كشف نظام الأسد عن المخطط التنظيمي الرقمي لمدينة القصير بريف حمص، وذلك وفقاً للقانون رقم “10”، الذي أعلن عنه رأس النظام بشار الأسد، في نيسان الماضي.
مجلس مدينة القصير، دعا في منشور على صفحته الرسمية عبر فيسبوك “من يرغب بالاعتراض تقديم اعتراضه لديوان مجلس المدينة اعتباراً من 10 تشرين الأول ولغاية 9 من تشرين الثاني”.
بيان المجلس قال إن “جميع الحقوق والملكيات الشخصية مصانة ومحفوظة” في وقت يتخوّف فيه الأهالي من تغيير ديمواغرافي قد تشهده المدينة التي تعتبر أولى المدن التي شهدت تهجيراً قسرياً، فرضه حزب الله، تحت أعين نظام الأسد.
في السياق، كشفت أعداد اللاجئين السوريين العائدون من لبنان، أو المعادون قسراً إن صحّ القول، عن نجاح مخطط ديموغرافي نفّذته ميليشيات (حزب الله) اللبناني في محافظة حمص.
فمع بدء تسويق روسيا لضرورة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، سارعت عشرات العوائل السورية في لبنان، إلى تسجيل طلبات ترغب من خلالها بالعودة، وهذه العائلات ممن ضاقت بها الأحوال في الشتات، آملين بالاستقرار حتى ولو على أنقاض البيوت أو ما تبقّى من أطلال، بحسب أحد السوريين هناك.
وفوجئ “خالد إبراهيم” من أبناء مدينة القصير، بأن طلبه الذي تقدّم به إلى اللجنة المختصة بإعادة اللاجئين من لبنان قوبل بالرفض، وهذا ما أكده سوريّ آخر مقيم في لبنان، على خلاف ما يحصل مع السوريين من باقي مناطق سوريا، ممن تُقبل طلباتهم بشكل روتيني.
“خالد” لاجئ سوري في لبنان، أشار في حديث لـ(حلب اليوم) إلى أنّ عدم قبول طلب العودة يأتي من الجانب السوري وليس من الجانب اللبناني، لأن اللجنة التي تدرس الطلب هي سوريّة تابعة للنظام ولا علاقة للبنان بالبتّ بهكذا قرارات، معتبراً أن الأمر مرتبط بسيطرة حزب الله على المدينة ومحيطها.
وهذا ما دعا لاجئين سوريين في لبنان من أبناء منطقة القصير للمطالبة بضمان عودة آمنة لهم إلى مناطقهم، داعين الأطراف الدولية والإقليمية إلى تبني مشروع إقامة مناطق آمنة مؤقتة لإقامة اللاجئين السوريين على الأراضي السورية وعلى الحدود اللبنانية، وجاء ذلك في بيان صدر الأربعاء عمّا يعرب بـ(تآلف أحرار من بلدي الأمانة العامة والهيئة الإدارية للقصير والمكتب السياسي).
البيان، الذي صدر، يوم الأربعاء 5 أيلول الفائت، أشار إلى انعدام الثقة بالنظام وحلفائه، ورأى أن قضية اللاجئين السوريين في لبنان بشكل خاص وبالعالم بشكل عام ﻻ يمكن أن تحل من دون إيجاد حل سياسي شامل للقضية السورية.
القانون 10 مفتاحاً لانتهاكات النظام بحقّ السوريين:
أصدر بشار الأسد في وقت سابق، قانوناً خاصّاً بالتنظيم العقاري، وهو ما رأه سوريون وحقوقيون بأنه انتهاك واضح لحقّ المدنيين ببمتلكاتهم، ويتخوف اللاجئون والمهجرون من أن يكون تمهيداً لمصادرة العقارات التي يملكونها، وضمانا لهيمنة النظام على توقيت وشكل ونتائج إعادة إعمار البلاد.
