في مشهد يعكس تحوّلاً في الرؤية الإعلامية السورية بعد مرحلة طويلة من التحديات والانقسامات، أكد وزير الإعلام حمزة المصطفى على ضرورة إعادة بناء المنظومة الإعلامية السورية في مواجهة التضليل وحملات التشويه.
جاءت تصريحات الوزير خلال مشاركته في ندوة بعنوان “فجر سوريا الجديد” ضمن فعاليات مؤتمر TRT World 2025 في مدينة إسطنبول، حيث أشار إلى أن الإعلام في سوريا الجديدة يجب أن يستند إلى الشفافية، بعيداً عن الأساليب التقليدية التي غلبت على الخطاب الرسمي في العقود الماضية.
العقوبات تعرقل جهود الحكومة
كشف المصطفى عن بدء التواصل مع شركة “ميتا” لمناقشة ظاهرة الحسابات المفبركة التي تنشط ضد الحكومة السورية على منصات التواصل، موضحاً أن العقوبات المفروضة على البلاد تعرقل التعاون التقني المباشر في هذا الملف.
وأشار إلى أنه تم تأسيس وحدة رقمية متخصصة في الوزارة لمتابعة الحملات المضللة والتعامل معها بآليات مهنية وتقنية متقدمة.
وأكد الوزير أن محاربة الأخبار الكاذبة أصبحت جزءاً من الأمن الوطني الإعلامي، وأن الوزارة تعمل على إعادة صياغة العلاقة مع الجمهور من خلال تقديم محتوى موثوق ومبني على الحقائق، معتبراً أن “الاستثمار في حرية التعبير هو الخطوة الأولى نحو بناء إعلام حديث وشفاف”.
تحوّل في الخطاب الإعلامي السوري
تأتي تصريحات المصطفى في وقت تحاول فيه سوريا إعادة تعريف دور إعلامها الوطني، بعد سنوات من الاضطراب السياسي وتعدد المنابر والمصادر غير الرسمية.
ويعكس حديثه تحولاً لافتاً في مقاربة الحكومة لملف الإعلام، من أداة سياسية تقليدية إلى منصة للحوار الوطني وبناء الثقة، خاصة في ظل المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد بعد سقوط النظام البائد.
ويشير مراقبون إلى أن التوجه الرسمي نحو الانفتاح الإعلامي وإشراك القطاع الخاص والكوادر الشابة قد يشكل فرصة لإحياء المشهد الإعلامي السوري، شريطة أن يقترن ذلك بضمانات حقيقية لحرية الرأي واستقلالية المؤسسات.
وكان تحقيق استقصائي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) في أيار الماضي، كشف عن شبكات خارجية منظمة تنشط عبر منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، تعمل على نشر خطاب الكراهية والطائفية وترويج معلومات مضللة حول الأوضاع في سوريا.
وأظهر التحقيق أن أكثر من 60 في المئة من الحسابات التي نشرت محتوى عدائياً ضد الحكومة السورية الجديدة مصدرها خارج البلاد، خاصة من العراق ولبنان واليمن وإيران، وتستخدم أساليب رقمية مثل البرمجة الآلية والنشر المتزامن وإعادة تدوير المقاطع القديمة بهدف تضليل الرأي العام.
وتمثل هذه الحملات جزءاً من حرب معلومات معقّدة تستهدف زعزعة الاستقرار الداخلي والتأثير في المزاج الشعبي، ما يجعل الإعلام الوطني الرقمي خط الدفاع الأول عن الحقيقة في مواجهة الأخبار المفبركة والتلاعب السردي.
ومن الأساليب الشائعة التي تستخدمها هذه الحسابات إعادة نشر مقاطع فيديو قديمة لا علاقة لها بالأحداث الحالية، وتقديمها زوراً على أنها مرتبطة بأحداث حديثة وترويج الاكاذيب والشائعات.






