أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن بلاده تواصل اتصالاتها مع الحكومة السورية لبحث مستقبل القواعد العسكرية الروسية بعد سقوط الأسد، معربا عن تفاؤله بالتوصل إلى تفاهم “يحفظ مصالح الطرفين”.
وقال بوغدانوف، في تصريح له بمنتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، يوم الجمعة الفائت: “نحن على تواصل بالطبع، وكل شيء يسير بشكل جيد حتى الآن، وآمل أن نتوصل إلى تفاهم مع السلطات الجديدة.. لقد جرت فعليا محادثات بهذا الشأن”.
وقال حسام نجار الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الدولي، لحلب اليوم، إن لدى الدولة السورية الكثير من الأوراق التي تستطيع من خلالها الوقوف بثبات أمام دولة كانت عونا لنظام الأسد بقتل الشعب السوري، متسائلا “هل يمكن للإدارة الجديدة أن تتغاضى عن أفعال روسيا اتجاه الشعب السوري، رغبةً منها باستمرار العلاقات الدولية؟”.
وأضاف: “هل يمكن أن تنسى الدماء التي أريقت بسبب الطيران الروسي؟ وهل تمتلك تلك الإدارة القدرة على مناطحة الشعب السوري المكلوم والراغب بتحقيق العدالة حتى من الدول؟ كل هذه الأسئلة تواجه الإدارة السورية الجديدة في تعاملها مع الروس، فليست الأمور بهذه الأريحية وليست بتلك السهولة، فأثناء حكم الأسد لسوريا كانت روسيا تجرب مختلف أنواع القذائف والصواريخ على الشعب السوري، وهذا باعتراف قادتها، حيث كانت القوات الروسية الداعم والركيزة الأساسية التي جعلت الثورة تترنح وتنكفئ في مرحلة ما، و جعلت من القاعدة والمطار نقطتين أساسيتين للهجوم على الأسواق الشعبية والأفران والمناطق المأهولة”.
ومضى بالقول: “لم تكن الجموع البشرية هي التي نالها الأذى والقتل فقط بل تعداه إلى الفصائل المتواجدة في كافة أرجاء سوريا ولا تنسى الإدارة الحالية المجازر التي حصلت، والتلويح منذ التحرير بإعادة كامل المناطق السورية بما فيها القاعدة والمطار للسيطرة السورية، ومن هذا المنطلق تسعى روسيا للتفاوض على هاتين النقطتين فخروج قواتها من الأرض السورية يعني خروجها من المنطقة بشكل كامل وهي التي حاولت بشتى الوسائل الوصول للمياه الدافئة، وطالما كان المطار هو نقطة التحرك و الركيزة الأساسية لها في عمليات النقل والتجسس وتحريك القوات ورصد التحركات في البحر الأبيض المتوسط”.
وأكد بوغدانوف أن الخارجية الروسية وجّهت دعوة رسمية إلى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لزيارة موسكو، متوقعا تلبية هذه الدعوة في وقت قريب، بهدف مناقشة العلاقات بين البلدين، بما في ذلك التعاون العسكري والسياسي والاقتصادي، مضيفا أن بلاده ترى أهمية كبرى في الحفاظ على علاقات وثيقة ومستقرة مع سوريا في المرحلة المقبلة، بينما “الحوار مع الجانب السوري بشأن مستقبل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية وقاعدة طرطوس البحرية، مستمر، ويجري بروح من التفاهم المتبادل”.
ووفقا لنجار فقد تلجأ روسيا إلى ليّ القوانين واستغلال الثغرات من خلال خبرتها السياسية لحث الإدارة الحالية على استمرار الاتفاقية التي تمت بينها وبين نظام الأسد، ومن هذا الباب أرسلت دعوة للوزير الشيباني لزيارة روسيا، وقد يكون بجعبتها العديد من الخيارات التفاوضية، هذه الخيارات التي “ستكون بمجملها لمصلحة الروس قولا واحدا، فهي ستعض بالنواجذ والأسنان على مصالحها في سوريا، كذلك لا ننسى إدارتها للعديد من المنشآت الصناعية السورية في عهد النظام وعقود التنقيب عن الغاز والنفط في الساحل السوري والقلمون”.
وسيكون مجال التفاوض واسعا – وفقا للكاتب السوري – فقد يبدأ من تقديم المستشارين الإداريين والعسكريين وتدريب العناصر السورية دبلوماسيا أو تقديم الغاز بأسعار زهيدة لفترة ما أو ربما إعادة صياغة عقود الإيجار التي أبرمتها مع النظام البائد، وربما بتسليم شخصيات أسدية مع ما لديهم من أموال، أو ربما عرض بطباعة العملة السورية وربما كذلك المساعدة بالقبض على الفلول و سلاحهم و قادتهم.. “الخيارات مفتوحة لكن ما هي تلك الخيارات التي تناسب الدولة السورية وما هي مصالح الدولة السورية بالأساس؟”.
وختم نجار بالقول: “من هنا تبدأ خبرة وقدرة الفريق السوري المفاوض ومن هنا نستطيع الحكم على ثبات الدولة السورية وتواجدها على الساحة الدولية”.
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، قد قال يوم الخميس الفائت، إنّ لبلاده مصالح خاصة تحاول تأمينها في سوريا من خلال الحوار مع السلطات السورية الحالية.