أثارت مطالبة الحكومة اللبنانية لسوريا بتعويض السجناء اللبنانيين الذي تم اعتقالهم في عهد الأسد المخلوع استهجان السوريين، حيث دعوا بيروت إلى إنصافهم قبل فتح هذا الملف.
وقالت مندوبة لبنان لحقوق الإنسان في جامعة الدول العربية، رضى مراد، إن على حكومة تصريف الأعمال السورية “تعويض كل مساجين لبنان لدى سوريا عن مرحلة اعتقالهم المؤلمة”.
وفي تعليقه على ذلك قال الناشط السوري، المعتقل السابق في السجون اللبنانية، عضو اللجنة التنفيذية في تيار التغيير الوطني السوري، رامز السيد، لموقع حلب اليوم، مخاطبا المندوبة اللبنانية: “كان الأجدى بكم مطالبة سلطة الأسد ونظامه بكشف مصير اللبنانيين وتعويضهم”.
من جانبه أكد المحامي والباحث القانوني السوري، حومد سلطان حومد، لموقع حلب اليوم، أن هذه التعويضات التي تتحدث عنها المندوبة، تندرج تحت بند الديون الجائرة والمرتبطة بالنظام المخلوع، والتي تسقط بسقوطه.
وفي محاولة منها لتسليط السوء على القضية، زارت مراد السجين اللبناني السابق، سهيل حموي في منزله بحضور أفراد من عائلته، بعد أن أمضى 32 عاما في سجون الأسد.
وطالبت مراد الدولة اللبنانية بتأمين راتب دائم لحموي من وزارة الشؤون الاجتماعية، كما طالبت الحكومة السورية بـ”تعويض كل مساجين لبنان لدى سوريا عن مرحلة اعتقالهم المؤلمة”.
يأتي ذلك بعد دعوة سوريا للحكومة اللبنانية بتسليم السجناء السوريين لديها، حيث يوجد عدد غير معروف تم اعتقالهم بشكل عشوائي ومخالف للقانون، على مدى السنوات الماضية، وقد لاحقت أجهزة الأمن معارضي الأسد وزجت بهم في السجون بتهمة الإرهاب.
ويؤكد المحامي اللبناني محمد صبلوح، مدير برنامج الدعم القانوني في مركز سيدار للدراسات القانونية، والمدافع عن حقوق الإنسان، لموقع حلب اليوم، أن لبنان “ملزم بتسليم مرتكبي الجرائم من أركان نظام الأسد المخلوع لدولتهم مباشرة، بموجب القانون اللبناني”.
وأضاف أن الواجب على بيروت تسليم أي متهم بالتعذيب، ولكن “على الضحايا سواء أكانوا لبنانيين أو سوريين الادعاء على الأشخاص المتورطين ليتم اعتقالهم وتسليمهم لسوريا” من أجل محاسبتهم.
ماذا عن حقوق السوريين؟
لاحقت قوات الأمن والجيش اللبناني السوريين منذ لجوئهم إلى البلاد عام 2011، وفرارهم من سلطة الأسد، حيث كانت تزج بالمعارضين في السجون، وترتكب بحقهم الانتهاكات المختلفة، بما فيها التعذيب، وفقا لما تؤكده تقارير “هيومن رايتس ووتش”، فضلا عن تسليمهم لقوات الأسد.
ويقول صبلوح: “واكبت أشخاصا سوريين تمت محاكمتهم بتهم الانتماء إلى عصابات مسلحة (سواء جيش حر أو جبهة نصرة أو غير ذلك)، فمنذ بدأت الثورة السورية تم الادعاء على كل من ساند الثورة بتهم تشكيل عصابات مسلحة، في الأراضي اللبنانية وخارجها”.
وتشير التقديرات إلى فقدان آلاف اللبنانيين في السجون السورية، لكن تقديرات أخرى تشير إلى حالة مشابهة في السجون اللبنانية، وقد تسبب حزب الله اللبناني بجزء كبير من ذلك في الحالتين.
