في خطوة تهدف إلى تكريم ذكرى المختفين قسرياً في سوريا، أعلن الدفاع المدني السوري عن وضع لوحة مخصصة لصور للمختفين قسريا في ساحة المرجة بدمشق، تأتي هذه المبادرة كجزء من سلسلة أنشطة تهدف إلى إبقاء قضيتهم في الواجهة، وتخليد ذكراهم بطريقة تحفظ مكانتهم وتضحياتهم.
وفي تصريح خاص لـ”حلب اليوم”، أوضح أحمد يازجي، عضو مجلس إدارة الدفاع المدني السوري – الخوذ البيضاء، أن الهدف من وضع لوحة تكريم صور المختفين قسرياً هو تصحيح الخطأ الذي وقع خلال حملة “رجعنا يا شام”، وقال يازجي: “الهدف الأساسي من وضع لوحة تكريم صور المختفين قسراً في ساحة المرجة هو خطوة بسيطة وعاجلة لتصحيح ما حصل خلال حملة رجعنا يا شام بإزالة خاطئة وغير مناسبة لصور المفقودين والمعتقلين الملصوقة على النصب التذكاري بساحة المرجة، تم وضع الصور بشكل مؤقت بطريقة تليق بهم وبعذاباتهم وتضحياتهم ومكانتهم في قلوبنا”.
وأشار يازجي إلى أن فرق الدفاع المدني تعمل على خطوات أوسع لتكريم ذكرى المختفين قسراً، وأضاف: “سنقوم خلال الفترة القادمة بوضع لوحات مشابهة في عدد من المناطق كحل إسعافي، ونعمل مع جميع أصحاب العلاقة وروابط الضحايا على تجهيز جداريات ونصب تذكارية في كل مدينة سورية تليق بكرامة المفقودين والمختفين والمعتقلين الذين لم يعرف مصيرهم”.
مدير الدفاع المدني، رائد الصالح، أكد عبر منشور على منصة “إكس” أن هذه المبادرات تأتي ضمن جهود تكريم الضحايا، وقال: “أهلي السوريين وسندنا في كل وقت، وضعنا لوحة مخصصة لصور المفقودين والمختفين قسراً والمعتقلين الذين لم يُعرف مصيرهم في ساحة المرجة وسط مدينة دمشق، هذه خطوة بسيطة جداً وعاجلة لتصحيح ما حصل خلال حملة رجعنا يا شام بإزالة خاطئة وغير مناسبة لصور المفقودين والمعتقلين، سنقوم خلال الفترة القادمة بوضع لوحات مشابهة في عدد من المناطق كحل إسعافي ريثما تُجَهَّز جداريات ونصب تذكارية في كل مدينة سورية تليق بكرامة المفقودين.
مفقودونا ومعتقلونا أنتم قضيتنا وجرحنا النازف… ستبقون في قلوبنا ووجداننا حتى نكشف مصيركم”.
وأكد يازجي أن المؤسسة تنسق مع روابط الضحايا ومؤسسات حقوقية لتوحيد الجهود في الكشف عن مصير المختفين قسراً، وأضاف: “ننسق مع روابط الضحايا ومؤسسات حقوقية للعمل المشترك والتعاون في الكشف عن مصير المفقودين ومحاسبة مرتكبي جرائم التعذيب والاعتقال”.
في سياق متصل، نظمت رابطة عائلات قيصر مؤخراً وقفة احتجاجية في ساحة المرجة، طالبت خلالها بالعدالة والمحاسبة، وأكدت الرابطة، التي تضم عائلات الضحايا الذين ظهرت صورهم في “ملفات قيصر”، على ضرورة عدم الإفلات من العقاب لكل من تورط في جرائم التعذيب والاختفاء القسري.
وشهدت الوقفة حضوراً واسعاً من عائلات الضحايا ونشطاء حقوق الإنسان، حيث أكد المشاركون أن تحقيق العدالة الانتقالية يعد خطوة أساسية نحو بناء سوريا الجديدة.
وعن دور الرابطة، قالت الناشطة الحقوقية سمر السعد، شقيقة الشهيد أسامة السعد وعضو رابطة عائلات قيصر: “مشاركتنا في رابطة عائلات قيصر كانت أداة محورية لتوحيد أصوات العائلات التي عانت وحشية الاختفاء القسري والتعذيب، من خلال جهودنا، عرضنا قصص الشهداء، وتخليد الذكرى، بالإضافة لتمكين العائلات وأسر الضحايا وتقديم الدعم النفسي لهم، بالإضافة للنشاط القانوني حيث ساعدت الرابطة العائلات على رفع دعوة فردية على النظام المخلوع والقيام بالعديد من أنشطة المناصرة والفعاليات التضامنية التي أظهرت للعالم حجم الجرائم والانتهاكات المرتكبة”، وأوضحت أن العمل الجماعي ساعد في إيصال أصوات الضحايا للمحافل الدولية، وحث المنظمات الحقوقية والدولية على اتخاذ موقف أكثر جدية تجاه هذه القضية، مما جعل قضية المختفين قسراً محط أنظار العالم.
وفيما يتعلق بمطالب الرابطة من الحكومة الجديدة في سوريا، أوضحت السعد: “ننتظر من أي حكومة جديدة في سوريا أن تتبنى العدالة والمحاسبة كجزء من أولوياتها الوطنية، ونطالب بالكشف عن مصير جميع المختفين قسراً، ومحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم محاكمات عادلة وشفافة، كما نطالب بتعويض الضحايا وعائلاتهم مادياً ومعنوياً، والعمل على إصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية لضمان عدم تكرار هذه الجرائم في المستقبل”.
وأضافت أن “المجتمع السوري يمكن أن يلعب دوراً كبيراً من خلال التضامن مع عائلات الضحايا، ورفض أي محاولات لتسييس قضية العدالة أو طمس الحقائق، التوعية بقضية المختفين قسراً على المستوى المحلي، ودعم المبادرات الحقوقية التي تطالب بالمحاسبة، تشكل خطوات أساسية، بالإضافة إلى ذلك، الضغط على جميع الأطراف السياسية لضمان أن تكون قضية العدالة أولوية في أي حل سياسي مستقبلي. تضافر الجهود الشعبية والمؤسساتية ضروري لضمان ألا تُنسى هذه الجرائم”.
من خلال هذه اللوحات والوقفات الاحتجاجية، يرسل الشعب السوري، بمؤسساته وعائلات الضحايا، رسالة واضحة: معاناة المختفين قسراً لن تُنسى، وتحقيق العدالة ضرورة لبناء مستقبل أفضل لسوريا.
تعكس هذه الجهود الروح الجديدة في سوريا بعد سقوط سلطة الأسد البائد، حيث يسعى الجميع، حكومةً وشعباً، إلى إعادة بناء مجتمع قائم على العدالة والكرامة الإنسانية.
هبة الله سليمان