في يوم مشحون بالتوتر، فرضت السلطات السورية حظر تجوال في مدينة حمص، وسط انتشار أمني مكثف، وذلك للسيطرة على التبعات الأمنية المترتبة على جريمة قتل مروعة ذات طابع طائفي هدفت إلى “بث الفتنة” بين الأهالي، وفقاً لتصريحات رسمية.
في الصباح الباكر من يوم الأحد، شهدت بلدة زيدل جنوبي حمص جريمةً هزت المجتمع المحلي، حيث عُثر على رجل وزوجته مقتولين داخل منزلهما، ولم تكن الجريمة تقليدية، فقد وجدت قوى الأمن أن جثة الزوجة تعرضت للحرق، كما اكتُشفت عبارات ذات طابع طائفي كُتبت في موقع الحادث، مما دفع المسؤولين للتحذير من “إشعال الفتنة الطائفية” عمداً بين السكان.
الرد العشائري والتوترات الميدانية
أثار خبر الجريمة غضباً عارماً، حيث نفذت مجموعة مسلحة من عشائر بني خالد – التي ينتمي لها الضحيتان – هجوماً انتقامياً على حي المهاجرين في مدينة حمص، والذي تقطنه غالبية علوية، وشملت الهجمات، وفقاً لتقارير إعلامية وحقوقية، إطلاق نار عشوائي، واقتحام منازل، وتخريب محال تجارية ومركبات، وإشعال حرائق.
أدت هذه الأحداث إلى حالة من الذعر الشديد بين السكان، وأجبرت العديد على البقاء في منازلهم وسط إغلاق تام للمحلات.
وللتعامل مع التصعيد، تحركت الأجهزة الأمنية على عدة جبهات، حيث فرضت حظر التجوال في مدينة حمص بدءاً من الساعة الخامسة مساء حتى الخامسة صباحاً، وسط انتشار مكثف، حيث نفذت قوات الأمن الداخلي والجيش انتشاراً واسعاً في بلدة زيدل والعديد من المناطق جنوب حمص، بما في ذلك الأحياء الجنوبية للمدينة، في محاولة لفصل الأطراف المتعارضة وإعادة الاستقرار.
وأكد قائد الأمن الداخلي في المحافظة، العميد مرهف النعسان، أن الجهات المختصة باشرت فوراً بتطويق مكان الجريمة، وجمع الأدلة، وفتح تحقيق موسع لتحديد هوية الجناة وملاحقتهم قضائياً.
ردود الفعل
سارعت الجهات الرسمية والقوى المجتمعية إلى نشر رسائل التهدئة ومنع انزلاق المدينة إلى فتنة أوسع، ومن النداءات الرسمية ما دعا إليه العميد مرهف النعسان الأهالي إلى “ضبط النفس” وعدم الانجرار وراء ردود الفعل، والثقة بالأجهزة الأمنية لإحقاق العدالة.
وعُقد اجتماع طارئ على مستوى المحافظة في حمص ضم قيادات من الجيش، والأمين العام للمحافظة، ومدير الأوقاف، والمفتي، بالإضافة إلى وفد يمثل عشائر حمص، وشدد الحضور على ضرورة تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية للحفاظ على أمن المدينة، مؤكدين على أهمية الحوار والتعاون لتجاوز التحديات.
وتُعرف محافظة حمص بتداخلها الطائفي، وقد حرصت الحكومة السورية عقب التحرير على منع العمليات الانتقامية والاغتيالات، وتمثل الأحداث الحالية اختباراً صعباً للاستقرار الهش في سوريا خلال مرحلة ما بعد النظام البائد.





