رغم تحرير سوريا من سيطرة قوات الأسد، وطرد الميليشيات الإيرانية من البلاد، لا يزال حلم العودة يراود النازحين في الخيام العشوائية، فضلا عن كثير من اللاجئين في الخارج، وذلك بسبب الدمار الواسع الذي لحق بمناطقهم.
وفيما لا يزال الآلاف مهجرين من شرقي البلاد، حيث تفرض قوات قسد سيطرتها حتى الآن، فإن أكثر من مليون نازح في الشمال الغربي بات بإمكانهم زيارة منازلهم المدمرة، دون أن يستطيعوا العيش فيها.
وبحسب تقديرات فريق منسقو استجابة سوريا، فإن عدد المخيمات في شمال غرب سوريا يبلغ أكثر من 1600 مخيماً، يقطنها أكثر من 1.8 مليون نسمة، بما في ذلك 514 مخيما عشوائيا، يقطنها 311,782 نسمة.
ويشكل الأطفال الغالبية الساحقة من مجموع السكان بتلك المخيمات، يليهم الإناث، حيث يوجد نحو مليون طفل دون سن البلوغ، ويبلغ عدد الإناث 476 ألفا، وعدد الذكور 317 ألفا؛ ومن ضمن هولاء جميعهم هناك 73188 من ذوي الاحتياجات الخاصة، و22552 من الأرامل والنساء دون معيل.
يقول عامل في المجال الإنساني ومطلع على الأوضاع – فضل عدم الكشف عن اسمه – لحلب اليوم، إن حلم النازحين الذين يقيمون في المخيمات شمال غرب سوريا، بالعودة لمناطقهم وقراهم، لا يزال بعيد المنال إلى حد ما.
ويعاني سكان المخيمات ظروفا قاسية منذ سنوات، حيث يقول منسقو الاستجابة إن نسب العجز في الاستجابة الإنسانية ضمن المخيمات يتراوح ماربين 60 في المائة و90 في المائة، بالنسبة لمختلف القطاعات من الأمن الغذائي وحتى سبل العيش والمياه والإصحاح، والصحة والمأوى والتعليم.
ومن أبرز المشاكل التي يواجهها النازحون ضمن المخيمات هي البيئة غير الصحية ومخاطر التلوث، وخاصةً في المخيمات العشوائية، وانتشار حفر الصرف الصحي المكشوف، إضافة إلى الحرمان من مصادر الدخل الأساسية، والاعتماد على المساعدات الإنسانية فقط، فضلاً عن توقف الأطفال عن الدراسة، والنقص المستمر في الغذاء والماء، وانعدام أبسط الخدمات اليومية.
ويأمل هولاء النازحون في الحصول على دعم يمكنهم من استصلاح منازلهم المدمرة، ريثما يجري ترتيب عملية إعادة الإعمار، حيث من الواضح أنها ستكون طويلة الأمد، وغير معروفة النتائج.
تقول يمن حلاق الباحثة في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لموقع حلب اليوم، إن هناك الكثير من المناطق التي دمرت في كل أنحاء البلاد، والأمر مرتبط بحل شامل مبني على خطة متكاملة، إلا أنه ما يزال من المبكر الحديث عن التفاصيل.
وأضافت أن “السيناريو المستقبلي لا يزال غير واضح، فهل سيتم تمويل إعادة تأهيل البنى التحتية فقط، أم سنصل إلى مستويات أعلى مثل إعادة إعمار المنازل والممتلكات؟ لا نعلم إلى أي درجة سيكون المجتمع الدولي مستعدا لدفع الأموال؟”.
وأشارت إلى أن “مشاريع التعافي المبكر التي كانت من المقرر أن تبدأ مع بداية العام الحالي 2024، بدعم أوروبي، لم تنطلق حتى الآن، ولا نعلم السبب لكن في الغالب فإن المشكلة متعلقة بالتمويل، أو الخلافات حول الصندوق المخصص للعملية والتفاصيل المتعلقة به”.
وبالعودة لما صرح به العامل الإنساني لحلب اليوم، فقد أكد أنه “في الوقت الحالي لا يوجد دعم للمناطق المحررة التي دمرتها قوات الأسد والميليشيات، لأن الأمر حدث بشكل طارئ، ولكن يجري العمل على الاستجابة لهذا الموضوع”.
وأوضح أن تلك القرى والمدن مدمرة بشكل كامل وغير صالحة للحياة، ولا توجد فيها خدمات للبنية التحتية ولا شبكات، كما أن الطرق والأبنية مدمرة، فهي مكان غير صالح للعيش.
وأكد أن الأولوية لدى العاملين في المجال الإنساني حاليا هي تأمين الإيواء وأماكن السكن، بحيث يستطيع الإنسان العيش في تلك المناطق.
وحول تقديم الدعم للسكان حتى يتمكنوا من إعادة إعمار منازلهم فقد ذكر أن هذا بحاجة لجهود دولية وحكومية، وتكاتف من عدة دول للمساعدة في إنجاز هذا الموضوع، لأن الشعب لا يستطيع بقدراته المحلية إعادة الإعمار بسبب الكلفة العالية، “فنحن نتكلم عن بلد كامل شبه مدمر سواء في ريف حلب أو في ريف إدلب أو ريف حمص.. ريف حماة.. ريف دمشق.. ونصف مدينة حلب في أحياءها الشرقية مدمرة أيضا”.
ولفت إلى أن المناطق التي بقيت خاضعة لسيطرة قوات الأسد، أو بقي فيها بعض السكان، فإن النظام كان يعاقب أهلها ممن بقوا في منازلهم، ولم يقدم لهم أي خدمة، مؤكدا أنه زار سابقا تلك المناطق واطلع على أوضاعها عن كثب.
وكانت بريطانيا قد أعلنت اليوم، تقديم حزمة مساعدات بقيمة 63 مليون دولار لتلبية احتياجات السوريين، في اول تحرك فعلي تجاه الإطاحة بنظام الأسد منذ الأسبوع الماضي.
وقالت في بيان إن المساعدات ستوفر دعمًا فوريًا لأكثر من مليون شخص بما يشمل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية الطارئة والحماية، كما ستُخصص الأموال التي ستُوزع عبر قنوات الأمم المتحدة لإعادة تأهيل الخدمات الأساسية مثل المياه والمستشفيات والمدارس.
يشار إلى أن العديد من المناطق السورية لا تزال تشهد حالات انفجار لمخلفات حربية وتحديدًا في المناطق التي كان يسيطر عليها النظام سابقا ما يسبب سقوط العديد من الضحايا والإصابات بين المدنيين، وفقا لفريق استجابة سوريا، الذي سجل أكثر من 22 حادثة انفجار لمخلفات حربية أسفرت عن مقتل 20 مدنيًا بينهم 3 نساء و4 أطفال، منذ سقوط النظام.