رحّبت وزارة الخارجية السورية بالتقرير الصادر عن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن بشأن أحداث آذار 2025 التي وقعت في مناطق الساحل وغربي وسط سوريا، مؤكدة أنه ينسجم مع نتائج اللجنة الوطنية.
وقال التقرير الذي نشرته اللجنة الأممية اليوم الخميس، إن أحداث الساحل تضمّنت ارتكاب أفعال قد ترقى إلى جرائم حرب، وأعمال عنف، لكنها لم تكن نتيجة سياسة أو توجه حكومي لارتكاب الجرائم.
وشملت تلك الأعمال – وفقا للتقرير – “القتل والتعذيب والأفعال اللاإنسانية بمعاملة الموتى والنهب على نطاق واسع وحرق المنازل، ما أسفر عن نزوح عشرات الآلاف من المدنيين”، لكن “قوات الحكومة السورية سعت في بعض الحالات إلى وقف الانتهاكات وإجلاء المدنيين وحمايتهم”.
وحول تقييمه لمدى موضوعية التقرير، قال الكاتب الصحفي السوري، أحمد مظهر سعدو، لحلب اليوم، إنه “يبدو وكأنه أُعد بمهنية عالية ضمن عمله على الوصول إلى النتائج حيث يؤكد الوزير الشيباني أن هناك الكثير من التوافقات بين التقرير الأممي وتقرير لجنة تقصي الحقائق التي أصدرت تقريرها مؤخرا؛ إذا فالموضوعية كانت إلى حد كبير ماثلة في التقرير الأممي”.
وقالت الخارجية السورية في تعليقها على نتائج تحقيق اللجنة، إن “الحكومة اتخذت إجراءات جادة في سبيل المساءلة بأحداث الساحل”، مثمنة “إشارة التقرير الأممي لحجم المعلومات المضللة عن أحداث الساحل”، ومرحّبة بالتعاون بين لجنة التحقيق الأممية بأحداث الساحل واللجنة الوطنية”.
كما أكدت اللجنة إيقاف عدد من المتورّطين بانتهاكات في تلك الأحداث، والعمل على ترسيخ العدالة وضمان المساءلة ومنع تكرارها، مؤكدة أن “توصيات التقرير الأممي واللجنة الوطنية بأحداث الساحل ستشكل خارطة طريق لتقدم سوريا”.
وقد طالبت اللجنة الأممية السلطات السورية بملاحقة جميع الجناة بغض النظر عن انتماءاتهم أو رتبهم، حيث أن “حجم العنف الموثّق يستدعي توسيع نطاق جهود السلطات السورية في ملاحقة الجناة”، مضيفة أن “عناصر من فصائل معيّنة دُمجوا ضمن قوات الأمن تورّطوا بارتكاب انتهاكات”، وأن “عناصر من قوات الحكومة السورية وأفرادا عاديين ومقاتلين موالين للأسد تورطوا أيضا بالانتهاكات”.
ولا يستبعد الكاتب السوري أن “يُستخدم التقرير في بعض ماخرج به ضد الحكومة السورية فيما لو كانت هناك سياسات غربية تريد ذلك”، ولكن “في معظم الأحوال فإن الحكومة السورية لم تكن متهمة في التقرير.. بل أشار إلى موضوعيتها في التعاطي مع ماقيل ضمن مخرجات التقرير الوطني الذي صدر”.
أما عن دوافع لجنة التحقيق الأممية، فقد رأى سعدو أنها “إنسانية؛ إلا أن الأمم المتحدة تنحو بهذا الاتجاه وهو دورها، وكذلك هناك دوافع حقوقية، لأن السياسة غالبا ماتبتعد عنها الأمم المتحدة قدر الإمكان فهي ليست من مهامها”.
بدوره قال المبعوث الأمريكي إلى سوريا توم باراك، إن “تقرير تقصّي الحقائق الصادر عن اللجنة الأممية بشأن أحداث العنف في الساحل يمثّل خطوة مهمة وجدية نحو وضع معايير واضحة وقابلة للمتابعة لمسؤولية الحكومة السورية وتعزيز الشفافية والمحاسبة”، مضيفا أن “سوريا موحدة وشاملة تتطلب السعيَ الدؤوب لتحقيق العدالة وصبرًا متواصلًا من العالم الخارجي”.
وقد أشادت لجنة التحقيق الدولية “بالإجراءات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة السورية على أعلى المستويات وبمبادرات بعض عناصر القوات الحكومية لوقف الانتهاكات وحماية المدنيين”، حيث “حصل فريق لجنة التحقيق على وصول ميداني غير مسبوق ودون قيود إلى المناطق الساحلية المتأثرة بالأحداث في سابقة هي الأولى من نوعها في التاريخ السوري الحديث”.
واستندت نتائج اللجنة إلى تحقيقات مكثّفة شملت أكثر من 200 مقابلة مع ضحايا وشهود، فيما لا تزال تتلقى معلومات عن انتهاكات مستمرة في العديد من المناطق المتضررة.
كما أقرت اللجنة “بالتزام السلطات السورية بتحديد هوية المسؤولين عبر تقرير اللجنة الوطنية”،مؤكدة أنه “يشكل خطوات مهمّة في عملية الوصول إلى الحقيقة والعدالة”.
وتُعتبر هذه المرة الأولى – تاريخيّا – التي لم تعترض فيها الدولة السورية، على نتائج تحقيق أممي بشأن انتهاكات وقعت داخل حدودها، كما تمتعت بوصول غير مقيد للمناطق الساحلية بتسهيل من الحكومة الجديدة.