ويمثل القانون الذي حمل رقم 10 لعام 2018، حلقة في سلسلة قوانين سابقة صدرت مع بداية العام التالي لبدء الثورة السورية، كالقانون رقم 66 لعام 2012 الذي اقتصر على إحداث منطقتين تنظيميتين فقط ضمن مدينة دمشق، والمرسوم 12 لعام 2016 القاضي بإحداث نسخة رقمية من السجلات العقارية، وأعطي أصحاب الحقوق حينها حق الاعتراض خلال أربعة أشهر، لتتحول النسخة الرقمية تلك إلى المرجعية الأساسية. لكنّ القانون رقم 10 اعتبره حقوقيون بأنه الأخطر، كونه يطلق يد السلطة التنفيذية بإنشاء مناطق تنظيمية في عموم البلاد ويشتمل على جميع أنواع العقارات.
ولعل أبرز ما جاء فيه هو ما ورد في مادته الثانية حيث أعطى أصحاب الحقوق الحق في تثبيت ملكياتهم خلال شهر واحد فقط من الإعلان عن إحداث المنطقة التنظيمية، ولم يشترط لصاحب الحق أن يكون حقه مؤيدا بوثائق ثبوتية، وإنما فتح المجال أمام كل من قد يدعي أن له حقاً عقارياً في المنطقة التنظيمية. ولعل القصير وبعض مناطق دمشق، هما المرحلة الحقيقية لتنفيذ مكائد هذا القانون.
من يسيطر على القصير حالياً؟
في 25 أيار الماضي تعرّض مطار الضبعة العسكري غربي حمص، لهجوم صاروخي من قبل طائرات قيل إنها إسرائيلية، لأول مرة منذ بدء الاستهدافات التي تطال مواقع لإيران وميليشياتها في سوريا.
ويقع المطار في قرية الضبعة، وسبق وأن سيطرت عليه فصائل “الجيش الحر” في نيسان 2013، حتى وقوعه بيد “حزب الله” وقوات النظام السوري.
بعد الاستهداف، بدأت بعض وسائل الإعلام غير الرسمية بالترويج لتنفيذ (حزب الله) انسحاباً من القصير، بعد خلافات مع الروس، وتسليم المدينة للفرقة 11 التابعة للنظام، إلّا أن (حزب الله) لم يعلن ذلك بشكل رسمي، كما أن الأخبار المتواترة من القصير، على قلّتها، تشير إلى تحويل ميليشيا الحزب، بساتين القصير إلى مزارع للحشيش الذي يعتبر سلعة رائعة تجارياً لدى حزب الله، كما أن من بقي من سكّانها الأصليين لا يتجاوز الـ100 شخص معظمهم من المسنين.
ولا تزال مشاهد دخول عناصر حزب الله بنمط طائفي إلى المدينة عالقة في الأذهان، رافعين رايات طائفية، على شرفات البيوت ومآذن الجوامع والأبنية العالية، مردّدين شعارات طائفية تحريضية.
الناشط “محمد الحمصي” أكد أنّ حزب الله كان بداية العام الحالي ينقل المهجّرين من (كفريا والفوعة) بريف إدلب، إلى القصير، التي تعتبر طريقاً مهماً له إلى معاقل الحزب في لبنان.
وأكّد الناشط “الحمصي” أنّ الذين جاء بهم بعد خروجهم من كفريا والفوعة، هم بالأساس من الميليشيات التي كانت تقاتل تحت رايته.
ونوّه الناشط إلى أنّ عناصر حزب الله تمنع أي أحد من أهل القصير من دخول المدينة، وتعد بعضهم بتعويض مالي ليشتري بيتاً في مكان آخر، في إشارة إلى إبعاده عن أرضه وبيته ومنشأه الأول.
وكان النظام وحزب الله اللبناني، قد أعادا السيطرة على منطقة القصير في ريف حمص الغربي، عند الحدود مع لبنان في صيف 2013، بعد معارك أدت إلى تدمير 70 في المائة من مدينة القصير وقراها، لا سيما القريبة من الحدود مع لبنان والتي فرض (حزب الله) سيطرته عليها، بعد تهجير سكانها.