أطلق الدفاع المدني السوري عملية تحت عنوان “أمل العائدين” نحو عودة آمنة للمهجرين لإزالة مخلفات الحرب، وذلك فور انطلاق عملية ردع العدوان، وتحرير المناطق التي كانت قوات الأسد تحتلها في الشمال الغربي، فيما لا تزال الألغام الأرضية تمثل مشكلة حقيقية حتى يومنا هذا، لنقص الإمكانات والقدرات الموجودة لدى الخوذ البيضاء.
وتمثل الألغام الأرضية بنوعيها (المضادة للأفراد وللدروع) مشكلة كبيرة؛ بسبب الحاجة لتجهيزات وفرق مختصة، فيما يعمل الدفاع المدني ضمن حدود قدراته المتاحة، ويجدد نداءاته المتكررة للأهالي بتوخي الحذر.
وتعمل الإدارة العسكرية على الحد من خطر الألغام وفق قدراتها المتاحة، حيث تقوم بتمشيط المناطق التي يُشك بوجود الألغام فيها عبر كاسحات قديمة الطراز من مخلفات قوات الأسد، كما تحاول استجواب العناصر والضباط السابقين حول خرائط وأماكن انتشارها.
يقول حمزة مصطفى، المتطوع في الدفاع المدني السوري، لموقع حلب اليوم، إن حملة أمل العائدين مستمرة حتى اليوم، “لأنها منذ انطلقت لم تكن محددة بإطار زمني، والهدف منها إزالة الأنقاض وفتح الطرق في المدن المدمرة، وجميعنا شاهد حجم الدمار الكبير الذي خلفته حرب النظام السابق وحلفائه على مدن وبلدات سوريا بشكل عام”.
ومن المقرر أن تستمر الحملة حتى انتهاء عمليات إزالة الأنقاض وفتح الطرق تمهيدا لعمليات إعادة الإعمار وعودة الحياة إلى مدن وبلدات سوريا بشكل عام وعودة الأهالي المهجرين إلى بلداتهم وقراهم.
وتشمل العملية أيضا إزالة مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة التي خلفتها سنوات طويلة من قصف قوات النظام وحلفائه على هذه المدن والبلدات.
أما بالنسبة لعمل الدفاع المدني السوري فيما يخص الألغام، فقد أوضح مصطفى أن الخوذ البيضاء لم تكن تعمل قبل سقوط نظام الأسد في الكشف عن الألغام أو إزالتها، وأن عمل الدفاع المدني السوري اليوم مقتصر على الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب من القنابل العنقودية، كالصواريخ غير المنفجرة ومخلفات الحرب العديدة التي سببتها حملات القصف الطويلة خلال السنوات الماضية.
أما بالنسبة للألغام الأرضية فالدفاع المدني السوري “لا يملك القدرة على التعامل معها، وتقوم فرق أخرى مختصة بهذه هذه العمليات، بهدف التخلص من خطرها”.
ولفت مصطفى إلى أن “الفترة الزمنية اللازمة لإزالة كل مخلفات الحرب لا يمكن التكهن بها، فهناك الكثير من الأنقاض.. أطنان كثيرة من مخلفات المدن المدمرة بشكل كامل، والحملة يمكن أن تمتد لسنة أو ربما أقل من ذلك، ولكن لا يمكن تحديدها بإطار معين لوقت إنهاء هذه الأعمال”.
وحول ما إذا كان فريق الدفاع المدني قد طلب دعما دوليا بشأن إزالة الألغام، أو أنه ينتظر أي مساندة خارجية، فقد رفض الإجابة عن هذا السؤال.
ونوّه مراسل حلب اليوم بأن العديد من المزارعين على وجه الخصوص، قد تعرضوا لإصابات خطيرة وقاتلة، في ريف إدلب الشرقي، منذ تحرير المنطقة.
من جانبه قال محمد سامي المحمد، منسق برنامج إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري، في تصريح لحلب اليوم، إن تلك الألغام تتركز في مدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي، وأيضا محيط مدينة معرة النعمان في ريفها الجنوبي.
وأضاف أن هناك الكثير من الذخائر غير المنفجرة في العديد من المناطق، وأن فرق الإزالة استطاعت التعامل معها خلال هذه الحملة.
ويواجه عناصر الدفاع المدني بعض المشاكل المتعلقة بانتشار الكثير من الألغام المضادة للأفراد والمضادة للدروع في عدد من المناطق وخصوصا ريف إدلب، حيث كان هناك شك كبير في انتشار عدد كبير من حقول الألغام في المدينتين المذكورتين وخاصة في الأطراف الشرقية، وحول النقاط التي اتخذتها قوات الأسد مقرات لها، وهو ما يعرقل بشكل كبير جدا العودة الآمنة لبعض المدنيين ممن تأثرت أماكن سكنهم أو منازلهم بسبب هذا النوع من التلوث الحاصل نتيجة لحقول الألغام.
أما بالنسبة لجهود الدفاع المدني السوري في مسح جميع الأراضي من الألغام وبقايا المتفجرات – يضيف المحمد – “نحن قادرون على التعامل مع أنواع محددة من الذخائر هي الصواريخ والمقذوفات والقنابل العنقودية، ولكن مع الأسف فإن فرقنا غير قادرة على التعامل مع الألغام الأرضية بنوعيها المضادة للأفراد والمضادة للدروع في الوقت الحالي”.
وتحتاج عملية إزالة الألغام الأرضية بنوعيها، بصورة أولية، إلى “جهود كبيرة جدا من الجميع لتحديد أماكن انتشار هذه الألغام وكيفية التعامل معها وأيضا للتخلص منها، وهذا من الممكن أن يمتد إلى شهور”.
وكان أحد المزارعين قد لقي حتفه بالقرب من مدينة سراقب خلال الأسبوع الماضي، جراء انفجار لغم مضاد للدروع أثناء فلاحته لأرضه، وذلك على الرغم من مسحها بكاسحة الألغام، حيث أوضح مراسلنا أن الإدارة العسكرية تقوم بمسح الأراضي وفقا للمتاح بمعدات بسيطة وبدائية.
وفي نداء جديد إلى الأهالي، دعا الدفاع المدني لتجنب مخاطر مخلفات الحرب، مناشدا المدنيين “بعدم الدخول إلى القرى والبلدات والأراضي التي كانت ضمن خطوط التماس سابقاً مع نظام الأسد البائد وعدم الدخول للمنازل المدمرة أو سلك طرق غير مستخدمة، وعدم الاقتراب من الثكنات والمقرات العسكرية والحواجز السابقة والسواتر الترابية والخنادق، والحذر من أي جسم غريب، وعدم لمسه أو تحريكه والإبلاغ عنه”.
وكان نظام الأسد السابق والمليشيات الموالية له قد تعمدوا زرع الألغام في مناطق حيوية، وفي الأماكن التي يُتوقع تحرك المدنيين فيها، لقتل أكبر عدد ممكن.