وجّهت نادية كوهين، أرملة الجاسوس الإسرائيلي، أيلي كوهين، رسالة، أمس، إلى رأس النظام (بشار الأسد) رجته فيها أن يعيد عظام زوجها إلى “إسرائيل”.
وقالت أرملة، كوهين، الذي نشط في سوريا باسم “كامل أمين ثابت”، وأعدم عام 1965 بعد الكشف عنه: “أتوجه إليك بخالص المحبة، أرجو أن يعم السلام في بيتك وفي بلدك، أطلب منك الرحمة، أطلق سراح إيلي، أعد رفاته. عمري 83 عاماً، عساك تنظر إلينا بصورة مختلفة، اغفر”.
وأضافت في حديث جاء في مؤتمر دولي عقد في إسرائيل عن علاج الجرحى السوريين: “حين توفيت حماتي، تأسفت لأنها لم تر قبر ابنها، ساعدنا وأعطينا القبر، سنشعر بالراحة أنا وأولادي وحتى هو سيشعر أنه قبر في أرضه.. أرجو أن تستجيب هذه المرة إلى ندائي ويكون ردك العطاء. أمد يدي للسلام، من أجل شعبك وشعبنا.. يمكننا العيش بصورة مغايرة”.
من هو كوهين؟
كوهين عمل كجاسوس عربيّ بارز في رأس النظام بسوريا، وأرسل إلى “إسرائيل” معلومات استخباراتية غير مسبوقة في أهميتها، حيث هزمت إسرائيل بفضله الجيش السوري في حرب عام 1967 في جبهة الجولان، وهي الأراضي التي لا تزال إسرائيل تسيطر عليها حتى اليوم، وفق قولها.
وُلد كوهين في الإسكندرية عام 1924. تحدّث مع والديه باللهجة المصرية، ولكنه عرف أيضًا اللهجة السورية؛ لأنّ والده قد هاجر في طفولته من حلب إلى مصر.
انضمّ كوهين في صباه إلى الحركة الصهيونية، ومنذ ذلك الحين كان على علاقة مع شبكة الاستخبارات الإسرائيلية. هاجر كوهين عام 1957 إلى دولة إسرائيل.
عمل كوهين بترجمة الصحافة العربية إلى اللغة العبرية، وفي إدارة الحسابات. بعد ذلك، تم أخذه إلى اختبارات من قبل سلاح المخابرات الإسرائيلي، حيث أظهر هناك مهارات ذاكرة استثنائية، وتقرّر تجنيده كجاسوس. كان يتلو الصلوات من القرآن، درس عن سوريا، حسّن لكنته في اللهجة السورية بل وأطال شاربا.
تم إعطاؤه اسم كامل أمين ثابت، وانتحل شخصية رجل أعمال سوري يعيش في المنفى بالأرجنتين
أُرسِل عام 1961 إلى الأرجنتين، بشخصية وهمية. تم إعطاؤه اسم كامل أمين ثابت، وانتحل شخصية رجل أعمال سوري يعيش في المنفى بالأرجنتين، ووجد هناك أصدقاء سوريين كُثر. بعد مرور عام “عاد” كوهين إلى دمشق، وسكن في شقة لي حي أبو رمانة مجاورة لمقرّ قيادة الجيش السوري. كان أحد أبرز أصدقائه الجنرال أمين الحافظ، الذي كان الرئيس السوري.
أقام كوهين، أو “ثابت”، صداقات مع الضباط الأبرز في القيادة العامة للجيش السوري. تجوّل في كلّ سوريا مع أصدقائه الضباط. في إحدى رحلاته إلى الجولان نظر كوهين إلى منحدرات الجبال، وشاهد الحدود الإسرائيلية. بثّ جميع المعلومات التي وصلته عن توزيع القوات السورية إلى إسرائيل في جهاز استقبال راديو. عاش كوهين ثلاث سنوات هكذا، في قلب مراكز القوة في سوريا.
في صباح يوم 18 كانون الثاني عام 1965 تم القبض على كوهين، كما يبدو بمساعدة معدّات الراديو السوفييتية المتقدّمة التي كشفت عن مكانه. اقتحم عقيد يُدعى سويداني شقّته وأخبره بأنّ “اللعبة قد انتهت”. بذلت إسرائيل جهودا دبلوماسيّة غير مسبوقة في محاولة إقناع السوريين بإطلاق سراح كوهين. عرضت إسرائيل على قادة النظام السوري معلومات استخباراتية عن المعارضة السورية، ولكن دون جدوى. مرّ كوهين بتعذيبات قاسية، وتم إعدامه شنقًا في 18 أيار عام 1965.