أنكرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي مجددا وجود مطامع لها في احتلال أراض سورية جديدة، على الرغم من توغل قواتها المستمر في جنوبي البلاد، مدعية أن ذلك يأتي في إطار “الدفاع عن النفس” أمام من تسمّيهم “الإسلاميين المتطرفين”.
وقالت السفيرة الإسرائيلية في روسيا، سيمونا هالبرين، لوكالة “تاس” الروسية، إن إسرائيل “ليس لديها أي أطماع في الاستحواذ على الأراضي السورية”، بل “توجد مؤقتا في المنطقة العازلة الحدودية”.
ولدى سؤالها عن استعداد الجانب الإسرائيلي للتخلي عن التقدم الأخير على الحدود مع سوريا، لم تقدم هالبرين إجابة واضحة، وقالت إن إسرائيل لا تريد احتلال الأراضي السورية، “ومن المهم أن نفهم هذا، وهذا هو المكان الذي نحتاج إلى البدء منه”.
وقال العقيد السوري إسماعيل أيوب، لحلب اليوم، إن هناك أطماعا إسرائيلية في السيطرة على المياه في المنطقة الجنوبية من سوريا وعلى ثرواتها ومواقعها الإستراتيجية، بذريعة حماية الأمن القومي، لكن المشهد معقد من الناحية العسكرية والإستراتيجية، ومن الصعب التنبؤ بما تخطط له تل أبيب.
وشهدت خريطة السيطرة الإسرائيلية في القنيطرة والجولان تغيرات متعددة، منذ سقوط الأسد، حيث استغلت قوات الاحتلال الظرف، وتقدمت لعدة مواقع؛ احتلت بعضها لساعات وانسحبت من البعض الآخر بعد تمشيطه لأيام، كما شقت طرقا وجرّفت أراض زراعية.
وتمتد التوغلات الإسرائيلية في المنطقة بشكل أذرع، مما لا يوحي باقتطاع مساحات معينة، لكن قوات الاحتلال ترفض الانسحاب حتى اليوم، مستغلة حالة الفراغ على الجانب السوري.
وأكد قائد الإدارة السورية أحمد الشرع، الأسبوع الماضي، أن تقدم إسرائيل في المنطقة العازلة “كان بحجة تواجد الميليشيات الإيرانية وحزب الله، ولكن بعد تحرير دمشق ليس لهم (الميليشيات الإيرانية) تواجد، فهناك ذرائع تذرع بها الإسرائيلي للتقدم على المنطقة العازلة”.
وأكد أن سوريا مستعدة لاستقبال قوات من الأمم المتحدة في المنطقة العازلة المشتركة مع إسرائيل.
لكن السفيرة الإسرائيلية، اعتبرت أن حجة قوات الاحتلال في التوغل هذه المرة هي في وجود “إسلاميين متطرفين”، في إشارة إلى قوات الإدارة العسكرية، وهيئة تحرير الشام.
وكانت تل أبيب قد شنّت حملة إعلامية ودبلوماسية لإقناع الغرب بالضغط على سوريا، والحذر من تبعات سقوط الأسد المخلوع، حيث هاجمت حكوة تصريف الأعمال والإدارة الجديدة.
وقالت هالبرن: “في اللحظة التي هاجم فيها الإسلاميون، الجهاديون، في بداية الأحداث، المنطقة العازلة ومواقع الأمم المتحدة، دخلت إسرائيل إلى هناك لضمان الأمن.. نتواجد في هذه المنطقة، ومن المهم أن نفهم أننا في منطقة محدودة للغاية، وأننا موجودون هناك بشكل مؤقت، ولسبب واحد وهو ضمان الأمن”.
بدوره أعرب العقيد أيوب عن خشيته من أن تفضي التحركات الإسرائيلية في الجنوب السوري لاحتلال جديد، مشيرا إلى الأطماع التوسعية للدولة العبرية، حيث أن طبيعة تلك التحركات ما تزال غير واضحة.
ولفت إلى أن إسرائيل لم تلتزم بأي من تعهداتها في السابق، وقد خرقت اتفاقية هدنة عام 1974، وغيرها، وهي تعمل ضمن السياسة التوسعية المعروفة التي تتبعها الدولة العبرية.
وبحسب المصادر المحلية، فإن التوغلات امتدت بعمق عدة كيلومترات على طول المنطقة العازلة بين الجولان السوري المحتل ومحافظة القنيطرة، ووصلت إلى جبل الشيخ الإستراتيجي الذي يبعد عن العاصمة دمشق 40 كيلومترا فقط، وشملت ريفي محافظتي درعا ودمشق.
ويؤكد العقيد أيوب أن تلك التحركات توضح أن لدى القوات الإسرائيلية مطامع لاحتلال التلال الحاكمة الموجودة داخل سوريا.
وكان الجيش الإسرائيلي قد فرض سيطرته على كامل المنطقة العازلة عقب سقوط الأسد، وتمدد بشكل تدريجي إلى عدة مناطق خارجها، رغم رفض عدة دول لذلك – وفقا للتصريحات المعلنة – بما فيها دول أوروبية.
كما وصلت القوات الإسرائيلية في أحد توغلاتها إلى موقع يبعد عن العاصمة السورية 25 كيلومترا فقط، لكن تلك التحركات غير ثابتة، فقد دخل الجيش الإسرائيلي إلى عدة قرى بالقنيطرة وريفي درعا ودمشق وانسحب منها.
وفيما تدعي الحكومة الإسرائيلية أنها لا تنوي البقاء، فإنها ترفض أن تحدد فترة استقرار قواتها في المناطق التي توغلت فيها، وسط مخاوف من قبل بعض الضباط من التعرض لهجوم مفاجئ بقذائف مضادة للدبابات أو قذائف هاون.
وعقّب أيوب على ذلك بقوله، إن إسرائيل “تدفع بالشعب السوري دفعا لخلق مقاومة جديدة في جنوب سوريا وربما هذا ما ترغب به.. ربما تريد أن يقع إطلاق نار على قواتها حتى تخلق مبررا اخر للاحتلال”، مشيرا إلى أن هذه التوغلات إن بقيت “فيمكن أن تخلق في المنطقة بؤرة توتر جديدة”.
وكانت حكومة تصريف الأعمال قد أكدت مرارا أن الإدارة الجديدة لسوريا، ليست بصدد المواجهة مع إسرائيل أو أية جهة خارجية، فيما دعت مجلس الأمن والمجتمع الدولي والأمم المتحدة لاتخاذ موقف من القضية.