مع اقتراب انطلاق عملية شرق الفرات، وبدء القوات الأمريكية بالانسحاب من المنطقة الحدودية مع تركيا، وجه قادة في الجيش الوطني السوري جملة من التطمينات إلى أهالي المنطقة عامة والكرد وباقي المكونات خاصة، أكدوا فيها أن العملية هدفها تأمين أمان وسلامة السكان المدنيين، وإتاحة الفرصة أمام المهجّرين للعودة إلى مناطقهم.
وكان مسؤول أمريكي أكد لوكالة “رويترز” أن القوات الأمريكية أخلت موقعين للمراقبة في شمال شرق سوريا في تل أبيض ورأس العين، مضيفاً أن واشنطن أبلغت قائد “قسد” أن القوات الأمريكية لن تدافع عنهم في مواجهة العملية العسكرية التركية.
إجراءات لمنع وقوع مخالفات وأخطاء في شرق الفرات
أكد مدير المكتب السياسي في لواء المعتصم التابع للجيش الوطني السوري “مصطفى سيجري” في تصريحات لـ “حلب اليوم” وجود مساعٍ جادّة من أجل منع وقوع أي مخالفات أو أخطاء فردية في العملية القادمة شرق الفرات، لافتاً إلى أن المشاركة العسكرية بالنسبة للمجموعات ستكون مدروسة، ولن يكون الباب مفتوحاً أمام المجموعات التي ارتكبت تجاوزات سابقة بحق المدنيين في مدينة عفرين شمال حلب.
من جهته قال “العميد فاتح حسون” قائد حركة تحرير الوطن التي وضعت جناحها العسكري تحت تصرف وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، في حديثه لـ “حلب اليوم” إنه من خلال “العمليات السابقة لقوات الجيش الوطني التي شارك بها إلى جانب الجيش التركي في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون لم تظهر مخالفات بشكل ممنهج أو واسع”، معتبراً أن المخالفات التي وقعت كانت فردية وناتجة عن سوء تصرف وتقدير، وفق وصفه.
وحول كيفية معالجة هذه المخالفات أوضح “حسون” أن مقاتلي الجيش الوطني وعدداً من القادة خضعوا لدورات تثقيفية بالقانون الدولي الإنساني، وتم تأهيل عدد كاف من المدربين لنشر الوعي القانوني بين المقاتلين ومراقبة حسن تطبيقه، كما تم تشكيل جهاز قضائي عسكري، وشرطة عسكرية منذ شهور طويلة، لتتولى مهمة منع حدوث أي تجاوزات فردية ممكن أن تحدث من قبل أي مشارك بالعمليات، ومعالجتها إن وقعت وفق الأنظمة والقوانين الموضوعة لذلك، وفقاً لحسون.
الهدف من عملية “شرق الفرات”
أكد قائد “حسون” حركة تحرير الوطن أن “الجيش الوطني السوري لجميع السوريين، وليس حكراً على منطقة دون أخرى، وبالتالي فإن هذا الجيش يحمل رسالة (وطنية سياسية خدمية)، مضيفاً أن الجيش لم يشارك في هذه العملية “انتقاماً أو طمعاً”، بل يشارك إلى جانب الجيش التركي من أجل “تحرير الأرض” من قبل ما وصفهم بـ التنظيمات الإرهابية التي تحتلّها”.
وتابع أن المشاركة في العملية هدفها أيضاً “تأمين أمان وسلامة السكان المدنيين بكافة أطيافهم وانتماءاتهم، وتخليصهم من ممارسات الانفصاليين، وإتاحة الفرصة أمام المهجرين واللاجئين من أهالي المنطقة للعودة إلى مساكنهم التي هجرتهم منها هذه التنظيمات، والمحافظة على سوريا وطناً واحداً للجميع، يتساوى فيه جميع المواطنين بالحقوق والواجبات، وألا يكون مكان انطلاق لعمليات إرهابية تطال أمن جارتنا تركيا، كما يهدف لبناء القاعدة المناسبة للانطلاق باتجاه باقي المناطق المحتلة من قبل نظام الأسد دفاعاً”.
الجيش الوطني: باب الانشقاق مفتوح أمام عناصر قسد
طلبت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة من كافة مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية الانشقاق عنها وفقاً لما أكده العميد “حسون” الذي أشار إلى أن كل من يقوم بتسليم نفسه لأي نقطة تماس فهو في مأمن.
ووجه حسون نداءً إلى مقاتلي قسد بكل مكوناتها بالانشقاق بسرعة قبل “فوات الأوان”، مذكراً بما جرى لمقاتلي قسد خلال عملية غصن الزيتون في عفرين حيث لم تنفعهم خنادقهم ومتاريسهم من الضربات العسكرية، وفق تعبيره
وكشف “حسون” عن حدوث حالات فرار بين قادة قسد، قائلاً إنهم “يعملون الآن على فتح ممرات آمنة لتهريب الأشخاص الذين يحتاجونهم، مضحين بباقي المخدوعين”.
من جانبه لفت “سيجري” إلى أن باب الانشقاق أمام عناصر قسد مفتوح والعودة والانحياز إلى خيار الشعب قائم، مشدداً على ضرورة قيام عناصر قسد وحملة السلاح بالتواصل مع الجيش الوطني لتحييد بندقيتهم وتجنيب مناطقهم ما وصفها بـ “ويلات الحرب”.
وأضاف “الرسالة هي واضحة من قبل القوى الثورية بأن المعركة ليست معركة ضد الأخوة الكرد من أبناء هذه المنطقة، إنما المعركة هي ضد “حزب العمال الكردستاني” صاحب القرار والمتنفذ في هذه المنطقة.
إدارة المنطقة الآمنة شرق الفرات لمن ستؤول؟
قال سيجري إنه بعد تنفيذ العملية العسكرية وإقامة المنطقة الآمنة في شرق الفرات، سيكون هناك جهتان معنيتان بإدارة المنطقة، الأولى هي الحكومة السورية المؤقتة، والثانية هي “القوى الكردية المناهضة لحزب العمال الكردستاني” حيث سيكون للأخيرة دور مهم في إدارة المنطقة، كما سيعمل الجيش الوطني السوري على دعم الاستقرار.
من جانبه، نوه العميد “حسون” إلى أن مؤسسات الثورة السورية سبق وأن أعلنت بأن المنطقة يجب أن تدار من قبل أهلها، ومن واجب هؤلاء الأهالي استبعاد كل “الأحزاب المتطرفة”، والالتفاف حول الشرفاء من ذويهم، وفق تعبيره
وكانت الحكومة السورية المؤقتة قد أعلنت في وقت سابق على لسان رئيسها “عبد الرحمن مصطفى” جاهزيتها لتكون إدارة المنطقة من قبل أهلها بإشرافها، وأنها لن تدخر جهداً في تقديم الخبرات والإمكانيات المتاحة لذلك.
يذكر أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، قال اليوم الاثنين إن القوات الأمريكية بدأت بالانسحاب اليوم من مناطق في شمال شرق سوريا، وإن العملية العسكرية شرقي الفرات قد تبدأ في أي لحظة.
إعداد وتحرير: مروان سالم