يبرز قانون قيصر كأحد أهم العوائق أمام تحسّن الاقتصاد السوري، وأُقرّ هذا القانون في عام 2019 ليَفرض عقوبات اقتصادية صارمة على نظام الأسد والداعمين له، لكنه أثار جدلاً واسعًا حول تداعياته على مستقبل إعادة الإعمار، ودوره في تعميق معاناة الشعب بعد سقوط نظام الأسد.
وفي حديث مع “حلب اليوم” قال المحامي “عمار يوسف” إن قانون قيصر أرهق الاقتصاد السوري منذ الإعلان عنه مشيرًا إلى أن القانون تسبب بتضاعف معدلات التضخم عشرات المرات، وأصاب قطاعات حيوية، مثل قطاع الطاقة بالشلل، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطن السوري الذي أصبح يعيش تحت خط الفقر.
وأكد “يوسف” أن السوريين يحلمون ببناء دولة جديدة بعد سقوط نظام الأسد، إلا أن هذا الحلم مرتبط بعقوبات قانون قيصر، الذي فرضته الولايات المتحدة لمدة عشر سنوات بدءاً من عام 2019، موضحاً أن القانون استهدف أفرادًا وشركات وحكومات على صلة بالتجارة والاقتصاد مع نظام الأسد، وخص بالذكر إيران وروسيا، مما سيؤثر بشكل مباشر على تحديد الدول المسموح لها بالمشاركة في إعادة إعمار سوريا.
وفي ختام حديثه، أشار “يوسف” إلى أن تسريع تجميد قانون قيصر بعد سقوط النظام يتطلب جهدًا كبيرًا من الحكومة الجديدة، والتي يجب أن تعالج قضايا هامة مثل اضطهاد الأقليات، حقوق المرأة، وقضايا الرأي العام، وهو ما شددت عليه وزارة الخارجية في الاتحاد الأوروبي.
وقال المحلل السياسي عبد الوهاب عاصي في تصريح خاص لـ”حلب اليوم”، إن الحكومة الجديدة في دمشق تحتاج إلى اتخاذ خطوات ملموسة للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لتجميد قانون قيصر أو العقوبات المفروضة على سوريا بموجبه.
وأشار إلى أن هذه الخطوات يجب أن تتضمن إرسال تطمينات واضحة بأنها ملتزمة بحماية حقوق الإنسان ومعاقبة مرتكبي الجرائم ضمن مسار واضح للعدالة الانتقالية، على أن لا يكون ذلك قائماً على الانتقام أو يؤثر على مبدأ حماية الأقليات، الذي تعتبره واشنطن شرطاً أساسياً للاعتراف بالحكم الجديد في دمشق والتعاون معه.
وأضاف عاصي أن التعاون مع جماعات الضغط السورية في الولايات المتحدة يمكن أن يلعب دوراً مهماً في حث واشنطن على تجميد العمل بالقانون أو إصدار استثناءات خاصة، مشيراً إلى أن قانون قيصر يعرقل الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في سوريا، فضلاً عن تأثيره السلبي على الاستجابة الإنسانية الطارئة والملحة التي تحتاجها البلاد حالياً. ولفت إلى أن هذه الإجراءات يمكن أن تسهم في خلق بيئة آمنة لعودة اللاجئين.
وأكد عاصي أن جميع العقوبات المفروضة حالياً، سواء الأمريكية أو الأوروبية، تُشكّل عائقاً أمام الاستقرار، والتعافي المبكر، وإعادة الإعمار. وشدد على ضرورة الدفع نحو تعديل آلية العمل بالعقوبات أو إصدار استثناءات تُساعد على إيصال المساعدات إلى جميع المناطق والمحتاجين، وتُهيئ المجال للدفع نحو تحقيق الاستقرار.
قانون “قيصر” سُمِّي بهذا الاسم نسبة إلى شخص عُرف بلقب “قيصر” وهو اسم مستعار لمصور عسكري سوري سابق، حيث انشق “قيصر” عن نظام الأسد عام 2014، و سرّب 55 ألف صورة لـ 11 ألف سجين قُتلوا تحت التعذيب، وعُرضت صوره في مجلس الشيوخ الأمريكي، وأثارت ردود فعل عالمية غاضبة في ذلك الوقت.
جودي يوسف