وصل وزيرا الخارجية الأردني والقطري كلّ على حدى، إلى العاصمة السورية دمشق، اليوم الاثنين، للقاء أحمد الشرع قائد الإدارة السياسية، وأسعد الشيباني وزير الخارجية السوري.
ويعتزم المزيد من الوزراء العرب زيارة دمشق، فيما ترسل العواصم العربية بتصريحات إيجابية، وسط حالة من الترحيب بالواقع الجديد في سوريا، عقب الترحيب الغربي الحذر.
من جانبه أكد وزير الخارجية المصري “بدر عبد العاطي” على أهمية تكثيف الدعم الإقليمي والدولي لسوريا خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها، وجاء ذلك خلال سلسلة اتصالات أجراها مع نظرائه من الإمارات والأردن والعراق والجزائر.
وقد أعلنت عمّان وصول وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى دمشق واجتماعه مع أحمد الشرع في قصر الشعب، فيما أعلنت الدوحة وصول وفد قطري برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية.
ماذا تريد الدول العربية من سوريا اليوم؟
يقول مظهر سعدو، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري، في إفادته لموقع حلب اليوم، إن المطلوب بشكل أساسي ضبط الحدود باتجاه الأردن وإنهاء تهريب الكبتاغون الذي كان سائدا أيام النظام المجرم السابق، وأيضا الدخول في العملية السياسية، وعودة اللاجئين وهو ما يهم الدول المجاورة خاصة، بمعنى آخر استتباب الأمن، وتأمين الخدمات من أجل عودة اللاجئين بشكل مباشر، ومن ثم “عودة سوريا إلى الجامعة العربية كدولة محورية وأساسية، غير معتدية على أحد كما يقال”.
بدوره قال أحمد فهيم المحلل السياسي الفلسطيني الأردني، لحلب اليوم، إن الأردن دولة جوار مع سوريا ولا يمكن أن يكون في معزل عن العملية السياسية الحاصلة الآن، بل يجب أن يكون حاضرا وبقوة لأنه عانى خلال فترة النظام السوري لا سيما بعد العام 2011 خلال الثورة، حيث كانت هناك حالة تنمر معلنة وغير معلنة من قبل النظام السابق تجلت على شكل محاولات مستمرة لاختراق الشريط الحدودي عبر عصابات تهريب السلاح والمخدرات رغم كل ما قدمه الأردن من مساعي لإعادة دمج هذا النظام في منظومة العمل العربي وضمن الجامعة العربية.
وقال الصفدي في تصريحات له من دمشق اليوم، إن بلاده مستعدة لتقديم كل الدعم لسوريا، مضيفا أن إعادة بناءها أمر مهم لعمان وللمنطقة كلها، ومتعهدا بمساعدة السوريين في عملية إعادة الإعمار، حيث يريد اللاجئون السوريون العودة إلى وطنهم، عودةً طوعيةً وآمنة.
ونوّه الصفدي بأن الإدارة الجديدة في سوريا، لا بد أن تأخذ وقتها لوضع خططها، حتى تدعم الأردن العملية الانتقالية في سوريا وصياغة دستور جديد للبلاد، معربا عن أمله في أن تكون هناك حكومة تمثل جميع الأطياف في سوريا.
وأضاف أنه ناقش مع الشرع موضوع الإرهاب، موضحا أن بلاده ستقف مع سوريا في مواجهته لأنه “خطر يهددنا جميعا”، وأن “الدول العربية متفقة على دعم سوريا في هذه المرحلة دون أي تدخل خارجي”.
ولفت المحلل السياسي الأردني إلى أن تعامل عمّان مع النظام كان مبنيا على قاعدة الأمر الواقع في ظل المواقف الدولية التي كانت قائمة في ذلك الحين، فالمجتمع الدولي كان يسوّق نظام الأسد على أنه أمر واقع وباق في السلطة في ظل المغالبات التي كانت قائمة بين أقطاب السياسة العالمية ممثلة بروسيا وأمريكا، لذا فقد اضطر الأردن للتعامل مع سياسة الأمر الواقع التي كانت قائمة وحاول أن يفتح مجالا للتواصل على الأقل من أجل اتقاء الشرور المترتبة على إبقاء هذا النظام في السلطة، وإقامة شكل من أشكال التوازن القائم على هذا المسار.
ولكن كل هذه المحاولات – يضيف فهيم – لم تنجح في ثني النظام المخلوع عن نواياه السلبية، حيث كان يضمر الشر ليس فقط للأردن بل لمعظم دول المنطقة ويعمل على قاعدة العميل المزدوج ويكيل المؤامرات بالجملة للجميع، و”ثبت أنه ليس في أي محور لا محور المقاومة ولا غيره، ولم ينسجم مع باقي المحاور السياسية الأخرى القائمة في المنطقة”.
