أعلنت الحكومة السورية المؤقتة عن توحيد الرسوم الجمركية المفروضة على مختلف البضائع في جميع المعابر، مع تخفيضها عما كانت عليه في عهد النظام السابق.
وقال مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، إن نشرة الرسوم الجمركية الموحدة تسري على جميع الأمانات الجمركية في المنافذ البرية والبحرية والمطارات.
ورغم تخفيض الرسوم، إلا أن القرار أدى إلى رفع أسعار العديد من المواد المستوردة في الشمال السوري، وسط حالة من التخبط في الأسواق، بينما امتنع العديد من التجار عن بيع بعض المواد ريثما تستقر الأوضاع.
وكان نظام الأسد يفرض رسوما جمركية عالية، سببت ارتفاعا كبيرا في الأسعار ضمن مناطق سيطرته، فيما حافظت المواد المستوردة على أسعار أقل قيمة في الشمال السوري لأن الرسوم الجمركية التي كانت مفروضة في معبري باب الهوى شمال إدلب، وباب السلامة شمال حلب، أقل منها بكثير مقارنة مع رسوم حكومة النظام.
وأوضح مراسل حلب اليوم، أن قرار توحيد الرسوم أدى فعليا لارتفاع الأسعار في الشمال السوري، بنسب مختلفة تتراوح حول 10%، بالنسبة للبضائع المستوردة.
وحول تبريره للقرار قال علوش إن الرسوم الجمركية الموحدة راعت حماية المنتج المحلي من خلال تشجيع الصناعة عبر الرسوم المخفضة على المواد الأولية، كما أنها طبقت الرزنامة الزراعية لحماية الفلاح ودعم القطاع الزراعي.
وتحدث أيضا عن دعم القطاع الصناعي وتعزيز جذب الاستثمار، من خلال تقديم إعفاءات للمستثمرين وأصحاب المعامل الذين اضطروا لإخراج معداتهم أو منشآتهم نتيجة لظروف الحرب، ويرغبون بإعادتها إلى سوريا أو الذين يرغبون بإدخال معامل جديدة متكاملة.
وأضاف أن الرسوم الجديدة خفضت الرسوم المعمول بها سابقًا بين 50 إلى 60%، معتبرا أن ذلك سينعكس أثره على المواطنين بشكل مباشر في عموم الجغرافيا السورية، وسيعزز قدرة المواطنين على الاستهلاك وتلبية احتياجاتهم بأسعار معقولة بما يسهم في رفع مستوى معيشتهم.
ولفت مراسلنا إلى أن الأسعار في عموم الجغرافيا التي كانت خاضعة لسيطرة الأسد انخفضت بنسبة كبيرة، ناقلا عن عدد من التجار أن السبب لا يعود للرسوم الجمركية فقط، بل إلى انتهاء سيطرة الفرقة الرابعة التي كانت تفرض الرسوم والإتاوات على حركة البضائع ضمن البلاد، وأيضا تسيطر على تجارة مواد معينة وتقوم باحتكارها.
ولكن في الشمال السوري ارتفعت الأسعار بدلا من انخفاضها، وهو ما أثار موجة استياء في المنطقة التي تضم أكثر من 3 ملايين نازح دُمرت مدنهم وقراهم، ويعيش أكثر من 90 بالمائة منهم تحت خط الفقر، وتنتشر البطالة في صفوفهم بنسبة تصل لنحو 85 بالمائة.
ولا تزال أسعار المواد الغذائية المنتجة محليا ثابتة، بما في ذلك اللحوم الحمراء (ارتفع سعر الفروج بنسبة كبيرة ولكن قبل صدور القرار) والخضروات والفواكه، إلا أن أسعار المواد المستوردة زادت بقيم متباينة، حيث ارتفع سعر طن الإسمنت بقيمة 17$، وسعر طن الحديد بقيمة 60$، وسعر طن السيراميك بقيمة 50$، بالوقت الذي يحتاج فيه السكان لهذه المواد من أجل إصلاح بيوتهم ومحالهم المدمرة.
وزادت رسوم جمركة البسكويت بنحو 7 أضعاف، حيث زادت من 50$ إلى 300$، وارتفعت جمركة الطحين بعشرة أضعاف حيث زادت من 2$ إلى 20$.
كما مثل ارتفاع مواد قشور التدفئة المستوردة مشكلة كبيرة، حيث زادت بقيمة 100$ للطن الواحد، وهي نسبة كبيرة وسط حالة البرد التي يعيشها السكان خلال الشتاء، فيما ارتفعت أسعار المحروقات أيضا بعد ارتفاع ترسيم طن البنزين من 30 دولارا إلى 210 دولار.
وبحسب علوش فإن إصدار النشرة الجمركية، يعتبر الخطوة الأولى ضمن سلسلة من الخطوات تهدف إلى رفع مستوى معيشة الفرد وضمان حياة كريمة لهم، بالإضافة إلى دعم القطاع الصناعي والزراعي وتعزيز جذب الاستثمار المحلي والأجنبي.
وقد حررت السياسة الاقتصادية للحكومة الجديدة التجار من القيود التي كانت تفرضها سلطة الأسد على الاستيراد، كما أنهت احتكار شخصيات محددة لمعظم المواد، إلا أن التاجر والمستهلك في الشمال السوري تأثر بشكل سلبي، مما دفع عدة شركات في سرمدا بريف إدلب الشمالي للإغلاق حتى إشعار آخر، حيث يقول تجار إن ارتفاع الجمارك في معبر باب الهوى بنحو 3 إلى 5 أضعاف أمر غير مقبول.
وكانت بعض المصادر الإعلامية قد تحدثت عن إمكانية قيام الحكومة بإعادة النظر في قرارها، تلبية لمطالب الأهالي والتجار في الشمال، إلا أنها لم تصدر أي بيان رسمي حتى لحظة نشر التقرير.