رفع متظاهرون في محافظة السويداء شعارات مؤيدة للاحتلال الإسرائيلي ولحكمت الهجري وميليشياته الخارجة عن القانون، مطالبين بسلخ المحافظة عن الوطن وضمها للأراضي المحتلة في الجولان.
وطالبت الهتافات بتدخل إسرائيلي لدعم مطالب فصل السويداء مع الرفض القاطع للتفاهم مع الحكومة السورية، متهمين إياها بارتكاب المجازر، فيما وصفوا دولة الاحتلال بدولة العدل والقانون!.
يأتي ذلك فيما تستعد قوات الاحتلال لارتكاب أبشع المجازر في قطاع غزة، واجتياحه بشكل كامل، بعد أشهر من التجويع الممنهج.
وحول ما إذا كانت تلك الأصوات تمثل المحافظة، قال حسام نجار الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري، لحلب اليوم، إن هذه المظاهرات “تكريس لخطوات مدروسة، فهناك من يضع السيناريوهات لكل خطوة بالتعاون مع جهات أخرى ساعدت بالتدريب و التمويل و إذكاء روح الانفصال، و قسد ليست بعيدة عن هذا الأمر”.
وأضاف أن “الشعب السوري الحر المنتصر كان حريصاً على وحدة الصف وعلى وجود دولة واحدة موحدة، و ما حصل من تداعيات افتعلتها إسرائيل من خلال عملائها و أدواتها رسخ في الأذهان أن أولئك المجتمعين المطالبين بالانفصال ما هم سوى عملاء، عملوا من سنوات على ترسيخ خطتهم من خلال المسارات الدولية و العسكرية و بنوا تلك الخطة على أسباب افتعلوها كي يبرروا هذا الانسلاخ و الابتعاد عن الدولة”.
وكان العديد من الشخصيات المهمة في المجتمع الدرزي قد رفضوا سياسة الهجري ومجموعاته، وفي مقدمتهم شيخا العقل حمود الحناوي ويوسف جربوع، لكنهما تراجعا عن تصريحاتهما مؤخرا وانقلبا ضد الحكومة في موقف غريب، عزاه البعض لضغوط كبيرة من الهجري والاحتلال الإسرائيلي.
كما رفض الشيخ ليث البلعوس فكرة الانفصال عن الدولة السورية، محذرا من استخدام الدروز كأداة لتنفيذ مشاريع خارجية، ومؤكدا أن مصلحة السويداء والجنوب السوري تكمن في الحفاظ على وحدة سوريا وتعزيز التعاون مع الحكومة.
وخاض البلعوس عدة حوارات مع دمشق، ودعا إلى تفعيل دور الأمن العام في المحافظة، وتشكيل قوة عسكرية من أبناء الجنوب السوري لتأمين الحدود ومكافحة التهريب، لكن الهجري تسبب بنقض كل مساعيه.
ويرى نجار أن الجهات الخارجية، استطاعت عبر أشخاصاً لديهم المال جلب الكثير إلى صف مشروع التقسيم، و”عززوا من خلالهم تلك الفكرة مستغلين حاجة الناس للعيش وخاصة الفقراء منهم”.
ردود فعل داخلية رافضة
أعرب بعض المتظاهرين عن اعتراضهم على رفع العلم الإسرائيلي، معتبرين أن ذلك لا يمثّل توجّه الجميع، رغم أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها رفع ذلك العلم.
ورفضت بعض الصفحات، مثل صفحة “السويداء الآن” فكرة “رفع علم الاحتلال فوق أرض سوريا”، مؤكدة أنها “خيانة لدماء الشهداء في غزة وسوريا”، كما أيد ذلك الموقف العديد من المتابعين من أبناء المحافظة، مؤكدين رفض اقتطاعها عن الوطن.
وتذرّع المطالبون بالانفصال بما أسموه حق تقرير المصير، بعيدًا عن سلطة الدولة، متجهين بالشكر صراحة للاحتلال على مساندته لميليشيات الهجري.
وحول ذلك يقول نجار: “عندما يطالب البعض بحق تقرير المصير فعن أي حق يطالبون ؟ هل هم بالأصل منفصلون أو أن محافظتهم كانت فيما سبق منفصلة و تم ضمها للكيان السوري ؟ هل سيكون انسلاخهم خطوة لانسلاخ باقي المكونات ؟ عن أي مصير يتحدثون ؟ لنا بإقليم كتالونيا في أسبانيا مثال واضحا و جلي فعندما رغب هذا الإقليم بالانسلاخ و لديه الإمكانيات الاقتصادية المتكاملة وقفت الحكومة المركزية و سائر أوروبا ضد هذا الانفصال رغم قيامهم باستفتاء وافق عليه معظم الكتالونيون ، هذا الأمر يفتح الباب على مصراعيه لبقية المناطق لأن وجود دولة واحدة يسهل أمر التعامل معها بدل من وجود دول منفصلة و هذا يشكل عبئا على الدول من خلال الاعتراف بهذا الانفصال و تشكيل بعثات دبلوماسية و غيره”.
ومضى بالقول: “المركب تسير في السويداء حسب قوة الشخصية المؤثرة هناك و هي كما نرى حكمت الهجري لأنه قبل عدة أيام و من خلال الضغط المستمر على الشيخين ( حمود الحناوي – يوسف الجربوع ) تنازلا عن موقفها من التبعية للدولة و أيدا موقف الهجري وذلك رغم وجود فئة من أهالي السويداء ترغب بالتبعية للدولة لكن يستطيع الهجري و فصائله إسكاتها بقوة السلاح و التهديد، لذا نجد أن ليث البلعوس و جماعته غير قادرين فعلياً على التأثير في هذا الأمر لأسباب ذكرنا بعضها ، و نقول أن البلعوس بالأصل ليس بتلك القوة التي تمكنه من فرض رؤيته على الجموع في السويداء، كذلك عدم وجود قوة عسكرية كافية لديه تجعل الميزان يميل لصالح الهجري، وما يمكنه فعله هو التشوش فقط و إظهار أن أهل السويداء ليسوا متفقين جميعهم على فكر ورغبة ما يسمى تقرير المصير”.
وتستمر قوافل الإغاثة في الدخول للمحافظة بالتنسيق بين الحكومة السورية والهلال الأحمر والمنظمات الإنسانية، إلا أن الميليشيات تسيطر على توزيعها داخل المحافظة.