وكان وزير العدل اللبناني قد سلّم قائمة تضم أكثر من 6500 اسم لمفقودين لبنانيين في السجون السورية إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الشهر الماضي، فيما قدّر النائب اللبناني السابق غسان مخيبر عددهم بين 700 و1500 شخص.
وقال رامز السيد وهو أيضا مدير المكتب الاعلامي لتيار التغيير الوطني السوري، إن “هناك 2300 معتقل سوري في لبنان جميعم تم اعتقالهم بعد عام 2011 على خلفية الثورة السورية العظيمة بتهم تتعلق بالإرهاب وفي الحقيقة إنهم معارضون للأسد فقط”.
ولفت إلى أن “أغلب السجناء السوريين في السجون اللبنانية يؤيدون الإدارة الجديدة في سوريا، وتهمتهم هي انتماؤهم لتلك الإدارة التي يتزاحم مسؤولو لبنان للقاء قائدها.. نعم 2300 معتقل في سجون لبنان يعيشون بسجن غير صالح للحياة البشرية وأنا كنت أحد المعتقلين هناك وبلا محاكمة منذ سنوات”.
وأضاف قائلا: “إذا تمت محاكمة البعض فذلك يكون في المحكمة العسكرية غير الشرعية التي يترأسها ضابط لا علاقة له بالقانون ولا بالمحاكم، لكنه يعمل لصالح قوة الأمر الواقع تنظيم حزب الله الإرهابي الذي يستبيح لبنان بكل مفاصله”.
ماذا عن الشركاء في الجريمة؟
عانى السوريون من جراء سياسات حزب الله الذي تحالف مع قوات الأسد، وتحديدا الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية، في المنطقة الحدودية بين البلدين، على مدى السنوات الفائتة.
وقال السيد: في لبنان “2300 معتقل سوري عدا عن اللبنانيين الذين تم اعتقالهم أو خطفهم، في بعض الأحيان بإشراف حزب الله ومحاكمتهم عسكرياً بمحكمة تتبع له أيضاً، فهو شريك في حرب الإبادة بسوريا”.
وطالب “بإطلاق سراح جميع المعتقلين أو الأسرى كما أحب أن أسميهم، حيث تم اعتقالهم على خلفية السورة السورية بدون أي شروط وتعويضهم ماديا ومعنويا ومحاكمة رموز الفساد القضائي، وشركاء سلطة الأسد المخلوع في لبنان فوراً”.
ولفت إلى أن “مكونين أساسيين في حكومة لبنان كانا شركاء للأسد بحرب الإبادة في سوريا عسكرياً، وجزء آخر كان شريكا للأسد سياسياً، وهؤلاء يجب مطالبتهم بالتعويض لا مطالبة من حرر البلاد منهم”.
وختم بالقول مخاطبا المندوبة اللبنانية: “كنا ننتظر منك بالإضافة لتصريحك بما يخص معتقلا أو ربما اثنين لبنانيين ممن أبقاهم الأسد أحياء أن تذكري المعتقلين السوريين في لبنان”.
من جانبه يقول حومد سلطان إن “الآلية القانونية الموجودة في لبنان والتي ارتكبت هذه الانتهاكات ما زالت موجودة، وتحكم الشعب اللبناني، ونستطيع أن نطالبها بالتعويض”، بدلا من أن تطالبنا هي بذلك.
وأضاف: “نحن كشعب سوري غير مضطرين لأن ندفع فواتير النظام المخلوع ونرهق أنفسنا بديون وأعباء اقترفها في سبيل مصلحته وبقائه، فالمعيار في تحديد الدين هو؛ هل هذا الفعل الذي ارتكب في مصلحة الشعب السوري أو في مصلحة أشخاص محددين؟”.
وكانت الحكومة اللبنانية قد آوت عشرات الضباط وكبار المسؤولين التابعين لسلطة الأسد المخلوع، عقب تحرير البلاد، فيما أنكرت علمها بوجودهم، ورفضت تسليمهم.