حوّلت اللجنة الأمنية التابعة للنظام في السويداء معتقلي المظاهرات السلمية إلى مديرية الأمن الجنائي بالعاصمة دمشق.
تحويل المعتقلين لدمشق جاء بناءً على قرارٍ من اللجنة الأمنية، وهو ما يشكل وفق ما صرح المحامي “مهند بركة” من أبناء محافظة السويداء لحلب اليوم، خرقاً واضحاً للقانون والدستور، ومن الطبيعي أن ينال هذا القرار من هيبة القضاء ومن مهنة المحاماة وحقوق المحامين بحسب وصفه.
وأضاف المحامي أن هذا القرار المفاجئ هو أشبه بالاختطاف ودون أي مبرر أو مستند قانوني، إذ أن النظام لم يسمح للمحامين برؤية وزيارة المعتقلين وتنظيم وكالات لهم وفق قوله.
ووفق “بركة” فإنه ومنذ تحويل المعتقلين لدمشق بتاريخ 22 حزيران طالب المحامون نقابتهم بالتدخل من أجل تطبيق القانون، أو على الأقل حماية حقوقهم “كمحامين” التي يتعدى عليها هذا القرار وكان حائل يحول دون تنظيم وكالات عن المعتقلين، محملاً الأجهزة الأمنية مسؤولية سلامة المعتقلين ومسؤولية خرق القانون بهذه الطريقة الفجة، على حد تعبيره.
وأعرب “بركة” عن استيائه من تنفيذ قرار اللجنة الأمنية في حين أن القرار يجب أن يكون للقضاء وليس للأمن في هذه الأمور، موضحاً أن عدد المعتقلين الذين تأكد ترحيلهم إلى دمشق تسعة وهم: رائد الخطيب، رواد صادق، ناصر عزام، صفوان عبيد، بشار طربيه، حسام مزهر، سلمان فرج، عبد الرحمن بريك، ومعتقل آخر لم يعرف اسمه إلى الآن.
بدوره أشار المحامي “أيمن شيب الدين” ابن السويداء على صفحته فيسبوك، إلى أن قاضي التّحقيق في السويداء استجوب المعتقلين داخل السجن المدني. وليس كما هي العادة في أن يتمّ جلب الموقوفين إليه. وأنه لم يعرف مصير الاستجواب ولا المعتقلين حتى الآن، بسبب عدم وجود أي محام.
وأوضح “شيب الدين” أن إدارة السّجن كانت قد أنكرت بشكلّ خطّي أنّ المعتقلين موقوفين لديها! ومنعت الزّيارة وتوكيل المحامين! وهذا خرقٌ فاضح للقانون أيضاً، وفق قوله، مشيرا إلى أن الاختصاص المكاني للجرم (إن كان ثمّة جرم) فهو لمكان وقوعه السويداء وليس لدمشق! وليس ثمّة عمل إرهابي يُجيز التّحويل إلى محكمة الإرهاب، على حد وصفه.
التطورات الأخيرة من وجهة نظر الكاتب الصحفي فؤاد عزام، تعني فشل الوساطات إلا باتجاه واحد وهو وقف المظاهرات ما يعني أن رجال الدين والوجهاء ضغطوا فقط على الحراك الثوري، ووضعوا أنفسهم بصف النظام وفق وصفه، مشيراً إلى أن خطوة نقل المعتقلين لدمشق يعني تشتيت قضيتهم بحيث تتجه الأوضاع إلى مزيد من التأزم بين أهالي المعتقلين وشباب الحراك الثوري من جهة مع “شبيحة السويداء” من جهة ثانية ما يعني انقساماً يرجح أن يكون شديداً بين الجانبين.
وبرأي “عزام” فإن هذه الخطوة تضع أيضاً الفعاليات التي سعت إلى التهدئة ومن بينهم رجال الكرامة إلى جانب المؤسسة الدينية ومؤسسات النظام الأخرى إن لم تتخذ موقف حازم بالعمل على إطلاق سراحهم وإلا سيكون الأمر وصمة عار بجبين رجال الكرامة وإذلالاً لهم، على حد تعبيره.
