورية لضمان تنفيذ تحويلات مالية آمنة وفعالة.
عودة “سويفت” وتبعاتها الاقتصادية
يأتي هذا الإطار التنظيمي في أعقاب خطوة بالغة الأهمية، حيث أجرى الحصرية في 20 تشرين الثاني الجاري أول عملية إرسال عبر نظام “سويفت” بعد توقف دام 14 عاماً بسبب العقوبات السابقة. تم إرسال الرسالة الأولى إلى البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، وتم تأكيد استلامها، في ما يمثل أول تواصل مالي دولي لسوريا منذ أكثر من عقدين وفق المعايير العالمية.
ومن المتوقع أن تحمل عودة العمل عبر “سويفت” انعكاسات اقتصادية واسعة، حيث ستساهم في تسريع المدفوعات الخارجية والتحويلات التجارية، وخفض تكاليف الواردات والصادرات على الاقتصاد السوري، وتمكين المصارف السورية من إدارة أكثر فعالية للأرصدة الموجودة في الخارج.
ولا تأتي هذه التطورات المصرفية في معزل عن المحيط الدولي، حيث تشير التقارير إلى أن اقتصاد سوريا يبدي علامات تعافٍ تبنى سياسات مالية ونقدية صارمة. كما أن بعثة من صندوق النقد الدولي زارت دمشق في الفترة من 10 إلى 13 تشرين الثاني 2025، لتقييم الوضع الاقتصادي ومناقشة أولويات الإصلاح، وأكدت التزامها بدعم السلطات في جهودها لإعادة تأهيل الاقتصاد والمؤسسات الاقتصادية الرئيسية.
وتمثل هذه الخطط والمبادرات المتلاحقة بداية مرحلة جديدة يسعى فيها النظام المصرفي السوري لكسر جمود العزلة الطوعية، واستعادة دوره في تسهيل التجارة الدولية ودعم عملية التعافي الاقتصادي. يبقى التحدي الأكبر قائماً في قدرة المؤسسات على الالتزام بالمعايير العالمية وبناء ثقة متينة مع الشركاء الدوليين.






