أفاد مراسل حلب اليوم أن وباء كورونا انتشر في مناطق سيطرة النظام بشكل كبير، خلال الأشهر الأخيرة، حيث أكدّ أطباء يتواجدون هناك و(رفضوا التصريح عن هويتهم لأسباب أمنية) تسجيل عشرات آلاف الإصابات، على الرغم من تحفّظ حكومة النظام على الإعلان عن هذه الإصابات، والاكتفاء بإعلان عشرات الإصابات يومياً بإجمالي لا يتجاوز ثلاث آلاف إصابة في عموم سوريا.
وأضاف مراسلنا أنه وبسبب الظروف الصعبة التي يعاني منها سكان مناطق سيطرة النظام فإنّ للمصابين بفيروس كورونا تجربة خاصة ومختلفة عن المرضى في بلدان أخرى، حيث للجهود الحكومية دوراً مهماً في الحد من زيادة الحالات وعلاج المصابين.
معاناة كبيرة وتفاصيل مرهقة
روى “أحمد الجناوي” (اسم وهمي لأسباب أمنية) وهو أحد أبناء ريف دمشق الغربي، مطلوب لأجهزة النظام الأمنية بتهمة “التخلّف عن الخدمة العسكرية الإجبارية” لـ “حلب اليوم” تفاصيل إصابته بفيروس كورونا، قائلاً إن أول عرض أحس به بعد الإصابة هو شعوره بالإرهاق الشديد وترافق هذا الإحساس مع الصداع، وارتفاع درجة الحرارة، ثم زادت حدة الأعراض فبدأ يعاني من آلام في جسده بالكامل، إضافة إلى ضيق في التنفس وآلام في العينين، ثم فقد حاستي الذوق والشم لمدة أربعة أيام.
وتابع “الجناوي” قائلا: “تفاقمت حالتي بعد 6 أيام من الإصابة وأصبحت بحاجة لجهاز تنفس اصطناعي، لكنه غير متوفر في منطقتنا، وفقدانه سبب وفاة نحو 800 شخص، وهو ما أضاف لمعاناتي الجسدية معاناة نفسية، فكنت خائفاً من مصير المتوفين، أو أن أنقل خارج المنطقة الموجود فيها في ظل الملاحقة الأمنية من قوات النظام”.
وأردف “الجناوي” أنه اكتفى بالحصول على جلسات إرذاذ بسيطة، وقضاء وقته كاملاً على سطح منزله، مع ملاحظة تطور أعراض المرض، إذ بدأ يشعر في وقت لاحق بأعراض اضطرابات هضمية، وتضاعفت مع تناول الأدوية بشكل غير مسبوق، إذ وصف له الطبيب الوحيد في المنطقة مسكن “سيتامول” مع أدوية التهاب ومضاد إنفلونزا وجرعة بسيطة من الكورتيزون، ثم وصف له حقن مضادة للالتهاب ومسكنات مركّزة بسبب اشتداد الأعراض بعد اليوم السادس.
ولم يغفل المريض المعاناة التي يضيفها الواقع الخدمي المتردي في مناطق سيطرة النظام، على حالة مرضية مثل كورونا، حيث ينقطع التيار الكهربائي لفترة تزيد عن 22 ساعة يومياً، ولا تصل المياه إلى معظم منازل المنطقة، بالإضافة إلى تردي خدمات الإنترنت، التي تعتبر متنفساً للتخفيف من ضغط الحجر الإجباري للمصابين بهذا الوباء.
تكاليف مرتفعة وإجراءات “بدائية”
أوضح “الجناوي” أنّ تكاليف العلاج من المرض مرتفعة جداً، إذ يحتاج المريض الواحد مبلغاً يزيد عن 40 ألف ليرة سورية، لتجاوز فترة الحجر الصحي، أما إذا تدهورت حالة المريض الصحية واضطر لمراجعة المشافي والمختصين، فإن الرقم السابق يتضاعف عشر مرات عن كل يوم، على حد قول “الجناوي”، الذي لفت إلى أن المشافي الخاصة باتت الملجأ المتاح للمصابين في ظل عدم قدرة المشافي العامة على استيعاب الأعداد الكبيرة من المصابين في أقسام العزل والإسعاف والصدرية.
وأشار المصاب إلى أنّ التكاليف المذكورة، تشمل الكمامات بقيمة 300 ليرة لكل كمامة تشريحية بجودة منخفضة، حيث يحتاج المريض كمامتين يومياً على الأقل، بالإضافة للقفازات بسعر 600 ليرة للزوج الواحد، وهو حاجة يومية أيضاً، مع إضافة قيمة الأدوية المستهلكة، والتي تزيد عن 15 ألفاً، وشراء المعقمات بقيمة لا تقل عن 10 آلاف طيلة فترة الحجر المفروض لأربعة عشر يوماً.
أما عمليات التعقيم، فوصفها “الجناوي” بـ “البدائية” إذ يتم استخدام سائل الكلور الخاص بالجلي بعد خلطه بالماء، أو وضع كمية من معقمات الجروح والأرضيات في كمية من الماء ورشها في المكان المراد تعقيمه، في ظل فقدان الكحول الطبية، التي يصفها الأطباء لتعقيم الغرف والأشخاص، عدا عن غلاء المعقمات الجاهزة بعد انتشار الوباء، إذ تضاعف سعرها أربع مرات منذ بداية انتشار الوباء العالمي.
كعادتهم عناصر النظام يستغلون الأزمات
وقال مراسل “حلب اليوم” في العاصمة دمشق، إنّ عناصر وضباط النظام وبعض الشخصيات المقرّبة منهم عملوا على استغلال أزمة انتشار فيروس كورونا في المنطقة بشكل غير مسبوق، إذ يستفيد هؤلاء الأشخاص من الميزات الأمنية الممنوحة لهم، ويعملون على نقل بعض المصابين من المطلوبين إلى المشافي بتنسيق مع الحواجز، ويغيرون أسماء المرضى مقابل الحصول على مبالغ تتراوح بين 50 و200 ألف ليرة عن الشخص الواحد.
وأضاف المراسل، أنّ عناصر وضباط النظام يعملون أيضاً على جلب مستلزمات طبية للصيدليات بطرق غير شرعية، بالتنسيق مع موزعين محتكرين لهذه المواد، ويتقاضون نسبة تزيد عن ربع الأرباح مقابل تسويقها بطريقة آمنة، وبعيدة عن المحاسبة القانونية، وفق قوله.
الجدير بالذكر، أن وزارة الصحة في حكومة النظام سجلت 3041 إصابة بفيروس كورونا، بينها 698 حالة تماثلت للشفاء، و127 حالة وفاة، حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.
وكانت مجلة “فورين بوليسي” نشرت في وقت سابق تقريراً قالت فيه إن الحصيلة المعلنة من قبل نظام الأسد، للمصابين بفيروس كورونا لا تعكس جزءا بسيطا من الواقع، مؤكدة أن كورونا تفشى في سوريا وأن النظام لا يعترف ويحاول إخفاء الحقيقة.