أعلنت وسائل إعلام سورية عن توغلات جديدة للاحتلال الإسرائيلي جنوبي البلاد، فيما كشف تقرير صحفي عبري عن استمرار عمليات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي السورية، ووصوله لنقاط غير مسبوقة.
وقالت الإخبارية السورية إن قوات الاحتلال توغلت، فجر اليوم الأحد، في قريتين بريف درعا الغربي، حيث تمركزت 12 آلية وسط بلدة صيصون، فيما انتشرت 6 آليات أخرى في سرية جملة على حافة وادي اليرموك، ونفّذت عمليات تفتيش دون معلومات عن اعتقالات طالت سكان المنطقة.
يأتي ذلك فيما يجري التفاوض بين سوريا والاحتلال، على “اتفاق أمني للعودة إلى اتفاق 1974 أو شيء يشبهه”، وفقا لما أكده الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم الجمعة الفائت، حيث اوضح أن “هذا التفاوض لم ينته بعد”.
وحول الحلول الممكنة لمواجهة هذا الواقع، قال العقيد السوري إسماعيل أيوب، لحلب اليوم، إن المشهد العسكري في المنطقة “معقد”، حيث أن “دولا كبيرة مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وحتى الروس يمكن أن نقول إن موقفهم خجول بل هناك شبه ضوء أخضر من الدول الغربية لإسرائيل”.
وتستغل الأخيرة الأوضاع، إذ “لا يوجد جيش يستطيع أن يقاوم هذا التوغل”، فهو لا يزال في طور البناء، ويُخشى أنه إذا استمرت إسرائيل بهذه التوغلات أو بقيت في المناطق التي توغلت فيها، “فيمكن أن تخلق في المنطقة بؤرة توتر جديدة.. إسرائيل تدفع بالشعب السوري دفعا لخلق مقاومة جديدة في جنوب سوريا وربما هذا ما ترغب به.. ربما تريد أن يقع إطلاق نار على قواتها حتى تخلق مبررا آخر للاحتلال”، وفقا لأيوب.
وكشفت قناة “i24NEWS” العبرية أمس عن وجود تقدم بطيء في المحادثات الجارية حول الاتفاق الأمني مع الحكومة السورية، ونقلت عن “مسؤول سياسي إسرائيلي” قوله، إن “احتمالات توقيع الاتفاقية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، المقررة بعد أسبوعين، تبقى منخفضة مقارنة بما كانت تأمله الولايات المتحدة”.
ولفت الشرع إلى رغبته في العودة للمفاوضات قائلا: “نحن الآن في طور تفاوض ونقاش حول موضوع الاتفاق الأمني مع إسرائيل، التي اعتبرت أن سقوط النظام هو خروج لسوريا من اتفاق عام 1974 رغم أن سوريا أبدت منذ اللحظة الأولى التزامها به”، وأضاف أن إسرائيل أخذت الجانب الأكثر أمناً بالنسبة لها، فبدأت تقصف بعض الأماكن المدنية والعسكرية، وهذا غير مبرَّر، فيما أبدت سوريا التزامها باتفاق 1974 وراسلت الأمم المتحدة وطلبت من قوات الأندوف أن تعود إلى ما كانت عليه.
وبحسب أحرونوت فقد “تفاجأ الجيش الإسرائيلي” بالوضع على الحدود، ليدخل في الأراضي السورية على عمق 38 كيلومترا، أمس، ويسيطر على قاعدتين عسكريتين كانتا تابعتين لجيش النظام، في عملية أطلق عليها “الأخضر الأبيض” وشارك فيها مئات من جنود الاحتياط التابعين للفرقة 210.
وذكرت نقلا عن مصادرها أنه رغم تقنيات رسم الخرائط والترميز المتقدمة التي يمتلكها جيش الاحتلال الإسرائيلي، “لم يُصدّق أن أهم مقر له في شمال الجولان – بالقرب من كيبوتس أورتال وعين زيفان – يُمكن رؤيته من الجانب السوري بهذه الطريقة”.
