يصادف اليوم السبت 31 تشرين الأول الذكرى الثانية لتولي المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا “غير بيدرسون” مهامه كمنسق عام خاص للأمم المتحدة في سوريا خلفاً لـ”ستيفان دي مستورا” الذي قدّم استقالته في 18 تشرين الأول من عام 2018، وذلك بعد أكثر من أربع سنوات من سعيه لإيجاد حلٍ سياسي للقضية السورية بعد المبعوثين “الأخضر الإبراهيمي وكوفي عنان”.
من هو غير بيدرسون؟
هو دبلوماسي نرويجي من مواليد 28 أيلول 1955، بدأ العمل في الخارجية النرويجية عام 1985، وفي عام 1997 تسلم منصب استشاري ضمن سفارة النرويج في إسرائيل، ومن ثم بدأ العمل في الأمم المتحدة عام 2003 حيث عمل خلالها كمنسق خاص إلى لبنان خلال العامين 2007 و2008.
عاد “بيدرسون” بعد ذلك إلى الخارجية النرويجية، حيث عمل كمندوب دائم للنرويج في الأمم المتحدة خلال الفترة ما بين عامي 2012 و2017، ثم عمل سفير النرويج إلى الصين من عام 2017 حتى 2018، وفي نهاية تشرين الأول عام 2018 تسلَّم منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا خلفاً للإيطالي السويدي “ستيفان دي مستورا” الذي تنحى لأسبابٍ شخصية، وفق قوله.
ماذا أنجز “بيدرسون” حتى الآن؟
نجح المبعوث الأممي “غير بيدرسون”، في تسهيل توصل حكومة النظام وهيئة التفاوض السورية المعارضة للاتفاق على أسماء اللجنة الدستورية وقواعد عملها بموجب القرار الدولي 2254، ليكون أول تفاهم بين المعارضة والنظام منذ بداية الثورة السورية في آذار 2011.
ففي 23 أيلول العام الماضي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش”، موافقة حكومة النظام ولجنة المفاوضات السورية على إنشاء لجنة دستورية ذات مصداقية ومتوازنة وشاملة تسهلها الأمم المتحدة في جنيف، وذلك بتيسير الاتفاق من قبل “غير بيدرسون” بعد عدة جولات من المشاورات أجراها مع حكومة النظام وهيئة المفاوضات.
وأعلن “بيدرسون” في 28 تشرين الأول العام الماضي، أن الجميع (هيئة المفاوضات وحكومة النظام) توافقوا على أن “تكون هذه عملية دستورية بقيادة سورية، مملوكة لسوريا تسهلها الأمم المتحدة”، لافتاً إلى أن اللجنة الدستورية ستبدأ أعمالها رسمياً بتجمع احتفالي يوم الأربعاء 30 تشرين الأول 2019 في قصر الأمم في جنيف.
واستؤنفت في جنيف، 27 آب 2020، محادثات الهيئة المصغرة للجنة الدستورية السورية بعد تعليقها، قبل ثلاثة أيام 24 آب 2020، بسبب تأكيد إصابة أربعة من المشاركين بفيروس كورونا، لافتاً حينها “بيدرسون” إلى رغبة المشاركين في مواصلة أعمال الدورة الثالثة للجنة الدستورية السورية بعد توقف دام تسعة أشهر.
الاستحقاقات المقبلة حول تشكيل الدستور
في 27 تشرين الأول الجاري، أكد “غير بيدرسون” من جديد على أن “حل النزاع السوري من خلال إصلاح دستوري أو دستور جديد فقط غير ممكن”، مشيراً إلى أن “التقدم في اللجنة الدستورية يمكن أن يفتح باباً لعملية أعمق وأوسع”.
بدورها، أكدت دول أوروبية، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، أن نظام الأسد غير جاهز للقيام بأي انتخابات حرة نزيهة في سوريا.
وقال السفير “ريتشارد ميلز” نائب الممثل الدائم لأمريكا في الأمم المتحدة “نحن ننتقل إلى الأشهر الأخيرة من عام 2020 وتشعر الحكومة الأمريكية بالقلق من أن هدف نظام الأسد هو زيادة عرقلة عمل اللجنة، وفي عام 2021 من المقرر أن تجري سوريا انتخابات رئاسية في نيسان.
واعتقد “ميلز” أن أمل النظام هو “إبطال عمل المبعوث الخاص غير بيدرسون ودعوات مجلس الأمن إلى انتقال سياسي تفاوضي”، مشيراً إلى أن النظام غير مستعد إطلاقاً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة تشمل مشاركة السوريين في الداخل والخارج.
وأوضح الممثل الدائم لأمريكا في الأمم المتحدة أن هذا هو السبب في أنهم بحاجة إلى عمل اللجنة الدستورية، ولماذا يحتاجون إلى الأمم المتحدة لتسريع تخطيطها لضمان مصداقية الانتخابات السورية المقبلة.
وفي سياقٍ متصل، بيّن المندوب الألماني الدائم لدى الأمم المتحدة “كريستوف هيوسغن” أن نظام الأسد يتبع تكتيكات وصفها بالـ”بغيضة” لتأخير وعرقلة عمل اللجنة الدستورية السورية، متهماً روسيا أمام مندوبها لدى الأمم المتحدة “فاسيلي نيبينزيا” بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين شمال غرب سوريا.
“هيوسغن” دعا روسيا إلى استخدام نفوذها على نظام الأسد وقطع الدعم والإمدادات العسكرية عنه حتى يقوم بخطوات جدية على طريق الحل السياسي، مشدداً على أن “بلاده لن تعترف بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في سوريا العام القادم إذا جرت في ظل الظروف الحالية”، وفق قوله.
كيف ينظر الائتلاف إلى أداء بيدرسون؟
يعتبر الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية من المرحّبين بأداء المبعوث الأممي إلى سوريا “غير بيدرسون”، خاصةً خلال عمله بتشكيل اللجنة الدستورية التي رحب بها الائتلاف واعتبرها واحدة من بوابات الحل في سورية، لافتاً إلى أنها بحاجة إلى دفع دولي وتعزيز لدورها بما يضمن بدء عملها الحقيقي ومنع أي فرصة لتعطيل عملها من قبل النظام.
ما هو الفرق بين بيدرسون و”دي مستورا”؟
المبعوث الأممي السابق إلى سوريا ستيفان “دي مستورا” كان قد قال في ختام مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، إن اللجنة الدستورية المنبثقة عنه تضم ممثلين عن المعارضة والنظام، وإنها ضمن مبادئ جنيف 12 المتعلقة بمستقبل سوريا السياسي.
لكن المبعوث الأممي الحالي إلى سوريا “غير بيدرسون فصّل في تفسير الأمم المتحدة لموضوع اللجنة الدستورية بالقول إنها جزء من القرار 2254، وإن اللجنة جاءت كتطوير لما ذكر في القرار بشأن موضوع الإصلاح الدستوري، وهي تتضمن مئة شخصية بالمناصفة بين المعارضة والنظام إضافة إلى قائمة ثالثة ترشحها الأمم المتحدة.
ويعتبر “بيدرسون” أن آلية عمل اللجنة وطريقة اتخاذ القرار فيها “جزء من التفاوض غير المباشر الذي يقوده بين المعارضة والنظام”، معتبراً أن اللجنة الدستورية والسلال الأربع للقرار الأممي 2254 هي جزء من حل سياسي يعمل على تحقيق بنوده بصورة متوازية.