كشف تقرير إعلامي عن شبكة من الأشخاص المنتفعين تحيط بحكمت الهجري والميليشيات التابعة له، حيث يستولي على المساعدات التي يجري جمعها بزعم دعم المحافظة والأهالي، فضلا عن نهب ما تبقى من ممتلكات عامة وبنية تحتية.
ونقل موقع الإخبارية السورية عن “مصادر خاصة” أن أموال التبرعات والمساعدات الإنسانية التي تدفقت إلى محافظة السويداء منذ إسقاط النظام البائد في كانون الأول 2024 وحتى مطلع تموز 2025، تم نهبها بشكل شبه كامل، ولم يصل منها للأهالي إلا النذر اليسير.
وأكدت المصادر سرقة أكثر من 160 مليون دولار أمريكي من تبرعات أبناء المحافظة المغتربين، التي كانت تصل على دفعات بهدف دعم أهالي المحافظة وبنيتها التحتية وخدماتها، فيما لم تحقق التبرعات الغاية المعلنة.
وكان من المفروض أن يتم استخدام تلك الأموال لشراء مولدات كهربائية وإنشاء حقول طاقة متجددة وتأمين الاحتياجات الأساسية، لكن ثلاثة ملايين دولار فقط جرى توزيعها على بعض القرى لشراء أسلحة وعتاد عسكري، بينما ضاعت بقية التبرعات في شبكة معقدة من الفساد والصفقات الوهمية لصالح شخصيات نافذة في المنطقة.
وبحسب المصادر فقد وصلت التبرعات المالية إلى السويداء على شكل دفعات متتالية، أبرزها ما يقارب 132 مليوناً و800 ألف دولار أمريكي منذ تحرير سوريا واسقاط النظام البائد حتى مطلع شهر تموز الفائت، ثم دفعة ثانية بلغت نحو 31 مليون دولار أُرسلت بعد تاريخ 13 تموز، وكان يفترض أن تخصَّص للإغاثة الطارئة ودعم النازحين الذين يقدَّر عددهم بأكثر من 170 ألف شخص في مراكز الإيواء.
وجرى تحويل تلك التبرعات لصالح حكمت الهجري وشخصيات أخرى مقربة منه، دون وجود أي آلية رقابية واضحة، وأضافت المصادر أن “الأهالي لم يستفيدوا من هذه التبرعات سوى فتات لا يتناسب مع حجم المبالغ المرصودة”.
وكشف مصدر من داخل إحدى الجمعيات التابعة لأبناء السويداء في المهجر أن نية المتبرعين كانت تعزيز تسلّح السويداء بعد سقوط نظام الأسد المخلوع وتوفير احتياجات استراتيجية للسكان، إلا أن النتائج جاءت عكسية تماماً، إذ تحولت الأموال إلى مصدر للثراء الشخصي.
نهب مساعدات وقوافل الإغاثة
تؤكد شهادات سكان مراكز الإيواء أن مساعدات الهلال الأحمر العربي السوري التي تصل إلى السويداء تأتي منقوصة بشكل واضح؛ إذ من المفترض أن تحتوي السلل الغذائية على ثماني زجاجات زيت، لكنها تصل بزجاجة واحدة فقط، كما تسرق المعلبات ذات القيمة الغذائية العالية مثل التونة وزبدة الفول السوداني من مخصصات الأطفال، وفق التقرير.
وأشار أصحاب متاجر في مدينة السويداء إلى أن الأسواق امتلأت تدريجياً بمواد غذائية مصدرها الأساسي المساعدات التي ينقلها الهلال الأحمر العربي السوري، حيث يقوم سماسرة محليون وقادة عصابات خارجة عن القانون مرتبطون مع الهلال الأحمر ببيعها للتجار بأسعار مرتفعة، لتتحول المساعدات الإنسانية في السويداء إلى سلعة تجارية مربحة بدلاً من أن تصل إلى مستحقيها.
وأكدت شهادة أحد المتطوعين في الهلال الأحمر أنّ ميليشيات الهجري استولت مؤخراً على 700 سلة غذائية من أصل 1000 سلة دخلت إلى مدينة شهبا، حيث إنّ عمليات السطو على المساعدات في السويداء تجري بقوة السلاح، وعناصر الميليشيات يتصرّفون بالسلل المستولى عليها بطريقة شخصية دون أن يتاح لفرع الهلال الأحمر في السويداء مراقبتها.
وروى أحد أهالي السويداء أن عناصر الميليشيات يعيدون تسويق المواد الغذائية المسروقة، ما يدفع الأهالي إلى شرائها بأسعار مضاعفة، رغم أنها في الأصل مساعدات مجانية، لافتاً إلى أنّ المواطنين يشترون بعض السلع المسروقة من المساعدات الإنسانية بأكثر من ثلاثين ضعفاً لقيمتها السوقية.
كما نقل التقرير عن ناشط مدني من ريف السويداء أن ميليشيات الهجري تستخدم جزءاً من المساعدات في صفقات تسليح وشراء مركبات عسكرية، فيما تباع بقية المواد عبر وسطاء إلى المحال التجارية التي تعرضها في السوق كأي سلعة مستوردة، ما يدّل على وجود شبكة منظمة يترأسها الهجري للنهب والسيطرة على الموارد الإنسانية.
دخول القوافل مستمر
أكدت قناة الإخبارية أن قافلة مساعدات إنسانية جديدة في طريقها إلى محافظة السويداء، اليوم االاثنين، وتتألف من 72 شاحنة محمّلة بمواد غذائية وتجارية وكذلك مواد خدمية.
ودخلت قافلة مساعدات تجارية ضخمة، أمس الأحد، إلى السويداء تضم 95 شاحنة محملة بمواد غذائية وخضروات ودواجن وأعلاف وخزانات مياه وأخشاب ومواد صناعية، في خطوة من شأنها تعزيز المخزون التجاري وتأمين الاحتياجات الأساسية لأهالي المحافظة.
وتأتي هذه القوافل ضمن خطة الاستجابة الدولية لإيصال المساعدات إلى المواطنين المتضررين، وخاصة في السويداء، بالتنسيق مع المنظمات الدولية والمجتمع المحلي.
وكان المكتب الصحفي في محافظة السويداء، قد نفى أمس، ما تم تداوله عبر بعض وسائل التواصل الاجتماعي حول تشكيل لجان تابعة للمحافظة لتوزيع المحروقات والمساعدات داخل المدينة، مؤكداً أن هذه الأنباء غير دقيقة ولم يصدر بشأنها أي قرار أو توجيه رسمي.