واستولت القوات الإسرائيلية على نحو 3.5 طن من الأسلحة والذخائر، بينها صواريخ مضادة للدروع وقذائف هاون وصواريخ قصيرة المدى، إضافة إلى دبابات وشاحنات عسكرية قديمة تابعة للنظام البائد، كما استولت على شريط من الأراضي السورية بعرض 10 كيلومترات تقريبا على طول الجولان وصولا إلى منطقة المثلث الحدودي في “حمات غدير”.
وحول ما إذا كانت تلك التحركات تمهيدا لاحتلال جديد قال العقيد إن طبيعتها ما تزال غير واضحة، ولكن يُخشى من أن تفضي لاحتلال جديد للجنوب السوري، مشيرا إلى الأطماع التوسعية للدولة العبرية، حيث إن إسرائيل خرقت منذ وصول هذه الدولة إلى السلطة اتفاقية هدنة عام 1974، فهي “توغلات مدانة من الناحية الأخلاقية ومن الناحية السياسية”، لافتا إلى أن “سياسة الدولة العبرية هي سياسة توسعية، ولديها مطامع لاحتلال التلال الحاكمة الموجودة داخل سوريا”.
ولكن – يضيف العقيد – حتى الآن لا نستطيع أن نحكم على هذه التحركات ما إذا كانت توغلات مؤقتة أم دائمة، “بما أنه لا توجد دولة قوية في دمشق تستطيع أن تواجه هذا هذا التوغل”، إلا أنه من المؤكد أن لديهم أطماعا دائمة في التلال الحاكمة خاصة أعلى جبل الشيخ.
وفيما أكدت الحكومة السورية أنها ليست بصدد المواجهة مع إسرائيل أو أية جهة خارجية، فقد دعت مجلس الأمن والمجتمع الدولي لحل “مشكلة” التوغل الإسرائيلي جنوبي البلاد.
ومع دخول قوات الاحتلال لعدة مناطق بالقنيطرة وريف درعا، بل ريف دمشق أيضا، وانسحابها منها بشكل متكرر، باتت خريطة السيطرة العسكرية هناك غير واضحة.
وبشأن ذلك قال أيوب إن خرائط الانتشار الإسرائيلي حاليا في المنطقة غير معروفة، حيث “خرقوا شرق خط الهدنة بشكل كامل وهناك توغلات في المنطقة الجنوبية وأيضا في منطقة جباتا الخشب، في القطاع الشمالي والقطاع الأوسط وحتى في القطاع الجنوبي”، وبالتالي فإن “خريطة الانتشار متغيرة بشكل مستمر، ولا نستطيع أن نقول أنها في الجولان بشكل عام خريطة دائمة”.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية فقد أقام جيش الاحتلال أمس، على طول الشريط الذي سيطر عليه 8 مواقع عسكرية بمساحات مختلفة، في عملية استغرقت 14 ساعة، وشهدت لأول مرة منذ حرب 1973 دخول وحدات مدفعية إسرائيلية إلى داخل سوريا لتأمين القوات المشاركة.
وفق “مصادر عسكرية” فإن السيطرة تمنح الاحتلال الإسرائيلي ميزة إستراتيجية في مراقبة طريق دمشق – بيروت وكشف طرق تهريب السلاح إلى حزب الله في البقاع اللبناني، باعتبار أن الاستيلاء على جبل الشيخ بات أولوية قصوى، لما يتيحه من إمكانية مراقبة الجولان من الجانبين.
وقال “مسؤولون عسكريون” للصحيفة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيُبقي سيطرته على تلك النقاط، لأنها تكشف مواقع عسكرية إسرائيلية مهمة.
وكان الشرع قد أكد أن بعض السياسات الإسرائيلية تدل على أنها حزنت على سقوط النظام البائد، حيث “كانت تريد من سوريا أن تكون دولة صراع مع دولة إقليمية وميداناً للصراع المستمر وتصفية الحسابات، وكان لديها مخطط لتقسيمها”.