تشهد سوريا عودة محدودة للاجئين في الدول المجاورة إلى مدنهم وقراهم، شمالا وجنوبا، إضافة إلى حركة ضعيفة أيضا لعودة النازحين داخليا، نحو مناطقهم المدمرة.
ويعيش ملايين السوريين منذ سنوات في دول الجوار، منهم 2.9 مليون في تركيا (انخفض عددهم بشكل كبير خلال العامين الفائتين حيث اقترب العدد في السابق من حاجز 4 ملايين)، بينما يعيش في لبنان نحو 1.5 مليون وفقا لأقل التقديرات، مع العلم بأن الحكومة تتحدث عن أرقام أكبر من ذلك، فيما يعيش في الأردن نحو 800 ألف شخص، وبضعة آلاف في العراق.
أما على الصعيد الداخلي فيوجد نحو 3.3 مليون نازح شمال غربي البلاد، وهم يمثلون نصف عدد السكان، ويعيش نحو 1.8 من هؤلاء النازحين في المخيمات.
وبحسب تقرير لفريق منسقو استجابة سوريا، فإن عدد السوريين العائدين من دول الجوار إلى بلدهم، بلغ نحو 75 ألف شخص فقط، منذ سقوط النظام حتى اليوم، وهو رقم ضئيل بالمقارنة مع العدد الكلي الذي يتراوح بين 5 و 6 ملايين شخص، فضلا عن اللاجئين في مختلف دول العالم.
يقول الشاب محمد سليم، المقيم في تركيا، لموقع حلب اليوم، إنه لا يزال هناك رغم رغبته الكبيرة في العودة، لأن الأوضاع ليست جاهزة بعد، حيث يعتزم البقاء لعدة أشهر أخرى.
وأوضح أنه ملتزم وزوجته بأعمال في بلد اللجوء، حيث يريد إنهاءها على مهل، قبل أن يعود لسوريا، وذلك ريثما تتحسن الأوضاع داخل البلد.
ويعمل الشاب في مجال صناعة الألبسة، حيث يمتلك خبرة جيدة في العمل على المقصات الصناعية، وهو ما يتوفر في سوريا لكن قطاع النسيج ما يزال يعاني العديد من المشاكل.
كما ينتظر الزوجان نهاية الدوام في المدارس قبل أن يعودا لبلدهما، لعلّ الحكومة الجديدة تكون قد تمكنت من حل جزء لا بأس به من المشاكل الخدمية.
وأكد وزير الكهرباء في حكومة تصريف الأعمال، عمر الشقروق، أمس الأربعاء، أنّ تحسين الواقع الكهربائي في سوريا يحتاج إلى 3 سنوات للوصول إلى تزويد المواطنين بالتيار على مدار 24 ساعة.
وأوضح أنهم وضعوا خطة تتضمن عدة مراحل وتمتد إلى سنوات، وأن إعادة الربط الكهربائي مع الأردن يحتاج إلى 6 أشهر من الصيانة للدخول في الخدمة بشكلٍ كامل.
كما أن الدمار الواسع في البنية التحتية يحتاج لدعم دولي، وفقا لمراقبين، وهو ما يتطلب إطلاق مشاريع إعادة الإعمار، التي تتطلب هي الأخرى سنوات لبدئها.
ووفق تقرير منسقو الاستجابة، فإن تركيا تصدرت قائمة الدول التي عاد منها اللاجئون، حيث اقترب عددهم من 34 ألفا، وذلك منذ سقوط النظام وحتى نهاية العام الفائت، فيما عاد نحو 20 ألفا من لبنان، ونحو 21 ألفا من الأردن.
وداخليا عاد أكثر من 52 ألف نازح من مخيماتهم التي يقع معظمها شمال غربي البلاد، ونحو 37 ألف شخص ممن كانوا نازحين في القرى والبلدات التي كانت أكثر أمنا.
ويؤكد التقرير أن عدد العائدين أقل من المتوقع، بسبب الصعوبات التي يجدونها في مناطقهم، مؤكدا أن الكثيرين أجلوا عودتهم لأشهر في انتظار تحسن الواقع، حيث ستزيد عودة الخدمات الأساسية من عودتهم.
كما يوجد ملايين آخرون في دول الاتحاد الأوروبي، في انتظار العودة، إلا أنهم فضلوا التريث أكثر من غيرهم، وهؤلاء قد يطول انتظارهم لفترة أطول، وفقا لما يقول “محمد .ع” المقيم في السويد، لحلب اليوم.
وأوضح أنه بدأ التفكير بالعودة فور سقوط النظام، وذلك رغم حصوله على الجنسية السويدية، إلا أنه وعقب التواصل مع ذويه وإطلاعهم له على تفاصيل الواقع وحجم الدمار في قريته؛ اختار الانتظار لعام آخر.
يقول الرجل الأربعيني إنه يرغب في تربية أبناءه وبناته في بلدهم، بعيدا عن الثقافة والعادات الغربية، لكنه لا يستطيع في المقابل القفز نحو المجهول بهذه السرعة، وفقا لتعبيره.
وأشار إلى أن وسائل الإعلام الغربية، تتحدث أيضا عن التريث في دعم الحكومة الانتقالية بسوريا، وإطلاق مشاريع إعادة الإعمار، كما ينصح العديد من المسؤولين هناك السوريين بعدم استعجال العودة، رغم وجود حالة من التفاؤل بشأن المستقبل.
ومنذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، هُجّر نحو 13 مليون سوري من ديارهم؛ منهم من نزح داخل البلاد، ومنهم من هاجر باتجاه دول الجوار وبقية دول العالم، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
وتعد ألمانيا في المرتبة الأولى بقائمة الدول الأوروبية التي تضم لاجئين سوريين، كونها البلد الأكثر استقطابا لهم، ويقُدر عددهم هناك بما يقرب من المليون، وتأتي السويد في المرتبة الثانية حيث يقترب عدد السوريين هناك من 250 ألفا، فيما تصل أعدادهم في هولندا إلى نحو 65 ألفا، وتقترب في النمسا من المئة ألف، فضلا عن 50 ألف سوري في اليونان، ويوجد أيضا مئات الآلاف موزعين على كافة دول الاتحاد الأوروبي.