في تطور يعكس تعقيد المشهد في جنوب سوريا، تجري على الأرض تحركات عسكرية ودبلوماسية مكثفة، تتراوح بين تعزيز التعاون بين دمشق وموسكو، واختراقات متكررة للقوات الإسرائيلية، ومفاوضات أمنية متوقفة، فيما تشير تقارير أممية إلى استمرار سياسات الاستيطان الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل.
وقد أجرى وفد مشترك من وزارتي الدفاع في سوريا وروسيا، يوم أمس الاثنين 17 نوفمبر، جولة ميدانية شملت عدداً من النقاط والمواقع العسكرية في الجنوب السوري، ووفقًا لبيان رسمي من الدفاع السورية، حيث هدفت الجولة إلى “الاطلاع على الواقع الميداني ضمن إطار التعاون القائم بين الجانبين”.
وسبقت هذه الجولة اجتماعات مكثفة في العاصمة دمشق، حيث استقبل وزير الدفاع السوري، اللواء مرهف أبو قصرة، يوم الأحد، وفداً عسكرياً روسياً رفيع المستوى برئاسة نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بيك يفكيروف، وجرى خلال اللقاء بحث مجالات التعاون العسكري وتعزيز آليات التنسيق بين البلدين.
وكان وفد عسكري سوري رفيع قد وصل إلى موسكو في وقت سابق هذا الشهر لتطوير آليات التنسيق بين وزارتي الدفاع، وتشير التقديرات إلى أن هذه التحركات تأتي في سياق تنفيذ التفاهمات التي جرت بين القيادة السورية والروسية، وتهدف إلى سحب الذرائع من إسرائيل، التي سيطرت على مناطق واسعة في الجنوب، كما أن هذه الخطط تهدف إلى تعزيز الوجود العسكري السوري في المناطق التي تشهد توترات.
توغلات إسرائيلية ورفض للانسحاب
لم تمنع التحضيرات الدبلوماسية القوات الإسرائيلية من الاستمرار في توغلاتها في ريف القنيطرة، حيث أفادت تقارير عن توغل دوريات إسرائيلية في قرى الصمدانية الشرقية والغربية والعجرف، بالإضافة إلى أم العظام وخان أرنبة وصيدا الجولان.
وترافق هذه التوغلات أحياناً بعمليات اعتقال للمواطنين، كما حصل في خان أرنبة حيث اعتقلت قوات الاحتلال أربعة مواطنين.
وعلى الصعيد السياسي، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن قوات الاحتلال “ستبقى في جبل الشيخ والمنطقة العازلة في الجولان”، معتبراً أنها تتيح لإسرائيل مراقبة واسعة وتمنع تهريب الأسلحة، فيما تقول وسائل إعلام إسرائيلية إن المفاوضات الأمنية مع دمشق “وصلت إلى طريق مسدود”.
وذكرت قناة “كان” أن الاحتلال رفض الانسحاب من المناطق التي احتلها في جنوب سوريا إلا مقابل توقيع اتفاقية سلام كاملة، وهو ما يُعتبر بعيد المنال في الأفق القريب.
وفي سياق متصل، حذرت اللجنة الأممية المعنية بالتحقيق في ممارسات الاحتلال الإسرائيلي من أن الأخير “يسعى إلى مضاعفة عدد المستوطنين في الجولان السوري المحتل” في مساعٍ ممنهجة لفرض وقائع جديدة على الأرض، معتبرة أن هذه السياسات تمثل “تصعيداً خطيراً” يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
الدور الأمريكي
تجري هذه التطورات في ظل مفاوضات أمنية غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل، ترعاها واشنطن، في محاولة لبلورة تفاهمات تحد من وتيرة التصعيد.
إلا أن هذه المفاوضات لم تفضِ إلى نتائج ملموسة حتى الآن، خاصة فيما يتعلق بانسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب السوري والضمانات التي تطالب بها إسرائيل.
ووفقاً للتقديرات، تبدي إسرائيل “قلقاً متزايداً من توسع الدور التركي في الساحة السورية”، وتخشى أن يؤدي هذا الدور إلى ترسيخ نفوذ تركي طويل الأمد في المناطق القريبة من الحدود.
من جهته، أوضح الرئيس السوري أحمد الشرع أن علاقة بلاده مع موسكو “تقوم على المصالح المشتركة”، معتبراً أن دمشق “بحاجة إلى روسيا كونها عضواً دائماً في مجلس الأمن”، كما استبعد الشرع انضمام سوريا لاتفاقيات “أبراهام” للتطبيع مع إسرائيل، معرباً عن أمله في مساعدة إدارة ترامب للتوصل إلى اتفاق أمني مع تل أبيب أو العودة لاتفاق 1974.






