أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، ما تداولته وسائل الإعلام مؤخرا، حول عزم الحكومة السورية طباعة عملة جديدة مع حذف صفرين، لكنه لم يحدد موعدا لذلك.
وقال حصرية في تصريحات لقناة العربية، أمس الجمعة، إن “تغيير العملة سيؤدي للاستقرار النقدي، وهو ركيزة أساسية للإصلاح”، مضيفا أن “حذف الصفرين من العملة سيخدم الاقتصاد”، وأن “الليرة تحسنت بنحو 35% منذ سقوط النظام”.
لكن الخبير الاقتصادي السوري، فراس شعبو، يرى في إفادته لموقع حلب اليوم، أنه “ما زال من المبكر تغيير العملة، معتبرًا أن الأمر سيكون كارثيًا في هذا التوقيت، حيث من المفترض أن تكتمل عملية الإصلاح الاقتصادي قبل طباعة الأوراق النقدية الجديدة”.
وقال إن “تغيير العملة يكون في نهاية عملية الإصلاح الاقتصادي، فهو خاتم لعمليات الإصلاح وليس مقدمة لها. العملة هي مرآة الاقتصاد، فبالتالي يجب علينا أن نقوي الاقتصاد حتى تتحسن، وذلك يكون بتأمين احتياطيات أجنبية كبيرة وترشيد الإنفاق وإيجاد أنظمة مصرفية قوية حتى ندعم العملة. فهذه الأمور التي تساهم في رفع قيمة الليرة، بالإضافة إلى تحسين الناتج. اليوم لدينا تهالك في الناتج الزراعي والصناعي والخدمي بشكل كبير جدًا، وهذه المتغيرات هي التي تساهم في التحسين”.
وأشار حصرية إلى أن الحكومة شكلت لجانا مع المصارف الخاصة ومع المصارف العامة والمختصين في المصرف المركزي لتقييم احتياجات التغييرمضيفا أن “تغيير العملة هي أحد ركائز استراتيجيتنا بالنسبة للإصلاح المالي والنقدي وهي اليوم ضرورة بالنسبة لنا”، وأن “الليرة الجديدة ستكون علامة حرية السوريين، وبتصميم يتناسب مع تطلعاتهم”.
ونقلت وكالة رويترز، أمس، عن “سبعة مصادر ووثائق” قالت إنها اطلعت عليها أن سوريا ستصدر أوراقا نقدية جديدة وتحذف صفرين من عملتها، وأضافت أن الطرح الرسمي للأوراق النقدية الجديدة سيكون في الثامن من ديسمبر كانون الأول، الذكرى السنوية الأولى للإطاحة بالأسد، لكن حصرية قال إن الإطار الزمني لإصدار العملة الجديدة لا يزال قيد الدراسة.
واعتبر شعبو أن “الأمر محفوف بالمخاطر إذا لم تكن هناك سياسات صارمة، فاليوم لدينا خلل في الواقع الاقتصادي السوري، حيث أن المصارف ضعيفة جدًا وسط حالة عدم انضباط في أسعار الصرف وتشرذم الدولة جغرافيًا، فهي لا تسيطر على جميع سوريا. بالإضافة إلى أن هناك مناطق تحت سيطرة الدولة تتعامل بغير الليرة السورية، في الشمال الغربي، فالتعامل هناك فقط بالليرة التركية والدولار، وهذا الأمر سوف يكون معيقًا”.
ومضى بالقول: “لدينا أيضًا موضوع عدم وجود احتياطيات كافية لاستعادة قيمة العملة”، متسائلًا: “هل هو تغيير شكلي أم حقيقي؟ فالخوف من أن يكون الحل تجميليًا وليس جذريًا.. نحن نريد الحل الجذري الذي يكون عبر تحسين الاحتياطيات ومداخيل الدولة ثم ننطلق بعد ذلك لتحسين قيمة العملة؛ الأمر الذي سوف يكون ‘تحصيل حاصل’ بالنهاية”.
وأضاف أن “تغيير العملة اليوم دون ضوابط قانونية ودون جاهزية فنية وتقنية سوف يؤدي إلى حالة إرباك في الأسواق وربما حالات تلاعب وغش أو مضاربة بأسعار الصرف، فالمصرف المركزي بالأساس غير موجود حتى اللحظة في الساحة المالية السورية، وما يقوم به هو فقط إصدار البيانات التي لا تلتزم بها المصارف مع الأسف. وخلاصة القول فإن التغيير اليوم سوف يكون مفيدًا جزئيًا، ولكن على المستوى المتوسط والبعيد سوف يكون مضرا”.
ولفت حصرية إلى أن رفع العقوبات عن القطاع المصرفي خفض التضخم، بينما تسعى الحكومة للتعاقد مع نظام “سويفت”، لذا فإن القطاع المصرفي “سيخدم الاستثمارات، بينما نسعى لإعادة الثقة في النظام المصرفي، ونعيد هيكلة وإصلاح المصارف”، مؤكدا أن المصرف المركزي سيمنح تراخيص لعشرات البنوك المحلية والأجنبية.
وبحسب رويترز فإن سوريا اتفقت مع شركة جوزناك الروسية الحكومية لطباعة النقود على إصدار الأوراق النقدية الجديدة، وقد جرى الاتفاق خلال زيارة وفد سوري رفيع المستوى لموسكو أواخر تموز.
ونقلت عن “ثلاثة من المصرفيين السوريين”، أن “من شأن إصدار أوراق نقدية جديدة تحسين رقابة الحكومة على النقد المتداول، فأحد العوامل وراء خطة إصلاح العملة هو القلق بشأن تداول ما يُقدر بنحو 40 تريليون ليرة سورية خارج النظام المالي الرسمي”.
ويخطط المسؤولون لإطلاق حملة إعلامية في الأسابيع المقبلة، فيما وجّه المصرف المركزي البنوك للتأهب لإصدار الأوراق الجديدة بحلول منتصف أكتوبر تشرين الأول.