صعّد المستشار الألماني فريدريش ميرتس من خطابه تجاه اللاجئين السوريين، مؤكداً أنّ الوقت قد حان لبدء إعادتهم إلى بلادهم، ومعتبراً أن الحرب في سوريا انتهت ولا مبرر لاستمرار طلبات اللجوء، حيث دعا إلى ترحيل من يرفضون العودة الطوعية، في موقف أثار نقاشاً واسعاً داخل الأوساط السياسية الألمانية.
جاءت تصريحات ميرتس أمس الاثنين 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 خلال زيارة لهوسوم شمال ألمانيا، حيث شدد على أن “لم يعد هناك أي سبب لطلب اللجوء في ألمانيا”، مضيفاً أنّ السوريين الذين يرفضون العودة يمكن ترحيلهم “بالطبع”. وأكد أنه دعا الرئيس السوري أحمد الشرع إلى ألمانيا لبحث ما وصفه بـ”حل المشكلة معاً”، خصوصاً في ما يتعلق بترحيل من لديهم سجلات جنائية.
تباين حكومي حول تأثير الوضع السوري
تتعارض تصريحات ميرتس مع موقف وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، الذي بدا أكثر تحفظاً خلال زيارته إلى دمشق قبل أيام، حيث أشار إلى أن إعادة اللاجئين “ممكنة فقط على نطاق محدود للغاية” نظراً لحجم الدمار الذي لحق بالبنى التحتية بعد 13 عاماً من الحرب. ورغم هذا التحذير، فإن قطاعاً واسعاً داخل الحزب المسيحي الديمقراطي انتقد موقف فاديفول، واعتبر أن حجم الدمار لا يمثل “ذريعة” تعيق إعادة السوريين.
وكان فاديفول قد التقى في دمشق الرئيسَ السوري أحمد الشرع، مؤكداً أن عودة السوريين لا تزال رهينة ظروف ميدانية معقدة. غير أن ميرتس يبدو عازماً على المضي في مقاربة أشد صرامة، إذ يربط بين إعادة الاستقرار إلى سوريا وإقناع السوريين بالمساهمة في إعادة الإعمار داخل بلادهم.
ترحيل أصحاب السجلات الجنائية… أولوية
جدّد ميرتس التأكيد على نية الحكومة الألمانية ترحيل السوريين المتورطين بجرائم أو جنح، قائلاً: “سنواصل بالطبع ترحيل المجرمين إلى سوريا… وسوف ننفذ ذلك الآن بطريقة ملموسة للغاية”. وكانت وزارة الداخلية الألمانية أعلنت في تموز/يوليو الماضي أنها تسعى لطرد السوريين مرتكبي الجرائم، في خطوة تضاف إلى التوجهات المتشددة بشأن ملف اللجوء.
ويعيش في ألمانيا نحو مليون سوري، معظمهم وصلوا خلال موجة اللجوء الكبرى في 2015–2016. لكن المتغيرات السياسية والميدانية بعد سقوط النظام في كانون الأول/ديسمبر 2024 دفعت عدداً من الدول الأوروبية، بينها ألمانيا، إلى تجميد إجراءات اللجوء وإعادة النظر بملف السوريين على أراضيها.
وبحسب بيانات وزارة الداخلية الألمانية، بلغ عدد السوريين المقيمين في البلاد حتى آب/أغسطس الماضي نحو 951,406 أفراد، بينهم 920 شخصاً ملزمون بالمغادرة ولا يملكون تصريح إقامة مؤقتاً.
وتشير التطورات الأخيرة إلى انقسام واضح داخل الائتلاف الحاكم بشأن توقيت وشروط إعادة اللاجئين السوريين. ففي الوقت الذي يستند فيه ميرتس إلى خطاب يعتبر أن الحرب انتهت وأن إعادة الإعمار تتطلب عودة السوريين، يحذر الجناح الدبلوماسي من أن الواقع الميداني لا يزال غير مستقر بما يكفي لاستيعاب عودة واسعة.
في المقابل، تبقى الخطوات العملية مرهونة بنتائج الحوار المرتقب بين برلين ودمشق، خصوصاً في ما يتعلق بترحيل ذوي السجلات الجنائية، إضافة إلى قدرة سوريا على توفير شروط آمنة وحقيقية لعودة مواطنيها، وسط تساؤلات حول مدى توافق هذه الإجراءات مع القوانين الأوروبية الخاصة بحقوق اللاجئين.
								
				
								
															