وطالب الكاتب الصحفي الفعاليات الثورية في المدينة بضرورة التوجه إلى المؤسسة الدينية والمشايخ لوضعها أمام مسؤولياتها إزاء قضية المعتقلين، لأن نقل المعتقلين يكذب رواية النظام بأنه يحمي الأقليات وعلى هذا من المهم إثارة قضية المعتقلين دولياً وعبر منظمات غير حكومية، لا سيما في ضوء صدور قانون قيصر المبني أساساً على قضية المعتقلين، وفق قوله.
وبعد الانتقادات الموجهة لحركة رجال الكرامة التي بقيت صامتة حتى الآن إزاء اعتقال النظام لشباب الحراك السلمي، أصدرت الحركة 25 حزيران الجاري، بياناً على صفحتها الرسمية فيسبوك استنكرت فيه ما قامت به أجهزة الأمن التابعة للنظام بحق المتظاهرين السلميين، محذرةً مما وصفتها “الانقسامات الداخلية” التي أدت لتجدد الانقسام والشرخ بالشارع بين موال للنظام ومعارض له، وزج المحافظة في صراع لا يستفيد منه إلا المتربصين بنا والذين لا يضمرون لنا سوى الشر.
وقالت الحركة إنها مع مبدأ حرية التعبير، على أن “لا تتجاوز هذه الحرية مبادئنا وأخلاقنا المعروفة كما نرفض كافة أشكال الاعتقال التعسفي وخاصة ما ينتج عن رأي أو فكر سياسي على أن تكون بعيدة عن منهج الاقتتال والتحريض”، داعيةً إلى وحدة الصف، وتجنب الانقسامات داخل المحافظة.
من جهتها طالبت منظمة “العفو الدولية” (آمنستي) حكومة النظام بالإفراج “فورا وبلا قيد أو شرط” عن 11 شخصاً اعتقلوا في مدينة السويداء، إثر الاحتجاجات المناهضة للنظام والتي جرت مؤخراً، مشيرة إلى أن المتظاهرين لم يرتكبوا أي جرم جنائي، ولا يوجد سبب لاعتقالهم.
جاء ذلك على لسان مديرة أبحاث الشرق الأوسط للمنظمة “لين معلوف” والتي قالت: “إن قوات النظام السوري تشن حملة تخويف، تنطوي مرة أخرى على حالات اختفاء قسري واحتجاز تعسفي، لمحاولة منع المتظاهرين السلميين من الإعراب عن مخاوفهم”.
وأوضحت “معلوف” أن الحملة القمعية الأخيرة تظهر أن حكومة الأسد لا تنوي تغيير ممارساتها الوحشية والقمعية بعد مرور تسع سنوات.
وشهدت محافظة السويداء جنوبي سوريا مظاهرات نظمها السكان، حيث المتظاهرون خلالها بإسقاط النظام وخروج إيران من المنطقة، إلا أن هذه المظاهرات قوبلت بهجوم من عناصر الأمن وحفظ النظام على المتظاهرين السلميين، أسفرت عن اعتقال عدد من الشبان.
وكان ناشطون ألغوا مظاهرة كانت مقررة بتاريخ 16 حزيران على خلفية مفاوضات جارية بين بعض وجهاء السويداء ونظام الأسد من أجل إطلاق سراح المعتقلين، إذ أن السلطات الأمنية في السويداء كانت تساوم على مصير المعتقلين، وتسعى للحصول على تعهدات بعدم خروج مظاهرات جديدة مقابل الإفراج عنهم، إلا أن النظام عاد ليخلف بوعوده مرة أخرى ويحوّل المعتقلين لدمشق، ليبقى مصيرهم مجهولاً كما هو مصير عشرات آلاف المعتقلين السابقين.