صدرت مذكرة توقيف فرنسية جديدة ضد بشار الأسد، بموجب تحقيقات قضائية استمرت لنحو 6 أعوام، على خلفية الجرائم التي ارتكبها بحق السوريين.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن “مصدر مقرب من الملف” أن قاضيي تحقيق من قسم الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس، أصدرا مذكرة هي الثانية من نوعها في فرنسا، وذلك بناء على طلب إضافي من النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب.
ونقلت الوكالة عن المصدر أن النيابة ترى عدم تمتع الأسد المخلوع بأية حصانة بعد الإطاحة به، مما يتيح ملاحقته قضائيا أمام المحاكم الأجنبية، بحسب مقتضيات القانون الدولي.
ومنذ تسلمها دفة القيادة في دمشق، لم تعلق حكومة تصريف الأعمال، ولا الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع على موضوع هروب الأسد ومحاولة محاكمته، أو تطالب روسيا بتسليمه، فيما يتمتع هناك بالحماية الروسية تحت بند “اللجوء الإنساني”.
ويرى الدكتور محمود حمزة، المحلل السياسي السوري الخبير بالشأن الروسي، في إفادته لحلب اليوم، أن قضية تسليم الأسد أو الأموال التي هرب بها، ربما تكون من ضمن ملف المفاوضات التي تجري بعيدا عن الأضواء بين سوريا وروسيا عبر سفارتها في دمشق.
من جانبها قالت يمن حلاق الباحثة في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لموقع حلب اليوم، إن المحاكمة ممكنة من حيث المبدأ، لكن العائق يكمن في تطبيق الأحكام والعقوبات، مع لجوء الأسد وزمرته إلى دول وجهات قد تحميهم.
ودعت إلى انضمام حكومة تصريف الأعمال لميثاق روما، “فسابقا لم نكن نستطيع تحويل الملف السوري للمحكمة الجنائية الدولية لأن سوريا ليست عضوا في ذلك الميثاق، وبالتالي إذا أردنا تحويل الملف السوري للمحكمة فيجب أن يكون ذلك عن طريق مجلس الأمن وهناك كانت روسيا تستخدم الفيتو لمنع تحويل الملف للمحكمة”.
أما إذا انضمت الحكومة الجديدة لميثاق روما، “فسيصبح في إمكاننا رفع قضية ضد بشار الأسد لدى المحكمة الجنائية الدولية”.
وحول وجود الأسد في روسيا، فقد أوضحت حلاق أن ذلك لا يمنع محاكمته وإدانته أبدا، على الرغم من منحه ما أسمته موسكو “اللجوء لأسباب إنسانية”، بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأكدت أنه من الممكن أن تصدر بحقه إدانة أو عقوبة معينة، “لكننا لا نستطيع على أي حال أن نجبر روسيا على تسليمه، لذا فإن تنفيذ المحاكمة – مع الأسف – يمثل مشكلة لأنه مرهون بتسليم روسيا للأسد وعائلته إما للمحكمة الجنائية الدولية أو للحكومة السورية الجديدة حتى يمكن أن تُجرى محاكمة محلية له”.
ولفت الدكتور حمزة إلى أن الأسد لجأ إلى موسكو وبرفقته الأطنان من الذهب ومليارات الدولارات، وقد يكون ذلك أحد أسباب استقباله مع الضباط الآخرين لأنه حملوا معهم أيضا ملايين الدولارات أو لهم حسابات في البنوك الروسية أصلا، وهو ما يمكن إدخاله في ملف المفاوضات.
وأضاف أن التفاوض يجري حاليا بين السفارة الروسية والمسؤولين في حكومة تصريف الأعمال بسوريا، متسائلا؛ “هل ستطالب الحكومة الجديدة روسيا بإعادة هؤلاء المجرمين؟ أنا أعتقد أن ذلك ربما يكون نقطة من نقاط التفاوض الصعبة بالنسبة لروسيا، والدليل على ذلك أنه لم تعلن نتائج للمفاوضات حتى الآن”.
وصدرت المذكرة الفرنسية بعد أن أثبتت التحقيقات أن المواطن الفرنسي السوري صلاح أبو نبوت، لقي مصرعه نتيجة قصف منزله بالبراميل المتفجرة، حيث من الواضح أن بشار الأسد أمر وقدم الوسائل المساعدة لتنفيذ هذا الهجوم الذي وقع في درعا عام 2017، وكانت السلطات الفرنسية قد فتحت التحقيق بالحادثة منذ عام 2018.
ورحّب عمر صلاح أبو نبوت بالمذكرة متمنيا أن تُعقد محاكمة ويتم القبض على الجناة الذين تسببوا بقتل والده، وأن يقدموا للعدالة، أينما كانوا، حيث أن 6 من كبار الشخصيات العسكرية مستهدفون أيضا بإصدار مذكرات توقيف بحقهم بتهمة التورط في ارتكاب جرائم حرب.
وكان القضاء الفرنسي قد أصدر أول مذكرة ضد الأسد، العام الماضي، بسبب الهجمات التي شنها بغاز السارين، صيف عام 2013 على الغوطة الشرقية، حيث قُتل أكثر من ألف مدني.