تحول سجن رومية اللبناني، الأكبر في البلاد، إلى بؤرة متقدمة لأزمة إنسانية مركبة، فبعد تسجيل ثاني وفاة بمرض السل خلال أسبوع، واشتباه بإصابة عشرات السجناء، يطلق الموقوفون السوريون صيحة استغاثة عاجلة محذرين من “تحول الوضع إلى قنبلة موقوتة”.
هذه الأزمة الصحية ليست سوى القشرة الخارجية لأزمة أعمق تتشابك فيها خيوط الإهمال الطبي، والاكتظاظ الرهيب، والسياسات الأمنية المجحفة، والملف الشائك للاجئين السوريين، والعلاقات بين بيروت ودمشق.
تفاصيل الوضع الكارثي
توفي 44 سجيناً منذ بداية 2025، وفق منصات السجناء، في مؤشر على انهيار منظومة الرعاية الصحية داخل السجن، حيث يتم تحويل الحالات الحرجة إلى “السجن التأديبي” بدلاً من المستشفيات ما يمثل سياسة عقابية تتفوق على الاعتبارات الإنسانية، ويدفع باتجاه حصيلة وفيات أعلى.
وبحسب بيان السجناء فقد تحول سجن رومية إلى بيئة مثالية لانتشار الأوبئة، حيث يكتظ بأكثر من 4000 سجين في منشأة تفوق طاقتها، ويجري نقل الموقوفين بشكل جماعي في سيارات مغلقة، وتجري حركة الحراس بين الأقسام دون إجراءات وقاية كافية للاحتراز من انتقال الأمراض السارية.
ويشكل السوريون (قرابة 2000 سجين) ما يقرب من نصف نزلاء السجن، بينهم 190 معتقلاً على خلفية نشاطهم السياسي أثناء الثورة السورية، وهذا الرقم الضخم لا يعكس فقط أزمة سجون لبنانية تعاني من إهمال مزمن، بل يكشف عن تحول السجن إلى “مستودع” لحل أزمات سياسية وأمنية أوسع، على حساب الحقوق الأساسية للإنسان، وفق ما يؤكده حقوقيون.
وقد جدّد المعتقلون النداء للدولة السورية بـ”تسريع إجراءات نقلهم ومحاكمتهم أمام القضاء السوري” وسط يأس من إمكانية حصولهم على محاكمة عادلة أو رعاية لائقة في لبنان، وهو ما يطرح تساؤلات إشكالية حول مصيرهم في حال لم يتم نقلهم.
ولم تعلق الحكومة السورية – حتى لحظة نشر التقرير – على هذه الرسالة، فيما يبقى الملف عالقا وتبقى أسئلة المعتقلين دون أجوبة، كما لم تفلح حتى الآن استغاثاتهم بالمنظمات الدولية.






