بعد سنوات من الصراع الذي أثر بعمق على كافة مناحي الحياة في سوريا، باتت الحاجة ملحّة لإعادة بناء المجتمع وترسيخ أسس السلم الأهلي وضمان الاستقرار والتنمية المستدامة.
يعتبر السلم الأهلي ركيزة أساسية لعملية إعادة إعمار سوريا، فهو ليس مجرد غياب للصراعات، بل يشمل تعزيز قيم الحوار، التسامح، والعدالة الاجتماعية.
أكد الناشط المجتمعي جبران بشير، من مدينة اللاذقية، في تصريح خاص لقناة “حلب اليوم“، أن تحقيق السلم الأهلي في سوريا يتطلب تطبيق العدالة الانتقالية ومحاسبة جميع الأطراف التي ارتكبت مجازر.
وأوضح أن الاجتماع بين الناس والتحاور بعيدًا عن الانفعالات العاطفية، والعمل على خلق بنية اجتماعية ذات مصلحة مشتركة، كدعم ورعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، هو الأساس لبناء مجتمع متماسك.
وأضاف بشير: بدون عدالة انتقالية ومحاسبة حقيقية، ستبقى الأوضاع متوترة، وسيظل السلم الأهلي بعيد المنال.
وأكد على أهمية سحب السلاح من الأفراد غير المخولين وتوجيهه إلى المكان الصحيح، مع تعزيز انتشار عناصر وزارة الداخلية والأمن العام لتوفير الأمن والاستقرار.
وأشار إلى ضرورة فتح قنوات للحوار وخلق أنشطة تُشرك مختلف فئات المجتمع، لتعكس صورة أن السوريين، على اختلاف توجهاتهم، قادرون على العمل معًا لبناء بلدهم، وبيّن أن هذا يشمل أيضًا تنظيم فعاليات تُظهر قدرة الشعب على تجاوز الخلافات لصالح مصلحة وطنية عامة.
وتحدث بشير عن حالة الغضب والغليان التي يعيشها الشارع السوري، موضحًا أنها تنقسم إلى نوعين: الأول ميداني كما شهدناه في مظاهرات اللاذقية يوم الأربعاء، احتجاجًا على الاعتداء على مقدسات أهل المدينة، وهذا يعكس قدرة الشعب على التعبير عن رأيه بشكل مباشر وهو أمر جيد.
أما النوع الآخر فهو غضب مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، والذي يُعد سلاحًا ذا حدين بسبب صعوبة ضبطه ووجود محرضين من مختلف الأطراف قد يثيرون الفتن.
وأكد بشير على دور المثقفين في هذه المرحلة الحساسة، داعيًا إياهم إلى التواصل بوضوح مع جميع فئات الشعب، والابتعاد عن المصطلحات التي روج لها النظام السوري طيلة العقود الماضية وشدد على أهمية التوازن في الخطاب، ونقل الحقائق السلبية دون تضخيمها، مع تسليط الضوء على الأحداث الإيجابية لتعزيز الأمل والعمل المشترك.
وختم الناشط بقوله: بتقديري، الحل لبناء السلم الأهلي يبدأ بالحوار. أنا أدعم الحوار وأرى ضرورة تنظيم لقاءات تجمع جميع الأطراف لمشاركة المخاوف والأحلام، بما يسهم في تقريب وجهات النظر وتمهيد الطريق لمستقبل أفضل لسوريا.
وتمثل المحاسبة خطوة أساسية لتحقيق السلم الأهلي في سوريا، لكنها تتطلب إرادة سياسية وإجماعاً مجتمعياً لتفعيلها بشكل عادل. من خلال تطبيق المحاسبة على أسس شفافة، يمكن للسوريين بناء مستقبل أكثر استقراراً وعدالة.