شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية على مدينة السويداء جنوبي سوريا، اليوم الثلاثاء، بعد قليل من إعلان الجيش السوري دخول قواته إليها، والبدء بإحلال السلم فيها وعودة مؤسسات الدولة.
ولم تكن تلك الغارات الأولى من نوعها، فقد شنّ الجيش الإسرائيلي 3 ضربات جوية على ريف السويداء أمس، بعد دخول قوات الجيش إلى المنطقة لفرض الأمن، ووضع حد لتجاوزات المجموعات الخارجة عن القانون.
وتحدثت مصادر إسرائيلية عدة عن “حماية الدروز” في سوريا، كذريعة لتلك التحركات العسكرية، بالتوازي مع مطالبة المجموعات الخارجة عن القانون بما أسمتها الحماية الدولية، قبل أن تحسم الدولة السورية الملف.
وقالت وكالة رويترز، إن نتنياهو ووزير الدفاع قالا إنهما أصدرا تعليمات للجيش بضرب القوات السورية والأسلحة التي جرى نشرها في السويداء على الفور، اليوم الثلاثاء، فيما أعلن الجيش أنه بدأ بضرب الأصول العسكرية للقوات السورية في المنطقة.
كما أعلن الناطق باسم جيش الاحتلال مهاجمة آليات عسكرية تابعة للقوات الحكومية السورية في السويداء، مضيفا بالقول: هاجمنا دبابات وناقلات جنود ومدافع صاروخية وطرق الوصول لعرقلة تحركها نحو المنطقة.
وحول ما يمكن أن يقدمه الاحتلال لتلك المجموعات، قال العميد والمحلل العسكري السوري، عبد الهادي ساري، لحلب اليوم، إن إسرائيل هي من بدأ التصعيد في المنطقة، وهي من حرّض فلول النظام والمجموعات الخارجة عن القانون على هذا التصعيد.. لقد احتلت جزءًا كبيرًا من الجولان الغربي، ومن الجولان الشرقي، وبالتالي هي تريد أن تجعل سوريا مسرحًا للفوضى.
لكن الآن – يضيف العميد – هل تستطيع إسرائيل أن تفعل شيئًا في السويداء؟ يبدو أن الضغوط الأمريكية الحاصلة تمنعها من فعل أي شيء، بمعنى أن الأمريكيين يريدون أن تفرض الدولة سلطتها على جميع تراب سوريا، شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا. وبالتالي، السويداء هي جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية، وهي محافظة من محافظاتها.
من جانبه قال حسام نجار الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، إنه لا يخفى على الجميع العلاقة القوية والمميزة لموفق طريف رئيس مشيخة عقل الطائفة الدرزية في إسرائيل، وبين أصحاب القرار في الكيان الصهيوني، وكذلك دور الدروز في الجيش الإسرائيلي بألوية خاصة بهم واستعمالهم من قبل الكيان كأدوات واعتبارهم مواطنين إسرائيليين من أدنى الدرجات، كذلك العلاقة بين الهجري وموفق طريف والتي سمحت للهجري بالتجرؤ على منع دخول الأمن للسويداء.
لكن لقاء الرئيس الشرع وترمب كان نقطة مفصلية هامة سمحت لهذه العلاقات بعدم التمدد والتوسع رغم المحاولات التي تقوم إسرائيل بها لبث الطمأنينة لجماعة الهجري تحديداً، حيث إن القرار الأمريكي واضح وصريح في أن التعامل مع دولة قوية ورئيس مؤيد من الشعب هي الفكرة الأنسب، وفقا لنجار.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، إن الضربات الإسرائيلية استهدفت محيط بلدتي المزرعة وكناكر، وأسفرت عن وقوع خسائر مادية، فيما قال جيش الاحتلال، إنه “هاجم عدة دبابات في منطقة قرية سميع بالسويداء جنوب سوريا، وهي تتحرك نحو منطقة السويداء”.