وأكد أن الأردن اليوم أمام معادلة جديدة تُفرض عليه أيضا بنفس المنطق الذي كان قائما أيام النظام السوري، فالمجتمع الدولي بدأ يتعامل مع العملية السياسية الموجودة في سوريا والقوى العظمى أيضا كذلك، وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية، فهي اليوم في واجهة المشهد حيث اجتمع وفد أمريكي مع أحمد الشرع، ويمثل هذا شارة البدء لمجموعة وسلسلة من الزيارات المكوكية التي قام بها عدد من كبار المسؤولين العالميين والأمميين.. “أمس زار الأتراك دمشق واليوم الأردن هو أول دولة عربية تزور سوريا للأسباب التي ذكرناها نظرا لخصوصية هذه العلاقة”.
ما المطلوب من الحكومة الانتقالية؟
يرى سعدو أن المطلوب اليوم من الحكومة السورية المؤقتة هو أن تنجدل بعلاقات منطقية، مبنية على الاحترام المتبادل مع الدول العربية، وترسل رسائل ود وتآلف مع هذه الدول، وأن يكون هناك تعامل من أجل ما بعد ذلك، من أجل عملية البناء ودعم إعادة الإعمار، وهو موضوع مهم جداً، بالتالي لا بد من علاقة ودية مع هذه الدول العربية، “فنحن كسوريين جزء من العرب، وبالتالي لا بد أن تكون هناك علاقات جيدة مع الدول العربية المحيطة”.
وشدد وزير خارجية مصر في تصريح له صباح اليوم، على “موقف مصر الثابت الداعم للدولة السورية” مع التأكيد على احترام سيادتها ووحدة أراضيها وتوحيد الجهود لتسهيل عبور سوريا في هذه المرحلة الحرجة.
وقالت الخارجية القطرية في بيان، إن وزير الدولة بوزارة الخارجية وصل إلى دمشق على رأس أول وفد قطري رفيع المستوى بعد قطيعة مع النظام السابق استمرت 13 عاما، لتأكيد “متانة العلاقات الأخوية الوثيقة بين دولة قطر وسوريا الشقيقة”، و”حرص قطر على استمرار دعمها للشعب السوري والحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها”.
وقال المحلل السياسي الأردني إنه بات جليا اليوم أن هذه السلطة الموجودة في سوريا للإشراف على عملية انتقالية قد تصبح سلطة دائمة وليست مؤقتة، و”المتتبع السياسي ومن يستمع إلى تصريحات قادة دول العالم ومن يشاهد الزيارات التي تتجه صوب العاصمة السورية دمشق يخلص إلى أن قيادة الشرع ربما تبقى فضلا عن أنها تحظى بقبول لدى الجمهور السوري الذي يجد فيها القائد المحرر من بطش نظام الأسد”.
وفي حال حصلت عملية انتخابية – يضيف فهيم – فإن الشرع غالبا سيكون رئيسا للدولة السورية بالتالي فإن الأردن كباقي دول العالم من أكثر الدول المعنية بإقامة علاقات جيدة وإستراتيجية مبنية على حسن الجوار فالأردن معني بتسوية الكثير من الملفات العالقة، من بينها ملف اللاجئين السوريين والعودة الطوعية، كما يواجه الأردن مشكلة مائية أيضا، وقد يكون في حاجة إلى فتح آفاق تتعلق بتزويده بالماء بعيدا عن أوراق الضغط الصهيوني في هذه المسألة.
وأشار إلى أن عمان معنية بالأمن وبحماية الشريط الحدودي من تجار المخدرات ومحاولات الاقتحام التي كانت تجري على نحو مؤسف تسبب في إشكالية كبرى داخل الأردن خلال فترة النظام، وهناك الكثير من الملفات والمواضيع التي يمكن أن تبحث خلال هذه الزيارة، فضلا عن كونها زيارة استكشافية، حيث يريد الأردن من خلالها أن يطلع على طريقة تفكير هذه السلطة الانتقالية والتوجهات السياسية العليا للدولة خلال الفترة القليلة القادمة.
يشار إلى التحليق المكثف لطائرات الاحتلال الإسرائيلي في ريف القنيطرة الجنوبي وريف درعا الغربي، منذ صباح اليوم، كما سُمع دوي الطائرات في دمشق، بينما يخشى السوريون حدوث توغل جديد للدبابات الإسرائيلية جنوبي البلاد.