وأكد البيان أن “الجيش هاجم هذه الدبابات لعرقلة وصولها إلى المنطقة”، زاعما أن “وجود تلك الوسائل في جنوب سوريا قد يشكل تهديدا لإسرائيل”، فيما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أمس، أن ما حدث كان “رسالة وتحذير واضح للنظام السوري بأننا لن نسمح بالمساس بالدروز في سوريا”.
وحول المزاعم الإسرائيلية، قال ساري إن هذا الشعب الكريم في السويداء، قابل لأن يكون منضويًا تحت مظلة الدولة، ولا يمكن تجزئته عن الوطن، هناك بعض الفلول وبعض الخارجين عن القانون من ميليشيات نأت بنفسها عن الدولة وانحازت إلى أوهام الدعم الخارجي، تحديدًا الإسرائيلي، لكن إسرائيل لن تستطيع فعل شيء الآن في السويداء.
وأكد أن الجيش السوري والقوى الأمنية دخلت إلى السويداء وبسطت الأمن والأمان، وتحافظ على المواطنين وممتلكاتهم. وبالتالي، إسرائيل لا تستطيع أن تفعل شيئًا داخل السويداء. والتحليق الجوي المستمر في أجواء المنطقة ليس إلا حالة تعتبرها عادية جدًا.
وأضاف: بالأمس، تم قصف موقع قريب من قوات الجيش السوري، سواء كانت الأمنية أو العسكرية، لكن يبدو أنها لم تؤثر على سير أو حركة الأعمال القتالية في المنطقة. إسرائيل تريد أن تقول إنها موجودة لحماية فلول النظام السابق في السويداء والميليشيات الخارجة عن القانون، وهذا لن يكون لأن الوضع انتهى.
ورجّح العميد أن تسير الأمور بالاتجاه الصحيح؛ باتجاه بسط سيطرة الدولة على تلك المنطقة، فالحكومة الجديدة أعطت وعودًا واهتمت بمطالب السويداء ومطالب أهلها، وبالتالي، يجب أن تبسط الدولة قوتها وتُحترم هيبتها في المناطق التي تعاني من الفساد في الأراضي السورية، ويجب أن لا يستمر هذا الوضع من الفوضى، وأن يتم الاستقرار في تلك المنطقة، وهي خاصرة سوريا الجنوبية.
أما المجموعات الخارجة عن القانون والميليشيات التي تتبع بعض رجال الدين، فيعتقد العميد ساري أنها فشلت في مطالبها وفي رهانها على بعض الدول مثل الدعم الإسرائيلي. وبالتالي، هي الآن تلاقي مصيرها، وربما ستخرج هذه الميليشيات إلى وجهة غير معلومة لأن هذه الأرض ليست أرضهم، وهم ليسوا حريصين على حمايتها، أما إسرائيل فلن تمد لهم يد المساعدة أو تحتضنهم كحضن الوطن الأم، وسيعيشون غرباء حتى في منافيهم، وبالتالي، هم فشلوا فشلًا ذريعًا في مطالبهم بالحماية الدولية وحماية إسرائيل تحديدًا.
ويرى نجار أن أي رهان مرتبط بدول أو كيانات أو مجموعات بدعوى الحماية وتحقيق المصالح هو رهان خاسر لا محالة فذاك الكيان أو تلك الدولة سوف تستنفذ هذا الأمر وتجعل من تلك الجهة أداة طيعة تنفذ وبدون وعي و إدراك ما يريده هذا الكيان.
وختم بالقول: من هم الذين يراهنون على الخارج؟ بطبيعة الحال هم أولئك المستفيدون والذين يعملون بمنأى عن الدول وكذلك عصابات مسلحة هدفها تنفيذ أجندات معتقدين أنها في مصلحتهم ويختطفون منطقة كاملة بمزاعم وادعاءات واهمة.
وكان قائد الشرطة العسكرية في وزارة الدفاع، قد أعلن الانتشار مع قوى الأمن الداخلي في السويداء، مؤكدا منع دخول أي جهة غير تابعة للدفاع أو الأمن الداخلي، والتعامل بحزم مع المجموعات المخالفة داخل المدينة.
